رئيس التحرير يحاضر بجمعية الصداقة العربية - الألمانية في برلين عن الإرهاب الدولي وتجربة المملكة في مكافحته وجهودها في نشر الوسطية والاعتدال ">
برلين - عبدالله بن فهد أباالجيش:
تلبية لدعوة من جمعية الصداقة العربية الألمانية، التي تهدف إلى تطوير التعاون بين ألمانيا والعالم العربي في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والتجارية والبحثية العلمية، قام الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس التحرير بإلقاء محاضرة تحت عنوان (الإرهاب الدولي وتجربة المملكة في مكافحته وجهودها في نشر الوسطية والاعتدال)، وذلك بمقر الجمعية بالعاصمة الألمانية برلين، أمام كوكبة من المسؤولين والدبلوماسيين الأجانب والألمان ولفيف من المثقفين والمستشرقين والأكاديميين الألمان وضيوف من الخارجية الألمانية ووزارة الاقتصاد واتحاد الصناعات وعدد من مؤسسات الفكر والاختصاص وصحفيين ألمان ومهتمين من أعضاء جمعية الصداقة العربية - الألمانية وأعضاء الهيئة البرلمانية الألمانية، وبحضور كل من سعادة الدكتور علي العباد الرجل الثاني بسفارة خادم الحرمين الشريفين ببرلين وسعادة الدكتور عبدالرحمن الحميضي الملحق الثقافي بجمهورية ألمانيا الاتحادية وسعادة الدكتور حسام معروف رئيس جمعية الصداقة العربية الألمانية. وقد قامت الكاتبة والصحفية الألمانية السيدة/ جوليا جيرلاخ، التي عادت لتوّها من زيارة إلى المملكة، بإدارة المحاضرة، التي تناول فيها رئيس التحرير دور المملكة العربية السعودية التي لا تدخر جهداً في مكافحة الإرهاب فكراً وممارسة بكل الحزم، وعلى كل الأصعدة.
وفيما يأتي نص المحاضرة:
حين أكون هنا بين هذه الصفوة المنتقاة لسماع رأي مني، أو وجهة نظر أقولها لكم، وحين أكرم بدعوتي لهذا اللقاء، وبالطلب مني أن أحدثكم عن موضوع يشغل ذهني، وربما أذهانكم معاً، كما في كل المواقف المماثلة، يحسن بالمرء أن يتواضع، وأن يستمع أكثر مما يتحدث، وأن يكون كلامه - إذا ما تحدث - هيناً ليناً خفيفاً على الحضور؛ حتى يبعد عن نفسه الشك من أن مللاً قد يخيم على أجواء من أحسنوا الظن بالمتحدث، فيما أن حضوره جاء تكريماً له، وتوقعاً بأن يستمع الآخرون إلى إجابات منه لما كان مثار تساؤلاتهم في الحياة والناس والمجتمعات والدول، وفي كل شأن وفن، بما لا يغيب عن فطنة الحضور ومن يتحدث لهم.
* * *
خالجني هذا الشعور، ورافقني منذ دعيت إلى هنا، وبدأت بكتابة ما أعتقد أنه يعبّر عن شيء في نفسي، ويلبي (ربما) بعضاً من رغبات تحسستها لدى بعض من هو هنا، مع قناعتي بأن ما سأقوله للحضور لن يرضي كل من أتمنى قبولهم لكلامي المتواضع؛ (فرضا الناس غاية لا تدرك) تنطبق تماماً على شخصي وكلامي لكم، مثلما يمكن تطبيقها على الكثيرين ممن يحملون وجهات نظر في مختلف شؤون الحياة، ومع ذلك فهي حين لا ترتقي إلى المستوى الذي يطمح إليه أصحابها، وإن حاولوا، أو اجتهدوا، فعليهم ألا يتأثروا مهما كانت طبيعة ردود الفعل. ولعلي من هؤلاء الذين يؤمنون بأن الخلاف لا يفسد للود قضية، وأن احترام الرأي والرأي الآخر قاعدة ينبغي لكل منا أن يضعها في السقف العالي من اهتمامه والتزامه بها.
* * *
ولعل أكثر ما يشغل بال الجميع على امتداد دول العالم اليوم ظاهرة (الإرهاب) الذي يتمدد، ويتوسع، وتتنوع أساليبه، ويضرب بقوة هنا وهناك، دون أن يُستأصل من جذوره، أو تضعف قدراته، أو تُحجم إمكاناته، فيما تتصاعد خطورته وأخطاره؛ إذ يقوم بقتل الأبرياء، والتمثيل بالضحايا المسالمين، وتوسيع دائرة التفجيرات، وتنويع أساليب الإرهاب، والعدوان على كل من لا يتناغم مع أفكارهم، أو لا يستجيب للمشاركة في عدوانهم. والهدف في كل هذه الجرائم واضح، لكنه غير مبرر. وحسبنا أن نرى في ممارساتهم بأبعادها الإنسانية والأخلاقية والثقافية والدينية ما يؤكد أنه لا سبيل إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في العالم ما لم يتم نزع فتيل الإرهاب الدولي ضمن تعاون جدي وصادق بمشاركة فاعلة على مستوى العالم.
* * *
ولنا أن نتساءل: ما الإرهاب؟ ومن هو الإرهابي؟ الجواب لا يحتاج إلى مزيد من التأمل أو التفكير، إنه - من وجهة نظري الشخصية - مَن يقتل نفسه بحزام ناسف، ولا يرحم غيره. مَن يعتدي عليك وعليَّ، ولا يستثني أحداً من المجتمع. إنه من يستخدم السلاح للإجهاز على حياة الآمنين، فييتم الأطفال. هو من يتعمد تفجير مجمع سكني؛ لينهي حياة سكانه من النساء والأطفال وغيرهم. ومثل ذلك من يقوم باختطاف شخص أو أكثر، والتنكيل بهم ثم قتلهم، ومن ثم تصوير هذا المشهد الدامي وعرضه لتخويف أفراد المجتمع، بينما كان عليه ألا يعرض نفسه للمساءلة وتطبيق القانون بعدم قيامه بهذا العمل الإجرامي المشين، فيما أن والديه وأطفاله أحوج ما يكونون إلى مساعدته وخدمته، لا أن يعرض نفسه للموت.
* * *
والإرهاب - وهو موضوعنا - بمختلف أشكاله وصوره لا يقتصر على القتل والاعتداء على المؤسسات، وإشاعة الفوضى في البلاد، وإنما يمتد إلى دور مشين، يقوم به بعض القادرين من المفكرين والمثقفين والكتَّاب والإعلاميين بتوظيف أقلامهم لخدمة الأعمال الإرهابية، وإلى بعض أساتذة الجامعات والمربين والدعاة لعدم توعيتهم للشباب بخطورة الانضمام إلى الخلايا الإرهابية، وعدم إفهامهم بما ينتج من ممارسة العمل الإرهابي من جرائم بحق الإنسانية، وأن ذلك يشكّل خنجراً ساماً وقاتلاً في خاصرة وصدر كل المجتمعات التي تجمعها ولا تفرقها الشراكة في الحقوق والواجبات كافة.
* * *
لهذا لا ينبغي للعالم أن يسمح بنمو الفكر المتطرف تحت أي ذريعة، ومهما كان السبب، بل عليه أن يقاوم تمرير أي أهداف مشبوهة تصنف ضمن دائرة الإرهاب، وأن يكرس جهده وإمكاناته وطاقاته في محاربة هذا الفعل القبيح، والتصدي له بكل الأساليب، ضمن تعاون حقيقي بين الدول للحيلولة دون نموه وتمدده وتأثيره، فالإرهابيون لا يستثنون أحداً ممن يقع في قبضتهم، أو يكون في متناول قدراتهم. والإرهاب بإجماع العالم ليس له دين أو قومية أو وطن، وكل من يرى غير ذلك فهو يتنصل من مسؤولياته، ويضع نفسه في موضع من له دور أو إسهام في الإرهاب الذي يكتوي الجميع من نيرانه بمثل هذا الموقف.
* * *
هناك تزاوج بين ممارسة الإرهاب وثقافة الإرهاب. الأولى تقع المسؤولية في التصدي لها وقمعها على الأجهزة الأمنية، أما الثانية وهي ثقافة الإرهاب وما تقوم به من دور في الإغراء والتغرير بالشباب، وفتح الأبواب للترغيب في ممارسة العنف والإرهاب. فهذه تقع المسؤولية في التصدي لها على المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والثقافية والاجتماعية. وثقافة الإرهاب لها أكثر من وجه وأكثر من لغة وأكثر من أسلوب؛ كونها تخاطب العقل، وتتوجه إلى النشء، وقد ينخدع بها العامة أيضاً؛ ما يجعل المواجهة المسلحة مع الإرهاب أسهل من مواجهة ثقافته.
