إبراهيم بن سعد الماجد
ثلاثة أحداث دولية مهمة حدثت في شهر (نوفمبر2015) مع نهاية عام ميلادي نغادره قريبا وبداية عام هجري جديد يبشر بانطلاقة جديدة ومفعمة بالكثير من الآمال العراض في تحقيق أكبر التطلعات التي استبشر بها المواطن السعودي، تلك الأحداث شكلت في ذاتها حدثا كبيرا على المستوى الدولي والداخلي وكانت كلها في مضمونها تعبر عن الحضور الدولي الكبير والقوي للمملكة العربية السعودية، نتيجة للسياسات القوية والصلبة التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله، منذ توليه شرف خدمة الحرمين الشريفين ومُلك المملكة العربية السعودية. أولا ما قالته مجلة (فوربس) واختيارها للملك سلمان كأقوى شخصية عربية، وثانيا انعقاد القمة العربية اللاتينية في الرياض وثالثا التمثيل القوي والكبير للمملكة العربية السعودية في قمة مجموعة العشرين (G20) التي عقدت في مدينة انطاليا بتركيا.
فمنذ أن بدأ هذا العهد الذي اتسم بالحزم والعزم والقوة في إطار ترسيخ المكانة الحقيقية للمملكة العربية السعودية وتأكيداً لحضورها الفاعل على الساحة الدولية والقيادة الرشيدة تنقلنا من حدث مهم إلى حدث أهم فمنذ تسلمه مقاليد الحكم بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكما قالت مجلة (فوربس) التي اختارته كأقوى شخصية عربية في العالم العربي وال14 عالميا في القائمة التي نشرتها المجلة وشملت رؤساء وملوك عدد من دول العالم ورجال أعمال وشخصيات شهيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، قالت المجلة : ((إن الملك سلمان اتخذ على الفور قرارات حاسمة، أعاد خلالها تكوين بنية هرم السلطة عبر تعيين اثنين من الجيل الثاني من نسل الملك عبد العزيز -مؤسس السعودية- لأول مرة في قيادة البلاد.
كما قام الملك سلمان بإجراء أكبر تعديل وزاري وإلغاء 12 هيئة وجهازا، واستحدث مجلسين، وأعاد رسم قواعد السياسة الداخلية والخارجية لبلاده.
فعلى الصعيد الداخلي، أصدر الملك سلمان -خلال فترة المئة يوم الأولى فقط من حكمه- 65 أمرا ملكيا عبر ثلاث حزم هي الأسرع والأكبر في تاريخ المملكة، في توقيتها وتأثيرها ودلالاتها.
فبعد ساعات فقط من توليه الحكم في 23 يناير/كانون الثاني الماضي أصدر ستة أوامر ملكية عين بموجبها الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وليا للعهد ووزيرا للداخلية، ونجله الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد ووزيرا للدفاع، مدشنا بذلك -حسب متابعين- مرحلة جديدة في الحكم في المملكة، بدفع عناصر شابة في مفاصل الحكم.
وعلى الصعيد الخارجي، وفي بداية الأسبوع السابع من توليه الحكم، أطلق الملك سلمان بقيادة السعودية التحالف العربي، الذي شن عملية عسكرية باسم عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن.
ووصفت عاصفة الحزم ومن بعدها عملية إعادة الأمل بأنها نجحت في توجيه رسالة قوية لإيران، وقلمت أظافر الحوثيين ودفعتهم للرجوع إلى طاولة الحوار)).
ذلك ماقالته المجلة الأشهر في العالم التي تصدر كل عام تقريرا تختار فيه أقوى الشخصيات ذات التأثير الدولي من الساسة والقادة والزعماء ورجال الأعمال على مستوى العالم، وتلك كانت شهادتهم التى تؤكد على قوة المملكة العربية السعودية وقوة ملكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، وتؤكد على الحضور القوى والفاعل على الساحة الإقليمية والدولية وعلى أن المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة رقما صعبا في المنطقة والعالم وأن السياسات والقرارات الخارجية والداخلية التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بكل قوة وشجاعة في إطار حرصه على تعزيز الاستقرار والشرعية في الأقليم هى محل احترام وتقدير الجميع.
ويأتي الحدث الثاني والأكثر أهمية هو الحضور الدولي الفاعل الذي يعتبر بداية لمرحلة جديدة للعلاقات الخارجية المنفتحة على مزيد من دول العالم، هو انعقاد القمة العربية اللاتينية الرابعة بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض في الفترة من 10/ 11 نوفمبر 2015 م برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبتمثيل دولي غير مسبوق، وهو ملتقى سياسي وآلية للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والعلوم والتكنولوجيا، وحماية البيئة والسياحة وغيرها من المجالات ذات الصلة لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان والمساهمة في تحقيق السلام العالمي.
وقد عقدت القمة في إطار التنسيق ومتابعة القرارات والتوصيات التي تمخضت عنها القمم الثلاث الماضية في البرازيل (2005)، وقطر (2009)، وبيرو (2012) والتي هدفت لتعزيز العلاقات الاقتصادية وتطوير فرص التبادل التجاري، وتوسيع دائرة قاعدة المصالح المشتركة والمتبادلة بين قطاع رجال الأعمال، وسبل تقديم التسهيلات وإزالة كل المعوقات التي تعترض هذه الأهداف، حيث إن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية ومن أهمها التنسيق في المواقف السياسية والقضايا الدولية التي تتطابق أو تتقارب فيها الرؤى بين المجموعتين بالإضافة إلى تعزيز المصالح بين قطاعات رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين.
وقد أكد خادم الحرمين الشريفين في خطابه أمام القمة على تعزيز هذه الأهداف بقوله : ((إننا نشعر بالارتياح للتوافق والتقارب بين وجهات نظرنا تجاه العديد من القضايا والمسائل الدولية، ونشيد بالمواقف الإيجابية لدول أمريكا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطينية، كما أننا ننظر بالتقدير إلى ما حققته القمم الثلاث السابقة، ونتطلع إلى تنسيق مواقفنا تجاه القضايا المطروحة على الساحة الدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف ونشر ثقافة السلام والحوار)).
تلك كانت بعض كلمات من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمام القمة العربية اللاتينية التي عقدت في الرياض والتي أكد فيها على الثوابت الأساسية التي تقوم عليها سياسة المملكة العربية السعودية والتي دائما ما يؤكد عليها أمام كافة المحافل الدولية بهدف التأكيد على رسوخ المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وهي نشر ثقافة السلام والحوار والدفاع عن الحقوق العربية خاصة القضية الفلسطينية وإشاعة الاستقرار والأمن في المنطقة كلها ومكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وصوره.
وقد جاء البيان الختامي للقمة معبرا عن هذه المبادئ الراسخة والذي اعتبر (غير مسبوق) ومتفق عليه، ومن أبرز بنوده، التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وفق بيان جنيف 1، إدانة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، التأكيد على الشراكة بين الدول العربية وأمريكا الجنوبية، ضرورة حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا، التأكيد على الشرعية اليمنية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة بتنفيذ القرار الدولي 2216، دعوة إيران للتجاوب مع الإمارات لحل أزمة الجزر المحتلة، التأكيد على حل سلمي للأزمة في سوريا، الترحيب بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.
كل تلك المواقف إذ تؤكد على سياسة الوضوح والاعتدال ونشر ثقافة السلام واشاعة الأمن والاستقرار فأنها تشير إلى النهج المعتدل والقوي الذي تسلكه المملكة العربية السعودية في سياستها الخارجية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في سعيه الدائم لإرساء دعائم السلام والاستقرار في كل المنطقة.
ثم تلى ذلك الحدث الأبرز والأهم وهو مشاركة المملكة العربية السعودية بوفد كبير ورفيع،بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة مجموعة دول العشرين (G20 (التي تضم أقوى عشرين اقتصادا حول العالم والتي عقدت بمدينة انطاليا بتركيا في الفترة من 15 / 16 نوفمبر 2015 م،وفي خطابه خلال جلسة عشاء العمل وأمام القادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، على نفس المبادئ الراسخة التي تحرص المملكة على إنفاذها وتبنيها في كافة المحافل واللقاءات الدولية والتأكيد عليها دائما وهي الحقوق العربية وأولها القضية الفلسطينية ومكافحة آفة الإرهاب الخطرة والتطرف بكل أشكاله وصوره، والتأكيد على نشر ثقافة السلام والحوار من أجل إشاعة الاستقرار والأمن بهدف تعزيز النمو الاقتصادي لكافة دول العالم،،بقوله (حفظه الله) : (إن الحرب على الإرهابِ مسؤوليةُ المجتمعِ الدوليِ بأسرهِ وهوَ داءٌ عالميٌ لا جنسيةَ لهُ ولا دين وتجِبُ مُحاربتهُ ومُحاربةَ تمويلهِ وتقويةُ التعاونِ الدوليِ في ذلك))، ومؤكدا على أهمية الاستقرار ودوره في تعزيز التنمية أضاف :((إنَّ عدمَ الاستقرارٍ السياسي والأمني مُعيقٌ لجُهودنا في تَعزيزِ النموِ الاقتصادي العالمي وللأسف تُعاني منطقتنا مِن العديدِ مِن الأزماتِ، ومن أبرزها القضيةُ الفلسطينيةِ، التي يتعين على المُجتمعِ الدولي مواصلةَ جهودهِ لإحلالِ سلامٍ شاملٍ وعادلٍ يضمنُ الحقوقَ المَشروعةَ للشعبِ الفلسطيني الشقيق)).
