أمل بنت فهد
أي كدر ينتظر من يترقب ما سيقوله الناس عنه.. وأي تيه يعيشه من شغل نفسه بالبحث عن عنها في عيون الآخرين.. متعب أبداً وهش يسهل كسره.. مثقل بهم الرفض والسخرية والانتقاد.. لا يستطيع أن يكون كما هو إنما يبحث بين صفحات الموضة عله يجد ما يضفي عليه كمالاً مزيفاً.. متعب بين مشاعر الغضب والخجل.. خطواته محسوبة بدقة مضنية.. يحرص على أدق التفاصيل.. هو لا يدرك أن البشر مشغولة عنه.. ولن يكون محور الكون.
العالق في السؤال «كيف أبدو في عيونهم؟» ما عرف معنى العيش من أجل نفسه.. ومتعته مؤقتة ولحظية.. وبؤسه طويل لا ينقطع.. ولن يمزقه إلا إذا تحرر وحطم مرايا الآخرين الوهمية ونظر في مرآة ذاته الحقيقية.. وعرف ماذا تريد أن تكون.. يعيش البساطة والعفوية على أنها حق لا يتنازل عنه.. يفرق بين ثقافات الأمكنة ويحترمها دون أن يدخل في زنزانة التكلف الخانقة.. يستطيع أن يكون لائقاً دون أن يدخل دور التابع.. يستطيع أن يخرج المتعة من جوف التجربة دون أن يغرق فيها.. يستطيع أن يصنع لنفسه شخصية واثقة لها طرازها الخاص الذي يناسبها.. دون أن يضطر إلى فعل ما لا يحبه.. ودون الاضطرار إلى الوقف في مكان يزعجه.. ويبقى غير مرتاح.. لمجرد أن يكون مع الآخرين بمعايير ليست من اختياره إنما من أمنياته ليكون نجم المكان.
النجومية ممتعة ولا شك بذلك.. لكن كيف تصنعها هنا يكمن الفرق.. إن كنت مقلداً فأنت نسخة.. وإن أصبحت أنت كما ترتاح وتريد فأنت أبدعت نجمك وصنعته.. إن كنت تتحرك وتتصرف بناءً على قناعاتك وأفكارك فأنت نجم.. وإن كنت تفعل وأنت تشعر بأنك مراقب وهناك من يحسب عليك أنفاسك وهفواتك فأنت تدفن مكانتك وبيدك تنثر عليها التراب.
وانظر لمن حولك لتعرف الفرق بين الحضور.. والحضور الطاغي.. والتلاشي.. فمن كان حضوره طاغياً في الأمكنة لم يصنع الكثير.. ولم يلبس قناعاً.. إنما دخل بخطواته الواثقة.. لا يهتم إن تعثر لأنه يقوم فوراً ويعتبره موقف طبيعياً.. ليس في وجهه تعبير التوتر.. نظراته ثابتة.. وكلماته تحكي عن شخصيته.. لديه رسالة مقتنع بها.. لديه معاييره الخاصة.. لديه انفتاح على الآخرين دون النظر لخلفيتهم الثقافية والاجتماعية والمادية والدينية.. يحترم الإنسان باختصار لأنه يحترم نفسه.. يعرف عن ماذا يتحدث.. ويدرك متى يسكت.. ويعلم في أي موضع يسمح لجنونه أن يكشف عن نشوته.. ويعلم متى يمكنه أن يأخذ وضعية «المزهرية» باسترخاء وقناعة.. لا يخوض في كل شيء.. لكن لديه فضول الشك اللطيف الذي يريد أن يعرف كيف يكون الهراء والغباء والتسطح.. مثلما يريد أن يعرف كيف يكون العمق والذكاء والجدية.. في وقت ما ستجد كلماته تردد في الأمكنة.. وهناك من يحاكي طريقته وأسلوبه.. لأنه فعلاً أصبح نجماً لمن عرفه.