* * *
والإرهاب - بحسب التعريف العربي المتفق عليه بالإجماع - هو كل فعل من أفعال العنف، أو التهديد، أياً كانت بواعثه وأغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، أو يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم، بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر. وكذلك عند إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق العامة أو الخاصة، أو احتلالها، أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر. وبهذا التعريف يحظر على أي إنسان القيام أو الاشتراك بأعمال إرهابية، سواء بالمساعدة أو الاتفاق أو التحريض، أو أية صورة من الصور في تنظيم الأعمال الإرهابية أو تمويلها، وكذلك الحيلولة دون اتخاذ أو استخدام الأراضي مسرحاً لضحايا الإرهاب، كما نصت على ذلك الاتفاقية التي وقّعتها جميع الدول العربية عام 1998م.
* * *
وعلينا أن نفرّق بين الإرهاب - بحسب التعريف السابق - وحق الشعوب في الكفاح ضد من يحتل أراضيها، وسعيها لتقرير المصير وفق ما تنص عليه قرارات ومبادئ الأمم المتحدة، وهو ما يأتي عادة دفاعاً عن أرض مغتصبة، أو عمل له ما يبرره لاستعادة الحقوق المشروعة من عدو ظالم يعتدي على حقوق الشعوب، وهو حق كفلته لهم الأعراف الدولية والقرارات ذات الصلة الصادرة من المنظمة الدولية. أي أن هذا الكفاح المسلح المشروع إنما يتم في مواجهة إرهاب الدولة المحتلة، بما لا تنازع أو اختلاف حول هذا الحق الذي تسمح القوانين به لمقاومة المستعمر إلى أن يرحل عن أراضٍ سيطر عليها بالقوة المسلحة، وبممارسته لما يعرف بإرهاب الدولة الذي تجرِّمه الأعراف والمواثيق الدولية.
* * *
على أن التعريف العربي للإرهاب لم يُحسم الجدل حوله؛ فبحسب ما نشرته صحيفة الجزيرة، فإن الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي يرى أنه ليس هناك تعريف دقيق ومحدد متفق عليه حتى الآن لمفهوم الإرهاب، وإن كان يرى أن هناك مفهوماً عاماً للإرهاب، وهو يتركز في الأعمال التي تنضوي على ترويع المدنيين المسالمين العزل من السلاح على نحو عشوائي، بهدف بث الرعب والذعر بينهم. فيما يرى المستشار القانوني محمد عبدالقادر عبدالله أن هناك خلافاً دولياً على تعريف الإرهاب؛ وذلك لاختلاف المقاييس والمنظور والمصالح من دولة لأخرى، وأن الأمم المتحدة لم تحرز أي تقدم نحو تعريف الإرهاب. ويشير المستشار القانوني فتحي رجب إلى أن متخصصي القانون الدولي اختلفوا في وضع مصطلح تعريفي للإرهاب الدولي منذ عام 1930 حتى الآن؛ وبذلك فإن أمام دول العالم من خلال الأمم المتحدة فرصة للوصول إلى تعريف دولي للإرهاب، ومن ثم مواجهته بما يمنع تمدده وتوسعه وزيادة الخطورة المتنامية التي يشكلها للإضرار بالسلام في العالم.
* * *
على أن التصدي للإرهاب، وتجفيف منابعه، يقتضيان من دول العالم التعاون فيما بينها لوضع خارطة طريق للقضاء عليه، بدءاً بالمواجهة الفكرية، مروراً بالتصدي المسلح لعناصره، بما في ذلك خلاياه النائمة. فالإرهاب إذا لم يواجه بالقوة في مكافحته ضمن استراتيجية فاعلة، ترسم أهدافها بدقة، انطلاقاً من أنّ الإرهاب ظاهرة عالمية، وأنه لا يستثني دولة من الدول، وأنه يتحرك دون أن يعطي بالاً أو اهتماماً للدين أو الجنس أو المكان والزمان، فستظل دول العالم ساحة مفتوحة ومباحة للعمليات الإرهابية بكل أشكالها وصورها، طالما بقي العالم مسترخياً وغير متعاون في التصدي بروح المسؤولية لهذه الظاهرة التي تعرِّض حياة الأبرياء للخطر.