تلك هي هموم الأمة بأسرها التي تقلق شعوبها و يحملها القادة والزعماء ويعبرون عنها في كل اللقاءات التي تجمعهم بمن يصنعون للعالم قراراته ويحددون المسارات السياسية والاقتصادية للشعوب، لكن الهموم التي يعبر عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في كل اللقاءات الدولية التي تجمعه مع قادة وزعماء العالم، لا تعني المملكة العربية السعودية فحسب، وإنما يحمل - حفظه الله - هموم أمته العربية والإسلامية،ولذا فتمثيله تمثيلاً للأمة بأسرها. واستمر الملك في خطابه طارحا القضايا التي تسبب عدم الاستقرار في المنطقة والعالم متحدثا عن الأزمة السورية وما نتج عنها من هجرة ولجوء ونزوح الملايين من المواطنين السوريين بقوله : أما بالنسبة للأزمة السورية وما نتج عنها من تدمير وقتل وتهجير للشعب السوري الشقيق فعلى المجتمع الدولي العمل على إيجاد حل عاجل لها وفقا لمقررات «جنيف1».
((وفي ما يتعلق بمشكلة اللاجئين السوريين فلا يخفى على الجميع أنها نتاج لمشكلة إقليمية ودولية هي الأزمة السورية ونثمن الجهود الدولية وخاصة جهود دول الجوار والدول الأخرى في تخفيف آلام المهاجرين السوريين ومعاناتهم، ومن المؤكد أن معالجة المشكلة جذريا تتطلب إيجاد حل سلمي للأزمة السورية والوقوف مع حق الشعب السوري في العيش الكريم في وطنه فمعاناة هذا الشعب تتفاقم بتراخي المجتمع الدولي لإيجاد هذا الحل.
وقد أسهمنا في دعم الجهود الدولية لتخفيف معاناة الأشقاء السوريين، كما عاملنا الإخوة السوريين في المملكة بما يفوق ما نصت عليه الأنظمة الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين والمهاجرين والمغتربين. وفي ما يتعلق بالوضع في اليمن فإن المملكة ودول التحالف حريصة على إيجاد حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم (2216) كما أنها حريصة على توفير كافة المساعدات والإغاثة الإنسانية للشعب اليمني الشقيق. إننا أمام فرصة مواتية للتعاون وحشد المبادرات للتوصل إلى حلول عالمية حقيقية للتحديات الملحة التي تواجهنا سواء في مكافحة الإرهاب أو مشكلة اللاجئين أو في تعزيز الثقة في الاقتصاد العالمي ونموه واستدامته ونحن على ثقة من خلال التعاون بيننا في أننا نستطيع تحقيق ذلك)).
. وقد جاء البيان الختامي للقمة معبرا عن تلك الرؤية التي طرحها الملك سلمان بن عبد العزيز فيما يتعلق بأزمة اللاجئين السوريين حيث جاء في أحد بنوده (فقط عندما نزيد من عمليات تسوية أوضاع اللاجئين، وتوفير المساعدات الإنسانية، وتقديم الجهود اللازمة لتمكين اللاجئين من الحصول على وظيفة، ومساعدتهم ومساعدة عائلاتهم، سنتمكن من حل هذه الأزمة العالمية).
وتشكل مشاركة المملكة العربية السعودية في هذه القمة نقطة انطلاق أكبر نحو آفاق أرحب للاقتصاد السعودي،حيث أن مشاركتها في تلك القمة تأتي لثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي وتأكيدا على مكانتها ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الفاعلة والرشيدة التي اتخذتها خلال سنوات التنمية الشاملة التي حققتها فأصبحت بذلك واحدة من أكبر الدول ذات الاستثمارات الآمنة وقبلة للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وهي بهذا فقد أصبحت واحدة من أكثر الأعضاء الفاعلين في المجموعة نتيجة لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعر للطاقة العالمية ولارتفاع حجم تجارتها الدولية والزيادة الكبيرة في مواردها المالية وواحدة من أكبر الدول التي تمتلك احتياطات نقدية.
لاشك فأن الدور الفعال والأثر الايجابي الذي حققته المملكة العربية السعودية في القمة الخامسة لمجموعة العشرين والتي عقدت بمدينة انطاليا التركية،بمشاركة وفد سعودي كبير برئاسة خادم الحرمين الشريفين، كان له الأثر الكبير والفعال في التأكيد على قوة مشاركة المملكة في هذا التجمع الاقتصادي والسياسي العالمي المهم، فقد استطاعت المملكة وعلى هامش أعمال القمة تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية الكبيرة، خاصة مع دولة تركيا التي ترأست القمة، فقد أكد مستشار الرئيس التركي لشؤون الاستثمار الدكتور مصطفى جوكسو أن السعوديين الذين يستثمرون في مجال الصناعة ستقدم لهم العديد من التسهيلات والمميزات كالإعفاء الضريبي والجمركي والأرض المجانية والقروض الميسرة، كما أوضح بأن حجم الاستثمارات بين تركيا والمملكة العربية السعودية قد ارتفع من قيمة لا تتجاوز ال15 مليار دولار إلى 136 مليار دولار وأن أعداد الشركات السعودية تتزايد بشكل مستمر حتى بلغت في العام الماضي أكثر من 486 شركة.
ثلاث أحداث في فترة زمنية قصيرة جداً، كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هو صانعها أو هو الأبرز فيها، وما ذلك إلا للمكانة الكبيرة التي يتمتع بها - حفظه الله - بصفته الشخصية، وما تمتلكه المملكة العربية السعودية من ثقل سياسي واقتصادي مؤثر.
والله المستعان.