«ستاندرد آند بورز» هل تجد موطئ قدم في السوق السعودية؟ ">
الجزيرة - بندر الإيداء:
وضعت وكالة «ستاندرد آند بورز» نفسها في موقف عصيب أمام هيئة سوق المال السعودية، بعد تعرُّضها لانتقادات واسعة من خبراء اقتصاديين دوليين ومحليين، على خلفية تورّطها في تقييمات يرون أنها لم تستند إلى رؤية ومنهجية علمية ، وكانت الوكالة المتخصصة في التصنيف الائتماني قد تقدمت بجانب 5 مؤسسات أخرى لهيئة سوق المال للحصول على تراخيص لممارسة أعمالها بالسوق السعودية، وفقاً لما أعلنت عنه الهيئة قبل أكثر من شهر، وقبل أن تعلن الهيئة البت في قرار الموافقة على طلب الترخيص من عدمها تورّطت الوكالة في تقييم خاطئ للاقتصاد السعودي بخفض التصنيف الائتماني للمملكة إلى +A مع نظرة مستقبلية سلبية، وانتقدت حينها وزارة المالية التقييم، وأشارت إلى عدم اتفاقها مع المنهجية المتبعة فيه من قبل «ستاندرد آند بورز»، واعتبرت التقييم ردة فعل متسرعة وغير مبررة ولا تسندها الوقائع، حيث استندت الوكالة «بحسب الوزارة» في تقييمها إلى عوامل وقتية وغير مستدامة؛ إذ لم يكن هناك تغير سلبي في العوامل الأساسية التي تستوجب عادة تغير التقييم. وليس أدل من كون هذا التقييم متسرعاً وغير مبرر، أنّ التقييم خفض في أقل من عام من تصنيف -AA مع نظرة إيجابية إلى +A مع نظرة سلبية استناداً فقط إلى تغيرات أسعار البترول، دون النظر إلى عوامل أساسية إيجابية متعددة، والتي لو أخذت بعين الاعتبار بشكل فني لتم التأكيد على التقييم السابق على أقل تقدير.
انتقادات جمّة طالت الوكالة
ويرى خبراء أنّ تقييم «ستاندرد آند بورز» الأخير بخفض تصنيف المملكة يُعَد امتداداً لأخطاء وتجاوزات سابقة تورّطت فيها الوكالة ، وقال عضو جمعية الاقتصاد الدكتور عبد الله المغلوث، إن أساسيات الاقتصاد تفند التصنيف الأخير لـ»ستاندرد آند بورز» فأساسياته قوية عبر أصول صافية تزيد على 100% من الناتج المحلي الإجمالي واحتياطي كبير من النقد الأجنبي ، وأضاف: الاقتصاد السعودي استمر في النمو بمعدل يتجاوز الاقتصاديات المماثلة رغم انخفاض أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النفط كمورد رئيسي للمملكة ، وأكد المغلوث أن تقييم «ستاندرد آند بورز» للوضع الائتماني للدول والصناديق السيادية يواجه انتقادات جمة، ليس من السعودية وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل هناك دول أخرى شككت في فشل المؤسسة مراراً في نشر تقييمات تتطابق مع واقع الاقتصاديات بأساسياتها الحقيقية، ما يجعل تقييمها غير موضوعي، ورأى أن رد وزارة المالية على التصنيف جاء في الوقت المناسب، حيث وصفته الوزارة بأنه يتعارض وبشكل جوهري مع فكرة التصنيف وأساسياته الفنية، والتي تقتضي أن يأخذ التصنيف المتجرّد بعين الاعتبار كافة الأبعاد المؤثرة على الجدارة الائتمانية للمصنف.
