أ. د.عثمان بن صالح العامر
غداً الأربعاء 27 - 2 - 1437هـ، 9 - ديسمبر - 2015 م ، اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي ينعقد هذا العام تحت شعار «حطموا سلسلة الفساد»، والدلالة الضمنية للشعار تؤكد مسئولية المواطن المباشرة في المشاركة الحقيقية للوقوف ضد هذا الداء القاتل والمشكلة الخطيرة التي تمثل تهديدا حقيقيا لتماسك المجتمع وسلامة أداء مؤسساته، واستنزافا لمقدّراته وثرواته، ومصدرا للتوتر في الروابط بين الأفراد والجماعات.
* لقد دأبت منظمة الشفافية الدولية (TI) - وهي الجهة المعنية بمكافحة الفساد - منذ عام 1995 م على إصدار سنوي لمؤشر دولي يرصد الفساد بشكل علمي دقيق، ويرمز له باختصار (CPI ) يقوم بترتيب دول العالم حسب درجة الفساد، والدرجة الأعلى» 100» وتعني الأقل فساداً، والأدنى «صفر» وهي الأكثر فساداً. وقد تراجعت المملكة عام 2012م 9 مراتب في مؤشر مدركات الفساد عمّا كانت عليه عام 2011م، إذ كان مركزها في 11 «57» فأصبحت في 12»66 « عالمياً بـ 44 درجة من 100، وفي عام 2013 تقدمت درجتين حيث صار مجموع درجاتها 46 ، وفي العام الماضي 2014 أحرزت معدل 49 درجة، أي بزيادة ثلاث درجات عن العام الذي قبله .
* في تقرير المؤشر العربي الصادر من مشروع قياس الرأي العام العربي التابع للمركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، والذي تناول 12 دولة عربية يرى 75 % من السعوديين أن الدولة جادة في محاربة الفساد متقدمة على 7 دول عربية من 12 في هذا المجال، وأوضح التقرير أن المملكة حصلت على أقل نسبة في اعتقاد الرأي العام بأن الفساد منتشر 54%.
* وفي نهاية العام الميلادي قبل الماضي أكدت دراسة سعودية أن 67.8 % من السعوديين يرون أن الفساد المالي والإداري منتشر في المملكة، فيما رأى 30.3 % منهم أن الفساد محدود، وأقل من 2% فقط قالوا إن الفساد غير موجود. وتوصلت الدراسة إلى أن 92.1% من مظاهر الفساد تتمثل في « الواسطة « وذلك من خلال استغلال النفوذ ، والتفاوت في تطبيق القوانين والتشريعات. وأشارت الدراسة إلى أن أهم أسباب انتشار الفساد هو ضعف الوازع الديني بنسبة 87.8 % . ويرى معد الدراسة أن الفساد في المملكة منتشر الآن أكثر مما كان عليه سابقاً، وهو في المستويات الإدارية العليا والوسطى الحكومية أكثر منه في الدنيا.
إننا جميعاً نعلم يقيناً أن للفساد الإداري - فضلاً عن غيره من أنواع الفساد التي تنخر بمؤسسات الدولة - آثاراً متعددة (سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية) مهلكة ومدمرة، وهذا يؤكد أن علينا جميعاً مسئولية مباشرة بالوقوف أمام الفساد من منطلق ديني ومسئولية وطنية وحماية مجتمعية ووقاية شخصية، وحتى يتسنى لعجلة التنمية المستدامة أن تتحرك بسرعة أفضل وعطاء أقوى في عهد العزم والحزم .
نعم لابد أن نكون صفاً واحداً لنحطم سلسلة الفساد في البلاد خلف قائد مسيرتنا التنموية الشاملة والشامخة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد والدوحة السعودية المباركة أولاد وأحفاد جلالة الملك المؤسس لهذا الكيان العزيز والوطن الغالي عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته - الذي دشّن مشروع مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية آنذاك ، حين أصدر بلاغاً رسمياً من الديوان العالي بتاريخ 29/12/ 1347هـ ، جاء فيه : « إن صاحب الجلالة الملك يعلن للناس كافة أن من كان له ظلامة على كائنٍ من كان، موظف أو غيره، كبير أو صغير، ثم يخفي ظلامته فإن إثمه على نفسه، وأن من كان له شكاية - فقد وضع على باب دار الحكومة صندوق للشكايات، مفتاحه لدى جلالة الملك، فليضع صاحب الشكاية شكايته في ذلك الصندوق، وليثق الجميع أنه لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان شكايته، وينبغي أن يراعى في الشكايات ما يلي: ينبغي تجنب الكذب في الشكاية، ومن ادعى دعوة كاذبة جوزي بكذبه، ولا تقبل الشكاية المغفلة من الإمضاء، ومن فعل ذلك عوقب على عمله، وليعلم الناس كافة، أن باب العدل مفتوح للجميع على السواء، والناس كلهم كبيرهم وصغيرهم أمامه واحد حتى يبلغ الحق مستقره والسلام» ، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام .