عبدالله العجلان
ما الذي دفع إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح آل طالب إلى التطرق في خطبة يوم الجمعة الماضي للشأن الرياضي، وللتنبيه والتنويه عن الآثار السلبية التي باتت تتزايد جراء التناحر والتشاحن والتباغض والاتهام والتنابز فيما بين منسوبيه؟..
إذا أخذنا بالاعتبار أنها المرة الأولى التي تتضمن فيها خطبة الجمعة في المسجد الحرام المجال الرياضي، فهذا دليل على أن الوضع بلغ حداً مقلقاً ومخيفاً، وأن انعكاساته السيئة باتت تؤرق الجميع بمختلف مواقعهم وشرائحهم ومسؤولياتهم وليس فقط المنتمين للوسط الرياضي، كما أن فضيلته لم يعط الموضوع هذا الاهتمام رغم ما تمر به الأمتان العربية والإسلامية في هذا الوقت من مآس وصراعات وحروب دامية مهلكة، وفي خطبة يتلقاها ويتابعها ويحرص عليها ملايين المسلمين في أرجاء المعمورة إلا لأنه استشعر حجم وفداحة وخطورة وإشكالية ما يتردد حالياً في الشأن الرياضي..
حينما حذرنا غير مرة وفي أكثر من مناسبة طيلة السنوات الأخيرة الماضية من مغبة وهستيريا الملاسنات المتهورة وبث لغة الكراهية والإيذاء والعدوانية في الوسط الرياضي، فهذا يثبت صحة ومصداقية مخاوفنا وكذلك خوفنا من الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة المزعجة، والتي امتدت شرورها إلى كل فئات ومكونات المجتمع، وباتت - للأسف الشديد - جزءاً من ثقافتهم، وتتدخل في طبيعة عملهم وتؤثر على فكرهم وتفكيرهم وثقافتهم ونظرتهم للحياة والحاضر والمستقبل..
أتألم كثيراً عندما أرى أو أقرأ لأحدهم وقد انقلب من شخص عاقل له مكانته وقدره واحترامه إلى آخر متهور متعصب محتقن كاره متأزم ناقم، لا يتردد بتوجيه ما يروق له من الاتهامات وعبارات الإهانة والتطاول والتجريح لكل من يخالفه الرأي والميول، وقس على هذا الكثير ممن هم أدنى منه علماً ومستوى ومكانة على طريقة (من عاقلكم....)، وزاد الأمر سوءاً انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وسهولة وعدم وجود ضوابط وقيود ما يطرح فيها، ما جعل كثيراً من الأسماء المعروفة تفضح نفسها ومستوى عقليتها وتفكيرها..
اليوم نحن أمام أزمة حقيقية في تشكيل الرأي العام، فصار من السهل جداً استهداف شخص أو جهة لمجرد أن فئة ما أخذت على عاتقها إسقاط وتشويه صورة واسم وتاريخ وسيرة من لا يتوافق معها في الفكر والرؤى والتوجه، وتأثير ذلك على نوعية القرارات وعلى أجواء وظروف العمل والخطط والإستراتيجيات. وما لم تصدر أنظمة صارمة في مضامينها وتطبيقها تقف في وجه كل من يتمادي في تهوره وأراجيفه، فإن الأمور ستتفاقم ويصبح علاجها أو حتى احتواؤها صعباً وربما مستحيلاً..
العَلم أهم من القلم!
يستفزني الإعلامي الذي يغالط ويتهم ويدافع ويحامي ويتهم ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالنادي الذي يميل إليه أكثر حماساً وانتماء من المسؤولين عن النادي أنفسهم، ترك أمانة وواجبات مهنته ليتحدث باسم النادي ويقرر مصيره ويرسم سياسته وتوجهاته، لا يتوانى بالمطالبة بالاستغناء عن المدرب، هو من يضع التشكيلة ويرسم الخطة، يزبد ويرعد ويهدد ويتوعد اللجان والحكام بمفردات لا تصدر من صغار المشجعين في المدرجات..
المصيبة أن هذه النوعية الفجة الأمعة هي من تتصدر البرامج، وهي التي وجدت التطبيل والتأييد والتحفيز من عموم جماهير ومحبي ومسيري وأعضاء شرف النادي، مثل هؤلاء الإعلاميين لا يعنيهم تندر واشمئزاز العقلاء بقدر حرصهم على أن يكونوا الأبطال الشجعان الأشاوس في نظر المتعصبين والجماهير السذج، كما أن بعض الإدارات تستخدمهم وسيلة لتغطية أخطائها ولإلهاء الجماهير وامتصاص غضبهم وقت الإخفاق بترويج المظلومية وتكريس نظرية المؤامرة..
لهم نقول: خافوا الله، انقذوا أنفسكم، مارسوا دوركم واستقلاليتكم، استفيدوا من منابركم والحرية المتوافرة لكم لنشر الوعي والرقي، وتأكدوا أنه سيأتي اليوم الذي ستحاسبون فيه على كل فكرة شريرة وكلمة سيئة وتهمة باطلة..!