عبدالله بن حمد الحقيل ">
لقد كانت الدرعية مدينة حضارة وعمران ولقد حدثنا المؤرخ ابن بشر عنها إبان ازدهارها حيث يقول كنت قوية بأهلها وكثرة رجالها وأموالها لا يقدر الواصف صنعتها ولا يحيط العرف بمعرفتها يأتيها الناس من شتى الآفاق من الحجاز وعمان والبحرين واليمن والشام في مكان مرتفع ونظرت سوقها وكثرة ما فيها من الخلائق.. حتى دمرها الطاغية إبراهيم باشا وقطع نخيلها وأشجارها ولم يرحم صغيرها ولا كبيرها.
وبدعوة كريمة من الصديق منصور بن شلهوب جرى تنظيم جولة على حي البجيري بصحبة مدير المراسم في الهيئة العليا لتطوير الرياض الأستاذ خالد بن شلهوب حيث تجولنا في هذا المنتجع والمعلم الرائع الذي قامت به الهيئة العليا لتطوير الرياض ونفذ بأجمل صورة حيث عشنا في أجواء التاريخ ومرابعه ومراتعه ووقفنا أمام جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومكتبته متنقلين بين النخيل والجداول المنسابة والمروج الخضراء والممرات الجميلة، ولقد كان تنفيذ هذا الصرح العملاق بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله-.. لقد أمضينا ساعات بين الأصالة والمعاصرة والتراث العمراني فكانت لوحة ذهنية تاريخية ناصعة تتراءى لي ولا تغرب عن خيالي وخاطري ومجال القول ذو سعة في تاريخ هذا المكان الذي انطلق تاريخ التأسيس لهذه البلاد على الكتاب والسنة كما لا ننسى دور هيئة السياحة والآثار بمحافظتها على التراث واهتمامها بهذا المكان.
لقد كان المكان جميلاً ومتألقاً وهو ما تبحث عنه الأسر من أجواء حميمية رائعة وأماكن للنزهة والجمال ويضم بين جنباته مختلف المطاعم والمقاهي والتراثيات والحلويات والعطورات والملابس والمشالح والأسر المنتجة مع التنوع في أماكن الجلوس والاستمتاع بالطبيعة وينطبق عليه قول الشاعر العربي:
الأرض قد كسيت رداء أخضرا
والطل ينثر في رباها جوهرا
إنه معلم حضاري جدير بالمحافظة عليه وعلى جماله وحسنه وتراثه وكافة مرافقه وحدائقه.. إنه مشروع حضاري وتاريخي واستثمار حقيقي وكم في بلادنا من مرابع ومراتع وسهول وجبال ووهاد تحتاج منا أن نخصها برحلات وزيارات فنحن نحب هذه الأرض وطنية ونعشقها عاطفة ونرتادها حباً وانجذاباً وبراً بالوطن ووفاء بوعده وحبه وودعت هذا المكان التاريخي الجميل قائلاً:
بلادي بها ما يملأ النفس بهجة
وتسلى عن الأوطان كل غريب
وهكذا ودعنا هذا المكان بعد أن أمضينا في ربوعه وقتاً حافلاً بالمتعة ومليئاً بالفائدة التاريخية.