سمر المقرن
11 يومًا لم تكن مؤرِّقة لأسرة الطفلة جوري الخالدي وحدها، وإنما لأفراد المجتمع كافة، بمختلـــف فئاتهم وشرائحهم، خصوصًا أولئك الذين فُجعوا بفقدان أبنائهم يوماً ما، فجريمة اختطاف هذه الطفلة البريئة التي لم تبلغ بعد الرابعة من عمرها، كانت صادمة ومؤلمة في الوقت ذاته.
عادت ابنتنا جوري بفضل من الله ثم بجهود رجال التحريات والبحث الجنائي الذين ما فتئوا يجددون تميّزهم ويؤكّدون تمكّنهم في الكثير من القضايا مهما صعبت وتعقّدت، إلا أن ذلك يقودنا إلى بحث أسباب تزايد حالات الاختطاف على مستوى مختلف المناطق، ويدفعنا كذلك إلى المطالبة بضرورة الإسراع لوضع الحلول اللازمة التي من شأنها الحد من مثل هذه الجريمة.
بالنظر إلى بيان شرطة منطقة الرياض حول حادثة اختطاف الطفلة جوري الخالدي والعثور عليها، نجد أنه صنّف الجاني بـ»الخطير للغاية»، مع التأكيد على أنه مطلوب في قضايا مهمة وتمّ رصد تحركاته خلال الأيام الماضية، كما أشار البيان إلى القبض على شخص من الجنسية السورية شارك في حادثة الاختطاف وحاول الفرار قبل أن يتم ضبطه، فيما عُثر داخل الشقة التي اُحتجزت فيها الطفلة بشرق الرياض، على سلاح وكميّة من مادة الحشيش المخدّر، وما يتّضح من ذلك هو أن الشرطة كانت تتعامل مع مجموعة «عصابة» أرادت انتهاك الأنظمة والقوانين.
في تقرير إحصائي حديث نشرته صحيفة «الشرق»، أفادت وزارة العدل بأن محاكم المملكة شهدت خلال عام واحد 131 قضية اختطاف، بمعدل نحو 10 قضايا شهرياً، واحتلت مكة المكرمة النسبة الأعلى بمعدل 42 قضية تلتها الرياض بـ 35 قضية ثم المنطقة الشرقية بعدد 33 قضية، وحازت المدينة المنورة على المرتبة الرابعة بمعدل 10 قضايا، ثم جازان بـ 4 قضايا، وحائل والباحة بقضيتين لكل منهما، وبالتأكيد أن للأطفال نصيباً بين تلك الأرقام التي تعكس لنا خطورة الأمر ووجوب التصدّي له.
قضايا الاختطاف تحضر في كل بلد بصورة متفاوتة، في حين تتنوّع الدوافع التي تؤدي إلى القيام بها، مثل أن تكون نتيجة لخلاف بين طرفين وبالتالي يكون الخطف طريقاً لانتقام أحدهما من الآخر، أو أن يكون بهدف طلب فدية من ذوي المخطوف، ومع الأطفال تحديداً يبرز غرض استغلالهم والاتجار بهم وضخّهم في ميدان التسوّل، وغيرها من الأهداف الأخرى التي تتفق على بشاعتها وشناعتها، وفي المملكة نسمع ونقرأ بين فترة وأخرى عن القبض على عصابات تمارس أشكالاً مختلفة من الجرائم، الأمر الذي يعني توقّع المزيد من قضايا الاختطاف وغيرها، طالما أن مثل هذه العصابات توجد لدينا.
إن التصدّي لجرائم الاختطاف وإيقاف عصاباتها يتطلّب تفعيل عدد من الإجراءات ذات الأهمية، يأتي بينها على سبيل المثال تعزيز كاميرات الرقابة في مختلف الجهات والمؤسسات إلى جانب الكثير من الشوارع، وتطبيق أشدّ العقوبات على منفّذي تلك الجرائم والمخطّطين لها ليكونوا عبرةً للآخرين، وتكثيف مكافحة تسوّل الأطفال والعمل على التحقّق من هوياتهم الحقيقية، وتكثيف البرامج التوعوية التي تستهدف الأطفال تحديداً لتثقيفهم بأساليب التعامل الغرباء، ويمكن بذلك تفعيل الشراكة مع عدد من الجهات ذات العلاقة، فضلاً عن الدور الأهم الذي يفترض القيام به من قِبل الأسرة.