محمد بن فهد العمران
لا شك أن أمام وزارة الإسكان تحديات مهمة جداً، تتعلق بالمواطن السعودي مباشرة. ولكن - مع كل احترام وتقدير - عندما نشاهد معالي وزير الإسكان يتحدث في منتدى أسبار عن «الفكر» كمشكلة، ويخصص لذلك وقتاً طويلاً، فأرجو أن لا يكون هذا هروباً من مواجهة مشكلة الإسكان في المملكة، التي تعتبر المشكلة الاقتصادية والاجتماعية الأكبر في وقتنا الحاضر، على اعتبار أن تغيير الفكر في أي مجتمع يحتاج لأعوام طويلة جداً (ربما لعقود من الزمن)، وعلى اعتبار أن تغيير الفكر حتماً ليس من المسؤوليات الوظيفية لأي وزير في أي دولة حول العالم؛ لأنه ببساطة مسألة سلوكية!!
وعندما نشاهد معاليه يتحدث عن أن مشكلة الإسكان ليست مشكلة «أرض» فأرجو أن لا يكون هذا أيضاً هروباً من مواجهة مشكلة الإسكان في المملكة؛ لأن أي إنسان في أي مكان من الكرة الأرضية يدرك جيداً أن قيمة الأرض في أي مشروع لا تزيد في المتوسط على نسبة 10 - 20 في المئة فقط، بينما في المملكة تصل هذه النسبة في المتوسط إلى ما بين 40 - 60 في المئة، وهي نسبة فاحشة في الارتفاع بسبب الممارسات الاحتكارية. ويبدو لي أن معاليه لا يعرف عن ارتفاع نسبة قيمة الأراضي في المشاريع، ولا عن الممارسات الاحتكارية، أو لنقُلْ إنه يتحاشى الحديث عنها، ثم يتحدث عن أمور سلوكية، ليست من صميم اختصاصاته كما حددتها الأنظمة واللوائح!!
وعندما نشاهد معاليه يتحدث في أكثر من مناسبة عن أهمية تطوير المخططات العقارية، وإيصال الخدمات لها؛ بهدف تعزيز جانب العرض في المعادلة الإسكانية، فهذا كلام جميل، نتفق جميعاً عليه، لكن من الانعكاسات البديهية لتطوير المخططات وإيصال الخدمات هو ارتفاع الأسعار (وهذا حق طبيعي لكل من يملك هذه المخططات العقارية)، إلا أنني لم أفهم بعض الأمور التي لم أجد لها إجابة، مثل: ما الذي سيجبر ملاك هذه المخططات على البيع بعد اكتمال التطوير وإيصال الخدمات إذا رفضوا البيع لأي سبب من الأسباب؟ والأهم من كل هذا: ماذا فعل معاليه مع من يملك أراضي بيضاء مطورة ومكتملة الخدمات منذ سنوات طويلة ولم يبيعوا حتى الآن؟ وما هي تصريحاته حول هذه النقطة تحديداً؟
وأخيراً، مع كل احترام وتقدير، عندما نشاهد معاليه يتحرك في كل اتجاه من خلال عقد اجتماعات مع جهات حكومية متعددة (وزارة العدل ومؤسسة النقد على سبيل المثال) حول قضايا تتعلق بالإسكان فهذا أمر رائع، نتفق عليه أيضاً، لكن من حقنا أن نعرف ماذا فعل معالي وزير الإسكان مع مصلحة الزكاة والدخل لتفعيل «نظام جباية الزكاة على الأراضي»، الذي لم نسمع عنه شيئاً حتى الآن؟ وإذا لم يفعل شيئاً حتى الآن فأرجو أن لا يكون هذا أيضاً هروباً من مواجهة مشكلة الإسكان، على اعتبار أن بحث قضية الدفعة المقدمة للقروض العقارية المشروطة من مؤسسة النقد بنسبة 30 في المئة يُعتبر أقل أهمية وبكثير من بحث تطبيق «نظام» جباية للدولة مرتبط مباشرة بالأراضي العقارية!!