سعد الدوسري
يعود الذين كانوا متطرفين في مواقفهم تجاه المهاجرين السوريين لأوروبا، إلى الواجهة مرة أخرى ليتفاخروا بمواقفهم. فبعد أحداث باريس الدامية، لم يعد هناك مجال للتسامح والتعايش والالتزام بالمواثيق الإنسانية والأخلاقية. وهذا هو هدف مشروع التطرف.
إنَّ الذين يحاولون إقحام الأديان في الفوضى التي تعم العالم، لا ينظرون للأمور بمنظارها الموضوعي. فمعظم الذين يجندون الانتحاريين لا علاقة لهم بالدين. إنهم ملتزمون بأجندة أخرى تحقق هوى الدين عند من يفكرون بالقشور فقط، وسوف لن يستمروا بقبول هذه الفكرة، لو أنَّ الجرائم الانتحارية دقّتْ أبوابهم، وهي ستفعل لا محالة.
التطرف لا عاصمة له.
العالم كله عاصمة التطرف اليوم، وستبذل كل الدول جهوداً مضنية لمواجهته. وقد تتغيّر بعض المواقف وبعض الإجراءات وبعض السياسات، كما يحدث في فرنسا. وسيدفع الأبرياء من طلبة العلم وطلبة الرزق والباحثين عن الحرية أثماناً غالية، لجرائم لم يرتكبوها ولم يؤيّدوها، وربما خرجوا من بلدانهم هرباً منها.
إن الأحاديث التي نسمعها عن الفوضى الخلّاقة، قد تكون ملائمة لواقع مختلف. أما ما يحدث على الأرض في الوقت الراهن، فهو فوضى عامة، ستعيد عقارب الزمن إلى الوراء، وستنسف فيما ستنسف بمتفجراتها، قيماً فكرية وإبداعية وعلمية وتنموية وحضارية، بذل الإنسان فيها عقوداً متلاحقة من عمره ومن جهده، وسيكون علينا أن نفتح عقولنا للتفكير الموضوعي، وعدم الانجراف وراء الوهم الكبير، بأن الصراع الذي يجري هو صراعٌ لاستعادة الحق والكرامة، أو صراعٌ لنصرة الدين.