فهد بن جليد
من غرائب التربية الحديثة أن 6 % من النساء الأمريكيات يرين أن تربية الأولاد (مسؤولية الزوج) وحده، بينما تتفاوت النسب الباقية لتقاسم المسؤولية بين (الأب أو الأم) بنسبة 51 %، ومسؤولية الأم بنسبة 31 %، وآخرون يرون أن (الأب والأم) غير مسؤولين أصلاً عن تربية أطفالهما!
في (الثقافة العربية) نكذب على أنفسنا في هذه المسألة غالباً، فالأب مسؤول أمام المجتمع عن تربية أطفاله في حال ارتكبوا أي خطأ، بينما يُحمَّل هو المسؤولية كاملة للأم داخل المنزل, والمجتمع يعلم حقيقة الأمر بأن (الأم) هي من تقوم بذلك فعلاً، ولكننا نُغالط أنفسنا!
نفخر بقول حافظ إبراهيم (الأم مدرسة ..)، ولا نعمل على إعدادها لذلك، فالمناهج التربوية للطالبات تكاد تخلو من مثل هذا المفهوم التربوي، ولا يمكن تقديم أساسيات التربية لأمهات المستقبل في كامل مراحل التعليم، وكأن التدبير والطبخ والخياطة هي الأهم بالنسبة للقائمين على منهج (مدارس البنات)!
برأيي أنه يلزمنا إدراج (مناهج أسرية جديدة) مع المتغيِّرات الحالية للعصر، فقديماً ربما تعلّمت البنت من أمها، أو جدتها، أو أختها الكبيرة شيئاً من هذا، ولكن مع تطور الحياة، وانفصال الأسر عن بعضها، باتت الفتاة تواجه هذا التحدي وحدها، لتبقى عرضة للتجربة والخطأ، وتدفع هي وزوجها وأطفالها الثمن، خصوصاً مع غياب أي مُبادرات أو دورات (لأم المستقبل)، فمع (أول حمل) تبدأ الأم في التفكير في المستشفى الذي ستلد فيه؟ وكيف ستكون (أيام النفاس) مُطابقة للموضة؟ ومُبهرة؟ لتتميز عن الأُخريات، ونادراً ما يهتم أحد لما سوى ذلك؟!
يمكننا تجاوز الكثير من المتاعب التربوية، لو اعترفنا بأن حقيقة التربية شراكة بين (الأبوين)، ولكن القسم الأكبر منها, تقع مسؤوليته على (الأم)، وقمنا بإعدادها، وتهيئتها منذ الصغر للقيام بهذا الدور (الفطري) العظيم، بالشكل الصحيح، وهذا بكل تأكيد لا يتعارض مع دور الأب (كقائد) و(كقدوة) لصغاره!
عندما نتقاذف (المسؤولية) عن تربية الصغار، اعلم أن النتائج مُخيفة!
وعلى دروب الخير نلتقي.