نوال صعفق العتيبي ">
(من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) كلمة رواها أحد الأناجيل عن المسيح (عليه السلام)، في قصة امرأة متهمة بالفاحشة، وأرادوا رجمها، وأرادوا أن يحرجوا المسيح بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام). فقال لهم تلك العبارة، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر. فلما قالها لهم، رجعوا، فلم يرجمها أحد، لأنهم قالوا لأنفسهم: من منا بلا خطيئة؟! من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟!
وللأسف في مجتمعنا المحلي المسلم غالبا ما تتسارع الأيدي والألسن لنهش لحم أي شخص يخطئ أو تصدر حوله شائعة أو تصدر منه زلة ويستسهل الحديث عنه لكلمة أو مقالة أو مقولة لربما لم تفهم كما يقصد أو لفقت له.
قبل أشهر نشرت إحدى الكاتبات مقالاً كثر حوله اللغط والشد والجذب فتسابق البعض في وسائل التواصل الاجتماعي بتناول الحديث عنها وعن اخلاقها وسمعتها، وطال الجدال أفراد عائلتها؛ فما بين قذف ولعن وشتم وطعن بكل سهولة.
أنا لست هنا للدفاع عن أحد أو مهاجمته، بل لنقاش فكرة: هل سهل علينا كمجتمع مسلم حينما نرى أو نسمع عن بعضنا الخطأ أو الزلة أو اختلافه عنا ومخالفته لما نعتقد أن نتناول عرضه وسمعته بكل وحشية مقيتة، لا تمت لأخلاقنا الإسلامية بصلة.
والمضحك المبكي أن البعض ممن يهاجمون ويقذفون مليء بالأخطاء والذنوب وليس فيهم المنزه المثالي. نحن بني آدم جبلنا على الخطأ والتوبة والاستغفار.
لكن خطأ أحد منا لا يُسهل علينا الهجوم عليه والخوض في عرضه وكأننا ملائكة منزهون، شرعنا يحرم القذف والتكفير والسب واللمز والهمز، وللأسف من نصب نفسه هنا للدفاع عن الدين يفعل ذلك كله باسم الخوف على دينه وحبه له. وهو بفعلته هذه يسيء لدينه قبل نفسه.
قبل التسرع بمهاجمة المخطئ والمطالبة بعقوبته فلنتذكر ما لدينا من أخطاء، وما أمرنا به شرعنا الحنيف بالتثبت من أي إشاعة والنصح باللين. لا تدعي الفضيلة وتتعالى على المخطئ وأنت أبعد ما تكون عنها.
لا تهاجم وتقذف وتشتم كل من يخالف فكرك وقناعتك التي تحتمل الصواب والخطأ. لمجرد أنك لا تريد أن يرى إلا ما ترى. فالعالم أوسع وأكبر من ذلك. المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. خطأه أو اختلافه عنك وكراهيتك له ولأسلوب تفكيره لا تبيح أياً منهم. فكلنا عباد لرب رحيم ودود لطيف غفور.
- باحثة دكتوراه جامعة الملك سعود