* * *
الإرهاب يتصدّر اليوم اهتمام العالم، بالمتابعة والشعور بالخطر، والتنادي إلى تجفيف منابعه، والتصدي له، والدعوات المتكررة لتطويقه، وعقد المؤتمرات لهذا الغرض، دون أن يلوح في الأفق ما يمكن أن يعوّل عليه من إجراءات حقيقية وفاعلة لإظهار التصميم الدولي والإرادة العالمية للقضاء عليه؛ فمقاومته لا تتناسب مع ما يشكله من خطورة على الاستقرار والسلام، والتعامل معه يبدو مرناً ورخواً، وإنْ شئت فقل إنه تعامل غير جاد؛ بدليل أنّ الإرهابيين ما زالوا يتمتعون بقوّتهم، ويحتفظون بالمناطق التي يسيطرون عليها، وأكثر من ذلك فإنهم يفتتحون من حين لآخر جبهات جديدة في مناطق جديدة، لم تكن تحت سيطرتهم من قبل، ويتدفق عليهم المال والسلاح بما يقوي من قدراتهم العسكرية والمالية، فضلاً عن تملكهم لوسائل ذكية وتقنيات عالية لاستقطاب الشباب من مختلف دول العالم للانخراط في تنظيماتهم.
* * *
هذه هي داعش، ومن قبلها القاعدة، وهما تنظيمان خطيران، أشغلا العالم، ومارسا من العدوان ما لا تقره الأديان والأخلاق والقيم، قتلاً وسبياً وتدميراً بلا رحمة أو إنسانية، أو شعور بالمسؤولية. فهؤلاء المجرمون من خلال أفعالهم يبدو أنهم أعداء للحياة والناس؛ إذ يحاربون الحضارات والتراث والتاريخ، ويعبثون بكل ما يرمز إلى قيمة الإنسان، ولا يكتفون بذلك، وإنما يمارسون قتله وسبيه، وممارسة تعذيبه، قبل أن يجهزوا عليه بطريقة وحشية، لا تقرها القوانين والأعراف والأخلاق والديانات والإنسانية.
* * *
إذاً، فإن استئصال شأفة الإرهاب يتطلب من دول العالم أن تعيد النظر في استراتيجيات تعاملها وحساباتها مع الإرهابيين على نحو يمنع تدفق الأسلحة والمال إلى أيديهم، ويحول دون تمكينهم من الحصول على الأرضية التي تساعدهم على تنظيم صفوفهم وكسب المزيد من الولاءات والدعم لأجندتهم وأهدافهم. فتزايد الإرهاب لا يوقفه هذا التعاطي المتردد الذي تتعامل به الدول مع هذه الظاهرة برغم استفحال خطرها، وتضرر جميع الشعوب والدول منها. فالشجب والإدانات وتجريم الإرهاب دون مواجهة فاعلة لن يؤمن الأمن للدول والشعوب. وحسبنا أن نذكِّر بعدد الضحايا الأبرياء الذين قضوا، والدمار الهائل الذي لحق بالدول، والفوضى التي تعم العالم؛ وكل ذلك بسبب سطوة الإرهاب وتخريبه لكل ما هو جميل في هذه الحياة.
* * *
وعندما أتحدث عن الإرهاب، عن المجاميع الإرهابية، عن أولئك المتطرفين، وما يصاحب عدوانهم من دعم لوجستي، أو مالي، أو إعلامي، فأنا أتحدث عن تنظيمات تتمتع بالقدرة والإمكانات وحرية الحركة في تنفيذ أعمالها ومخططاتها الإجرامية. وعندما يكون حديثي عن الإرهاب فأنا أتحدث عن تجربة مريرة، مرت بها بلادي - وما زالت - مع الإرهابيين، وهي تجربة لم تمر بها دولة أخرى من حيث تأثير جرائم الإرهابيين وحجمه ونتائجه؛ إذ لم يستثن هؤلاء الإرهابيون مسجداً، أو مدرسة، أو مركزاً طبياً، وامتد إرهابهم إلى النساء والأطفال وكبار السن، ولم يتركوا موقعاً أمنياً أو اقتصادياً أو سكنياً دون أن تكون لهم بصمة إرهابية، وساووا في عدوانهم بين المواطن السعودي والمقيم من غير السعوديين في المملكة العربية السعودية؛ فهم لم يستثنوا أحداً من هؤلاء.
* * *
ومع هذا، هناك - جهلاً أو قصداً - من يخالف الحقيقة، ويفتئت عليها، ويتهم المملكة العربية السعودية بدعمها للإرهاب، وأن مدارسها وجامعاتها تحمل في مناهجها ثقافة إرهابية، ساعدت هذه المجموعات على تبنيها. وهو كلام غير صحيح، واستنتاج تكذبه الحقائق والوقائع من خلال استهداف الإرهابيين للمملكة بأكثر مما يتم مع الدول الأخرى. وعلينا أن نفتش عن الدول التي لم يمسها الإرهاب ولو لمرة واحدة، لتلاقي أفكار مسؤوليها مع أفكار هؤلاء، ودعم هذه الدول لهم في تنفيذ برامجهم التخريبية. ولعل إيران - وهي إحدى الدول التي لم تكن في أي يوم من الأيام هدفاً للإرهاب - تعطي الدليل على أنها ليست بريئة مما يجري، بل هي حاضنة وداعمة ومؤيدة، وأنها تستخدم العناصر الإرهابية للإضرار بجيرانها، وتقوض بهم الأمن والاستقرار في أي دولة لا تكون على وفاق معها.