«ستاندرد آند بورز» في السوق السعودية
وفي 16 سبتمبر الماضي أي قبل نحو شهرين، أعلنت هيئة سوق المال عن تلقيها طلبات من ست شركات، للحصول على تراخيص ممارسة نشاطات التصنيف الائتماني في المملكة، من بينها «ستاندرد آند بورز»، وتضم قائمة الشركات الأخرى وكالة سمة للتصنيف ، وكالة ستاندرد آند بورز ، وكالة موديز ، وكالة فيتش ، الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف ، ووكالة أيه أم بيست الأوربية لخدمات التصنيف المحدودة. ووفقاً لما أعلنته الهيئة فإنه سيتم السماح لوكالات التصنيف الائتماني التي تمارس نشاطها بالفعل في السوق السعودية، وتقدمت بطلبات الترخيص من الهيئة قبل الأول من سبتمبر الماضي ، وهي ستاندرد آند بورز، وموديز وفيتش، والوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف، ووكالة أيه أم بيست الأوربية لخدمات التصنيف المحدودة، بالاستمرار في تقديم نشاطها المعتاد إلى أن يصدر لها ترخيص من الهيئة، ومن ثم بدء ممارسة العمل حتى موعد أقصاه 28 /11 /1437هـ الموافق 31 /8 /2016م . وتهدف لائحة وكالات التصنيف الائتماني إلى تنظيم ممارسة نشاطات التصنيف في المملكة ومراقبتها، وتحديد إجراءات وشروط الحصول على الترخيص اللازم لممارستها.
عدم الإخلال بالأمانة والنزاهة
وفيما يتعلق بالنزاهة والأمانة، تشترط لائحة وكالات التصنيف الائتماني الصادرة عن هيئة سوق المال عبر مادتها الـ»25»، على الوكالات المرخص لها، التأكد من أن محللي التصنيف لديها وموظفيها يتمتعون بالمؤهلات والخبرات المهنية الكافية للقيام بمسؤولياتهم، بما في ذلك الدراية والمهارات الفنية المناسبة، كما اشترطت بأن يتحلوا بالاستقامة والأمانة والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة بما يتناسب مع الوظائف التي يشغلونها، وأن لا يكونوا قد ارتكبوا أي مخالفة ينطوي عليها احتيال أو تصرف مخل بالنزاهة أو الأمانة. ويرى الاقتصادي فضل البوعينين، أنّ شركات التصنيف من الشركات الهادفة للربح، وبالتالي لا يمكن ضمان تحقيق النزاهة؛ لأسباب مالية صرفة؛ في الوقت الذي يمكن أن تتعرض تصنيفاتها للتوجيه المتعمد من الخارج. مبيناً أن احترافية الوكالات لا تعني بالضرورة حياديتها؛ فالتاريخ مليء بالتصنيفات الخاطئة التي كبدت المستثمرين خسائر فادحة، وتسببت بانهيارات مالية مدمرة. وأضاف: التصنيفات الائتمانية أصبحت مسرحًا للتنافس بين الوكالات الباحثة عن الكسب المادي والاستئثار بحصص سوقية، وإن أدى ذلك إلى تشويه الحقائق أو الاستهداف الابتزازي، مشيراً إلى أن الوكالة عانت منذ 2008 تبعات تقييماتها المشبوهة لشركات الرهن العقاري، التي تسببت في الأزمة المالية العالمية ، ووجهت حينها الحكومة الأمريكية انتقادات حادة للوكالة، بسبب فشلها في إظهار حقيقة الشركات الحاصلة على تصنيفات مرتفعة بخلاف واقعها المتردي . وقد أعلنت وزارة العدل الأمريكية في فبراير الماضي عن قبول «ستاندرد آند بورز» دفع 1.4مليار دولار لتسوية اتهامها بالتضليل المرتبط بسندات رهن عقاري قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، حيث منحت تصنيفات ائتمانية عالية لسندات تتصف بالمخاطر العالية . وشدد البوعينين على أن المبالغة في الاحتفاء بالتصنيفات العالمية؛ أو الانزعاج منها غير مبرر، فالاعتماد عليها كمؤشر لتحفيز الإصلاحات الاقتصادية أو تعزيز المكاسب وفق منهجية عملية شاملة هو الأصلح للاقتصاد؛ الذي يمكن لمخرجاته الإيجابية أو السلبية أن تفند مسرحيات التصنيف العالمية؛ التي لا تخلو في بعض جوانبها من العبث والمصالح. يذكر أن مجلس إدارة هيئة سوق المال قد أصدر قبل عام وتحديداً بتاريخ 17-1-1436هـ (10-11-2014) لائحة وكالات التصنيف الائتماني، على أن يُعمل باللائحة ابتداءً من 17-11-1436هـ، المافق (1-9-2015). وتنظم اللائحة ممارسة نشاطات التصنيف الائتماني في المملكة ومراقبتها، وتحدد إجراءات وشروط الحصول على الترخيص اللازم لممارستها.