سعد الدوسري
كما أن هناك سلبيات لا حصر لها في استخدام الهواتف المحمولة في مواقع العمل، هناك سلبيات أكثر في استخدامها داخل المنزل، بالطريقة التي نراها اليوم، والتي تجعل حياة الناس عبارة عن تواصل رقمي لا ينتهي، ليلاً ونهاراً، دون أن يقف إيٌّ منهم أمام نفسه ليسألها:
- وماذا بعد؟! ما نهاية هذا الانكباب اليومي على رسائل ومقاطع وتغريدات لا تنتهي؟! إلى متى سأظلُّ عبداً لهذا الضجيج المتواصل الذي أخرجني من دائرة إنسانيتي إلى عالم افتراضي لا دفء فيه، ولا مشاعر حية فيه، ولا صدق فيه، ولا وضوح فيه.
ومع عوالم التواصل التي فصلت الأسرة عن بعضها، صار الحديث الواقعي معدوماً بين الإخوان والأخوات، والآباء والأبناء والبنات، وحتى الأزواج والزوجات، فالقروبات حلت محل المجالس، والرسائل وفرت الوقت والجهد والاستعداد النفسي للمناقشات، وصار كل الأمور البسيطة والمهمة، تحسم عبر واتس آب أو تكست مسج!
وبالنسبة للأب الذي ينيب السائق عنه، في مشاوير زوجته وأبنائه وبناته، فإن المراسلات الرقمية تحولت لمشاوير تنقلهم له، مما يزيد في انفصاله عنهم. ولقد حدثني صديق عن تجربة إيجابية عاشها قبل أسابيع.
فعندما هرب سائقه، اضطر للقيام بمهام لم يكن يقوم بها، وعلى رأسها مشاوير جامعة البنات ووظيفة الزوجة.
يقول:
- وجدت نفسي أعيش معهم من جديد. فلأنني لا أستطيع استخدام جوالي وأنا أقود السيارة، تضطر من تركب معي في السيارة للحديث معي. ويالله كم هي تجربة غنية بالمشاعر الدافئة. تجربة تجعلك تمقت كل ما له علاقة بالجوال.