* * *
أريد أن أقول لكم صراحة: إن الكثير من القضايا الإرهابية، حين نفتش عن المحرض لها، والداعم لها، والحاضن لها، لن تكون إيران بريئة من ذلك؛ فما هو معلن من جانبها ومشاهد على الواقع نجده الآن في العراق وسوريا واليمن ولبنان؛ إذ يتحرك الإرهابيون بتوجيه من إيران لزعزعة الاستقرار في هذه الدول، وما خفي أعظم. ولنا أن نتخيل كيف أن الجمهورية الإسلامية لم ينلها ولو لمرة واحدة أذى القاعدة، ومن ثم داعش، بينما تظل المملكة العربية السعودية هدفاً مفضلاً للقاعدة ولداعش كلما سنحت لهذه المجاميع الإرهابية الفرصة لإلحاق الضرر بها؛ وهو ما يثير الانتباه؛ ويطرح السؤال عن الدور المشبوه للإيرانيين في الحوادث الإرهابية.
* * *
وكل منصف راقب ويراقب الموقف السعودي من الإرهاب بحيادية تامة، وكان جاداً في التعرف على الحقيقة، أمكنه أن يتفهم ويتعرف على مدى التزام المملكة بالوسطية والاعتدال، ومقاومتها للتشدد في كل شأن من شؤون الحياة، وأن من يمارس الإرهاب داخل المملكة العربية السعودية يضع نفسه في طائلة المحاسبة والعقاب، وأن محاربتهم وفقاً لسياسة المملكة وثوابتها ومواقفها من الإرهاب ملزمة وضرورية، سواء كان هؤلاء المجرمون مسلمين أو غير مسلمين، عرباً كانوا أو غير عرب، وبما في ذلك الإرهابيون السعوديون.
* * *
لقد كان عدد ضحايا العمليات الإرهابية في المملكة على مدى عقدين من الزمان أكثر مما هم في أي دولة أخرى، كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وأنها تنوعت بين التفجيرات للمجمعات السكنية والأمنية والاقتصادية، وأن القتلى كانوا من المدنيين السعوديين وغير السعوديين، وكان هناك نصيب غير قليل من رجال الأمن في هذه الأعمال الإرهابية، الذين لقوا حتفهم وهم يطاردون فلول الإرهابيين. أما الدمار والخسائر المادية فهي أكثر مما يتصوره من لم يقف ويتابع آثار هذه الموجات الموصوفة بالرعب، التي يحاول البعض أن يختصر سببها - عن جهل أو قصد - بالإسلام بمناهجه وثقافاته على أنه المحرك لهذه القوى الشريرة للقيام بهذه الأعمال الإجرامية، دون أن يسلم موقف المملكة من الحملات الإعلامية التي تشكك بدورها في محاربة الإرهاب، ضمن توجه عدائي لإلصاق التهم بها، وتشويه موقفها، وتحريض الدول عليها.
* * *
مع أن جهود المملكة في مكافحة الإرهاب واضحة ومعلومة، كما يقول بذلك الباحث السياسي سمير فاروق حافظ في ورقة له قدمها لمؤتمر عن مكافحة الإرهاب، في حديثه عن تجربة المملكة العربية السعودية، ونشرت في مجلة «شؤون خليجية»، وهي مجلة فصلية محكمة، واصفاً دورها في مكافحة الإرهاب بأنه دور مشهود، سواء ما كان على الصعيد الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، أو في مجال الإجراءات المالية والأمنية، وتعقب خلايا الإرهاب، والتصدي لها وللقائمين عليها، مشيراً إلى أن المملكة دعت منذ زمن بعيد إلى تبني استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب، وبشكل يمثل سبقاً لكل جهد دولي في مجال مكافحة الإرهاب، كما أسهمت في وضع خطة إعلامية نموذجية شاملة لتوعية المواطن العربي وتسليحه بالقيم الروحية والأخلاقية ضد الإرهاب والفكر المتطرف.
* * *
وحتى من يتهم موقف المؤسسات الشرعية في المملكة في مواجهتها للإرهاب فإنه لا يعدو أن يكون موقفاً مسيساً، يتغافل في اتهامه عن الحقيقة، مدفوعاً بموقف عدائي مسبق من المملكة، مع أن موقف المؤسسات الشرعية في المملكة لا يحتاج إلى دليل لنفي مثل هذه المزاعم التي تفتقر إلى الدليل والإثبات، كما أن الأمة الإسلامية بعمومها - كما يقول الدكتور حامد الجدعاني من جامعة أم القرى في بحث قدمه إلى مؤتمر (دور العلماء في الوقاية من الإرهاب والتطرف)، الذي نظمته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية هذا العام - أمةُ الوسطية والاعتدال، البعيدة كل البُعد عن الغلو والتطرف والإرهاب، الداعية إلى نشر معالم التسامح والسماحة بين أبناء البشر بأطيافهم كافة، وأن الإسلام يقدم المنهج الوسط المتسم بالاعتدال في جميع شؤون الدين والدنيا، كما أنه يحذر من الإفراط أو التفريط.
* * *
ومن بين الجهود التي تُظهر حقيقة الموقف السعودي من الإرهاب - وهي كثيرة - جاء تبنِّيها للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، واستضافتها له بمشاركة أكثر من خمسين دولة، بما فيها الدول الكبرى، كأمريكا وروسيا ودول المجموعة الأوروبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والمختصين العالميين في هذا المجال. وقد أنهى المؤتمر اجتماعاته بالاتفاق على أهمية ترسيخ التفاهم والتسامح والحوار والتعددية والتعارف بين الشعوب، والتقارب بين الثقافات، ورفض منطق صراع الحضارات، ومحاربة كل أيديولوجية تدعو للكراهية، وتحرص على العنف، وتسوغ الجرائم الإرهابية. كما تم الاتفاق على منع الإرهابيين من امتلاك الأسلحة، ومنع الإرهابيين من استغلال قوانين اللجوء والهجرة للحصول على ملاذ آمن، أو استخدام أراضي الدول كقواعد للتجنيد أو التدريب أو التخطيط أو التحريض، أو الانطلاق منها لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدول الأخرى.
* * *
وانطلاقاً من عمق الاهتمام السعودي بمكافحة الإرهاب، وما يمكن أن يسهم به الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من دور في مقاومة الإرهاب، وإرساء قيم التفاهم والتعايش ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية على مستوى العالم، فقد تبنت المملكة إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لهذا الغرض. ومن موقع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني هناك إشارات إلى أن مركز الملك عبدالله العالمي أسس ودشن مقره لنقل الحوار من قاعات التنظير والبحث إلى الممارسات العملية على أرض الواقع، تتجاوز في مضامينها وأهدافها وآلياتها الصعوبات والمعوقات التي قد تحول دون الالتقاء حول المشتركات الإنسانية التي تجمع أتباع الأديان والثقافات، وتنتصر لقيم التفاهم والتعايش، ومكافحة جميع أشكال التصنيف والتطرف، بأمل أن يسهم هذا المركز في تضييق الفجوة بين الأديان والثقافات، وصولاً إلى توافق بين الدول على تجريم الإرهاب ومحاربته.
* * *
وإذا كان تنظيم (داعش) هو سيد المجاميع الإرهابية، فقد اختصر وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير موقف المملكة من هذا التنظيم أمام اجتماع قمة مكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي، الذي عقد هذا العام، برئاسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بالقول: «إن المملكة من الدول التي استهدف الإرهاب أراضيها ومواطنيها، وإنها لا تزال في مواجهة مستمرة معه للقضاء على مصادره ومسبباته، بغض النظر عن دوافعه وهوية مرتكبيه. وإن المملكة سنَّت لهذا الهدف الأنظمة الكفيلة بمنع تمويل الإرهاب، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى مناطق الصراع بغية الانضمام إلى الجماعات الإرهابية».
* * *
كما أشار موقع وزارة الخارجية السعودية في تقرير للوزارة، نشرته وكالة الأنباء السعودية، إلى استراتيجية المملكة في مكافحة الإرهاب، وتصديها لأعمال العنف والإرهاب، بأنها تتم على المستويَيْن المحلي والدولي، وأنها حاربته محلياً، وشجبته وأدانته عالمياً. فعلى المستوى المحلي حاربت المملكة الإرهاب من خلال خطَّيْن متوازيَيْن، هما المعالجة الأمنية، والمعالجة الوقائية، في موقف حازم وصارم ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدَيْن المحلي والدولي؛ كون الإرهاب آفة خطيرة، لا وطن ولا دين له، ولا يعرف جنساً ولا زمناً ولا مكاناً، أو طائفة أو عرقاً أو لوناً. وقد طالت جرائم الإرهابيين العديد من دول العالم الذين وجدوا نوافذ فيها للتسلل إلى عمق أراضيها.
