رمضان جريدي العنزي ">
سعت إيران وبعض القوى والأحزاب التابعة لها إلى فرض هيمنتها على الشارع اليمني بالقوة، مستثمرة طاقات أناس ظلوا يعيشون على هامش التاريخ ردحاً من الزمن، ثمة دلائل كثيرة تؤكد سعي إيران ومن تحالف معها إلى استيعاب طاقات معطلة لتجنيدها في حملة واضحة المعالم تستهدف الهوية العربية اليمنية، واستبدالها بثقافة مغايرة مزورة وغريبة، إن محاولة زرع بذور النزعة الطائفية في أرض لا تصلح لزراعتها يعني نهاية قادمة لغزو مريب، إن صنعاء لم ولن تكون طهران، لكن على ما يبدو أن الإيرانيين ذهبوا بالاتجاه الخاطئ وهم بذلك يضيعون على أنفسهم فرصة التعايش السلمي مع مجتمعات مجاورة لها طالما أعربت عن مخاوفها من نزعتها الطائفية التخريبية التدميرية، لا يوجد دليل يجعلنا نثق بأن إيران الطائفية وصاحبة الإقصاء والتطرف يمكن أن تتخلى عن نهجها الإقصائي والعنفي، وتنخرط مع جوار منفتح متعدد الاتجاهات وتتخلى ببساطة هكذا مرة واحدة عن إرث معبأ بالكراهية ورائحة الدم والبارود ضد الآخر المجاور والبعيد، تؤكد كل الأحداث أن إيران غالباً ما تحصد الفشل في فرض أجندتها على المجتمعات الحرة، وليس بوسعها أن تسلك أساليب عنيفة مع مجتمعات اختارت الأساليب التنموية عوضاً عن العسكرية، نهجا لها في حراكها السياسي والمجتمعي، لا بل بذلت من أجله تضحيات مادية ومعنوية مهولة وكبيرة، إنني على يقين تام بأن مناخات اليمن العربي الأصيل لن تساعدها على خلط الأوراق كتلك التي توفرت لها في العراق أو في سوريا أو في لبنان، أو في بعض الدول الإفريقية الأمية الجائعة، ولن تتهيأ لها فرصة لتجنيد اليائسين والمخدوعين ليفجروا أنفسهم حالمين بأشياء ثمينة كما حدث في مدن وأسواق بغداد وسوريا، لأن الناس في اليمن العربي انقلبوا عليها، وخاضوا معها معركة انتصار العروبة والحياة، رغم محاولة بعض البائسين المخدوعين هناك تهديم وتخريب اليمن شعباً وأرضاً وتاريخاً وانتماء عربياً وحضارة دون وعي ولا إدراك، عندما ينكسر بناء الأنظمة الشمولية كإيران، سينكسر معه الكثير من المرتكزات السلبية وهامش الحياة المعتم، إن إيران ظلت ومازالت وستظل تعاني من أزمة فراغ وأزمة تنمية وأزمة اقتصاد وأزمة علاقات دبلوماسية وأزمة جوار، لذلك نراها تلجأ إلى أساليب مغايرة في الفكر والمنطق والواقع لفرض وجودها وسطوتها واستمرارها، اعتقد أن مهمة إيران وأتباعها ستكون عسيرة في اليمن، وأن حاولت أو حاول المتعاونون الميبون معها أن يفرضوا سطوتهم على الشارع، إن لعبة الجلاد والضحية واستدرار تعاطف الجهلة والبائسين والمغيبين لحمل السلاح وتصويبه صوب الجسد اليمني إنساناً وأرضاً، لن يجدي نفعاً ولن يجني فائدة، إن الشعارات الزائفة والمخادعة والنصوص الرنانة والمفردات المبهرجة قد ولى زمنها راح واندثر، ولن يتعاطف البشر الأسوياء مع هذه الأشياء، حتى وإن كرست إيران وتلك القوى الاستبدادية التابعة لها العنف والتشدد سبيلا لفرض سطوتها على البلاد والعباد، سيرتد كل شيء ضدها، حتماً سيرتد، وستخسر مغامراتها غير المحسوبة العواقب وإن كان ذلك آجلاً، ليس لإيران ولقوى التطرف والتبعية والاستبداد مكان في عالمنا العربي بعد الآن، وإيران لن تكون استثناء عن تجارب الآخرين الخاسرة على مدى التاريخ، فهي وإن نازعت الحقيقة وسنة التاريخ ونهج الواقع، ستؤول للفشل الذريع، وعليها إن أرادت البقاء بسلام وهناء أن تتعايش مع جيرانها العرب باحترام متبادل، ودبلوماسية راقية، ومن دون أن تلجأ إلى البطش والاستبداد والتدخل في شؤون الآخرين لفرض إيديولوجيتها بقوة الرصاص والصوت والمكبر والفكرة والتهديد والوعيد.