عبدالله بن عبدالعزيز الفالح ">
لقد أمرنا الله تعالى بسلوك هذا النهج العظيم، ألا وهو العدل والحكم بالحق دون إجحاف بحق الآخرين أو ظلم لأحد من الناس، وهذا هو مبدأ وعمل القضاء والقضاة، وهو الأصل في ميزان العدل وإعطاء كل ذي حق حقه.. صحيح أن هناك أخطاء تقع في تلك المشكلة أو القضية.. إلا أن الحق يجب أن يسود ويبقى سواء من قبل القاضي أو غيره، فنحن جميعاً مأمورون أن نتوخى ونحرص قدر الإمكان وقدر المستطاع على إعطاء الحق لأهله دون ظلم أو ابتعاد عن الصواب، إن للقضاء والقضاة المكانة الكبيرة في بلادنا وفي المجتمع المسلم عامة، فهم الذين يُدافعون ويُنافحون عن حقوق المسلمين وأعراضهم، بل ويوجهون الناس ويُرشدونهم إلى معالي الأخلاق وإبعادهم وتحذيرهم من سلوك سبيل الغواية، أعاذنا الله جميعاً منها، لذلك يأتي أثر رجال وأهل القضاء البالغ والواضح في المجتمع الإسلامي.
كما أنه يجب أن يكون للقضاة والقضاء هيبتهما ومكانتهما الحقيقية دون إجحاف أو ميل عنها.. حتى يأخذ القضاء لدينا مكانته ومنزلته، وعلى الشيخ القاضي هو الآخر أن يسعى بكل ما أوتي كي يجعل للقضاء هيبته وقوته وموضعه الصحيح والسليم بين الناس وأن يعطي لصاحب الحق حقه، وألا يجعل هناك مجالاً للتندّر وضعف احترام للقضاء من بعض الناس لا قدّر الله.
وأما أهل الحسبة جزاهم الله خيراً فهم الآخرون لهم من الاحترام والتقدير، لأنهم يمنعون أصحاب المنكرات من ارتكاب منكراتهم حفاظاً على دينهم وأخلاقهم، ولأنهم يُرشدونهم إلى أعمال الخير والتقوى ويُبعدونهم عما سوى ذلك. فكم أنقذ أهل الحسبة من ضال وعاص يُحاولون جهدهم أن يبعدوه عن بؤر وبراثن السوء، وكانوا سبباً في هداية كثير من الناس بارك الله فيهم وأجزل لهم المثوبة والأجر.
الواجب علينا أن نكون مع أهل الحسبة رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا أن نكيل لهم التهم جزافاً دون ترو، وأن نعي ذلك الدور الإيجابي الكبير من خلال الأعمال الجليلة لرجال الهيئة، وأن لا نرمي بالأقوال أو نبالغ في انتقاد أخطائهم فهم بشر يُخطئون كما يخطئ الآخرون. لكن صوابهم أكثر من خطئهم، ولنكن من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فهذه المسؤولية الكبيرة والعظيمة لا تقتصر فقط على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
جعلنا الله دائماً مع أهل الحق وأن نقدر القضاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجاله، وأن نكون من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.