* * *
ومع أن العمليات الإرهابية في المملكة أكثر من أي دولة أخرى إلا أنها كانت ستصبح أكثر من ذلك بكثير لولا اعتماد المملكة في وقت مبكر على استراتيجية شاملة، تعتمد المواجهة الفكرية مع الإرهابيين، وفي الوقت ذاته المناصحة لمن يقوم بتسليم نفسه من الإرهابيين للسلطات الأمنية، أو يتم القبض عليه؛ لتتم محاكمتهم عن طريق محكمة خاصة، مهمتها النظر في قضايا الإرهاب، وهي المحكمة الجزائية المتخصصة. وتقوم هيئة التحقيق والادعاء العام بالترافع في هذه القضايا بحكم أنها قضايا تخص أمن الدولة، مع توفير كل الضمانات لمحاكمة عادلة لكل من مارس الإرهاب، أو موله، أو حرض عليه، مع توفير فرص لهم للدفاع عن أنفسهم. وكل من تثبت براءته من المتهمين تلتزم الدولة بتعويضه وفق ما هو متبع ومعتمد في مثل هذه الحالات.
* * *
وامتداداً لذلك فقد تعاملت المملكة مع المتهمين بالإرهاب ممن يسلمون أنفسهم للسلطات الأمنية، أو يتم القبض عليهم بالجرم المشهود معلنين ندمهم وشعورهم بالذنب، من خلال لجنة المناصحة، وهي لجنة تعنى بمناصحة المتورطين بالإرهاب ممن يتم توقيفهم رهن التحقيق؛ بهدف دمجهم بالمجتمع، وتصحيح مناهجهم، والعودة بهم لجادة الصواب، ونصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوضيح خطورة منزلقاتهم الفكرية، وإرشادهم إلى مكامن الخطأ في تصرفاتهم. وقد لوحظ استفادة عدد غير قليل من المتهمين من المحاضرات والمناقشات بينهم وبين لجنة المناصحة المشكّلة من العلماء والدعاء والمفكرين، ونجاح المناصحة في تأهيلهم، نادمين على ما قاموا به من أعمال إرهابية، عرّضت أمن الوطن والمواطنين للخطر، معلنين توبتهم وتراجعهم عن أفكارهم المنحرفة، بعد أن تركت برامج المركز أثراً إيجابياً في قناعاتهم، وقدرتهم على الاندماج بالمجتمع بعد إكمال تنفيذ ما يصدر بحقهم من أحكام قضائية.
* * *
ولا يزال الجدل يدور حول أسباب ظاهرة الإرهاب في محاولة للوصول إلى جذوره. وقد تعدّدت الاتجاهات والمدارس التي تناولت هذه الظاهرة، ولكنها - كما يقول الدكتور عبدالرحمن المطرودي في كتابه نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام - تتفق في القول بأنّ ظاهرة الإرهاب مركّبة ومعقّدة، ولها أسباب كثيرة ومتداخلة، بعضها واضح وطافٍ فوق السطح، والبعض الآخر خفي غائص في الأعماق.. بعضها عام على المستوى الدولي، والبعض الآخر على المستوى المحلي في كل دولة. وإنّ الاستنتاجات تتنوع بحسب اختصاص الباحثين؛ إذ يركز البعض على بعض تلك الأسباب دون الآخر؛ فأهل التوجه الاقتصادي يركزون على الأسباب الاقتصادية، والاجتماعيون يركزون على الأسباب الاجتماعية، وهكذا السياسيون والمختصون في الشؤون الأمنية يردّونها إلى أسباب أمنية. وهناك من يرفض عزو أسباب الإرهاب إلى الأسباب المادية، ويجعلها أسباباً نفسية فقط بتكوين شخصية المجرم، أي أنها استعداد نفسي عند من يقوم بالعمليات الإرهابية، وأنّ الأسباب الأخرى ما هي إلاّ مثيرات لذلك الاستعداد النفسي، ويستدلون على ذلك بأنّ هناك مجتمعات يعاني الفرد فيها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ومع ذلك تخلو من الإرهاب بشتى أنماطه وصوره، ولكن متى ما وُجد الاستعداد الذاتي ووُجد المثير والمحفز كان ارتكاب جريمة الإرهاب.
