أحمد بن عبدالرحمن الجبير
جاءت خطوة فرض رسوم الأراضي، لتضع الكرة هذه المرة في شباك وزارة الاسكان، فهذا القرار سينعكس إيجاباً على أسعار الأراضي، وحصول توازن بين العرض والطلب في السوق العقارية وسوف يعيد الأسعار إلى وضعها الطبيعي، ويسهم في خفض الإيجارات، وهنا ليس امام الوزارة سوى ان تشمر عن سواعدها، وان تبدأ خطوات عملية على الارض، بعيدا عن التسويف، خاصة وانها تمتلك رصيدا ضخما لأجل انجاز مشاريع الاسكان.
ونعتقد ان فرض الرسوم قد يسهم في نزول طفيف لأسعار الاراضي وخاصة التي تكون خارج النطاق العمراني، ومن المفترض ان تكون الرسوم على الأراضي غير المطورة ايضا، وذلك لإجبار اصحاب الاراضي التي تزيد مساحاتها عن مليون متر مربع على تطويرها، وطرحها في السوق بأسعار مناسبة، وعلى وزارة الاسكان وبنك التنمية العقاري شراؤها من الملاك، والعمل على تطويرها ومنحها للمواطنين.
هناك ثمة إشكالات عديدة خرجت علينا بعد هذا القرار، ولم يتم إيجاد حل لها مثل مشكلة المساهمات العقارية التي تجاوزت 20 عاماً أو أكثر ولم تحل؟ وكذلك أراضي الورثة، والفرق بين محافظة وأخرى، وقرية ومدينة، وهل الرسوم سوف تطبق على الجميع بشكل متساو؟ وهل ستطبق على اراضي أملاك الدولة إما بالتعويض، أو بناء مشاريع حكومية عليها، أو ضمها إلى وزارة الإسكان؟.
الهدف من القرار هو حل مشكلة الإسكان، لكن الأثر المترتب على هذا القرار سيعتمد كثيراً على تحديد وزارة الاسكان لنوعية الاراضي البيضاء، وما هو المقصود بها، وهل سيكون من ضمن محدداتها المساحة وتوافر الخدمات فيها؟ وهل سيطبق القرار على جميع الأراضي في جميع انحاء المملكة؟ فتحصيل رسوم الأراضي سيحرر احتكار الأراضي البيضاء من هوامير العقار، وسيكون هناك دخل كبير من الرسوم يساعد على بناء مساكن جديدة للمواطنين.
يجب على وزارة الاسكان أن تستثمر هذا القرار بأبعاده الايجابية، وأن تطبق الرسوم على الجميع بدقة وعدالة ووضوح دون استثناء كائن من كان، وأن تسعى لإيجاد مخططات جديدة بالتنسيق مع وزارة الشئون البلدية والقروية لخفض أسعار العقار، والقضاء على عمليات التحايل مثل تسوير الأراضي، أو تجزئتها بهدف التهرب من دفع الرسوم.
ويفترض السعي لإيجاد مخططات لمدن طرفية جديدة، وتطويرها وايصال الخدمات لها لأن المواطن يدرك أن صندوق التنمية العقارية يمنح قروضاً دون فوائد، ولم تعد الحاجة للقرض المعجل، وبالإمكان التريث، والدولة حريصة على نفع المواطن، وتحقيق رغبته في تملك سكن له ولأسرته، ولعل زيادة العرض على مستويات تناسب مختلف الشرائح، سيكون أفضل كثيراً من التنظير حول سلوك المواطن السعودي، فالمسألة اصبحت مسألة قرار، وليست فكراً كما اشار الوزير في وقت سابق.
الرسوم العالية قد تتسبب في تدافع تجار العقار في عمليات بيع، وفي انهيار السوق العقاري، وهذا الانهيار بالتأكيد ليس من خدمة الاقتصاد، فهناك مؤسسات كبيرة تعمل في القطاع وصناديق حكومية ستتأثر بانخفاض الأراضي، لذا يفترض فرض رسوم رمزية لتفادي الخسائر، ولعلها تفرض رسوماً تصاعدية تدعم الهبوط التدريجي لأسعار الاراضي، ويضمن التوازن للجميع.
كما أن المشكلة ليست في أسعار الأراضي، بل المشكلة في تكلفة إنشاء المسكن، حيث إن سعر الأرض جزء من التكلفة، وقد يقودنا ذلك إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، وكذلك ارتفاع أسعار الايدي العاملة، وبالتالي يمكننا القول إن تكلفة إنشاء مسكن لن تتغير كثيراً، فما سينخفض من سعر الارض سيقابله ارتفاع في مواد البناء، لذا فان فرض الرسوم ليس الحل الوحيد لمشكلة الإسكان.
ويفترض الانتباه إلى المناطق الشعبية وهدمها لإعادة تنظيمها من جديد، بحيث تكون متعددة الأدوار وتتناسب وطبيعة وشريحة سكان تلك المناطق، والسعي إلى تطوير الاراضي الحكومية ومنحها للمواطن وايصال جميع الخدمات لها، وضبط سوق مواد البناء بدلاً من العشوائية السعرية التي يعيشها، وعلى وزارة الإسكان السعي الى التطوير وتطبيق أنظمة البناء الحديثة والمتقدمة، وتوظيف التقنيات في مجال الإسكان.