* * *
وهكذا نرى أنّ المجتمع الدولي لم يتفق على أسباب نشأة الإرهاب، ولا الوصول إلى تعريف له، وأنّ التباين في المواقف من التعامل مع ظاهرة الإرهاب بين الدول وفّر مناخاً مناسباً للإرهابيين، وبيئة صالحة لانتشار المجاميع الإرهابية في أغلب دول العالم، وأنه لا سبيل لاتقاء خطورته ما لم تكن هناك إرادة دولية، تعمل بتصميم جاد، وتعاون حقيقي في محاربته فكراً بفكر، وبالقوة المسلحة القادرة على هزيمته، وأن يكون المموّل والمحرّض ومن يؤوي الإرهابيين جميعهم في خانة الإرهابيين الذين يجب أن يكونوا أهدافاً من أجل القضاء على الإرهاب.
* * *
أخلص بعد كل ما أشرت إليه، نقلاً عن مجلة شؤون خليجية مع شيء من التصرف، إلى ما ذكره الدكتور (ماجنوس رانستروب)، وهو خبير في شؤون الإرهاب، وقام بإجراء مقابلات مع مائة إرهابي، مؤكداً أنّ التهديد الإرهابي الذي يواجه العالم هو (حرب الجيل الرابع)، وأنّ الإجراءات التي يرى ضرورة اتخاذها لمحاربة الإرهاب منها:
- قطع تدفق الأسلحة إلى المتعاطفين مع الإرهابيين والالتزام بالقرار الدولي 1373.
- تجفيف المنابع المالية للإرهاب بما في ذلك الأنشطة غير المشروعة التي تلجأ إليها الجماعات الإرهابية كمصادر للتمويل، مثل: الجريمة المنظمة والاحتيال المصرفي وسرقة الهويات.. إلخ.
- مصادرة القدرات التسليحية الموجودة في أيدي الإرهابيين.
- منع الإرهابيين من استخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة.
- مواجهة التقنيات النفسية التي يأخذ بها الإرهابيون ومراقبة دعايتها.
* * *
في نهاية حديثي لكم أشكر بداية من دعاني إلى هذا اللقاء الجميل، وأشكر الحضور الجميل أيضاً، وآمل أن تكون إضاءاتي عن الإرهاب الدولي، وتجربة المملكة في مكافحته، وجهودها في نشر الوسطية والاعتدال، منسجمة مع الحقيقة التي حرصت على الالتزام بها، وكنت صادقاً في ذلك، وأعتذر على الإطالة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
واختُتمت المحاضرة بنقاش بين الحضور، أجاب فيه الأستاذ خالد المالك عن بعض الاستفسارات التي تناولت التحديات التي تواجه الأمتَيْن الإسلامية والعربية والعالم أجمع في مواجهة الإرهاب وأفكاره وتحركاته، وتمّ التأكيد من خلال الحوارات التي دارت بينه وبين الحضور أن الدين الإسلامي والأمة العربية بريئة ممّا يُنسب لها بعلاقتها بالإرهاب؛ إذ إنها تُندّد بالعنف وبالأعمال الإرهابية التي تنتهك وتُنافي جميع المعتقدات والمواثيق والديانات. وقد شارك الدكتور سمير معروف في بداية النقاش بتساؤل حول جهود المملكة في الوقت الحالي تجاه التنظيم الإرهابي داعش الذي سفك الدماء وروع الآمنين. وقد أجاب رئيس التحرير قائلاً: «إن المملكة العربية السعودية كانت من أولى الدول التي أدرجت تنظيم داعش خاصة، وغيره من الجماعات، ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، وذلك قبل أن يستفحل شره كما هو الآن. ولم تكتفِ بذلك فقط؛ بل سعت لمكافحته عسكرياً وفكرياً وإعلامياً من خلال العديد من الجهود، سواء بمفردها، أو بالمشاركة مع المجتمع الدولي. كما أن المملكة كانت من أكبر المتضررين من هذا التنظيم الذي يتستر بعباءة الدين، وهو لا يمت بصلة للإسلام بشيء؛ إذ لم يردع هؤلاء الإرهابيين القتلة شيء عن سفك دماء المسلمين بالمساجد؛ إذ تلطخت أيديهم بإزهاق أرواح الأبرياء وترويعهم؛ ما دعا السلطات السعودية إلى تضييق الخناق عليهم، والقبض على عدد من الخلايا التي كانت تخطط لشن أعمال إرهابية، التي أُحبطت بفضل الله، ثم بفضل جهود رجال الأمن». وفي مداخلة أخرى من إحدى الصحفيات الألمانيات حول حقوق الإنسان في المملكة، واتهامها بأن هذه الحقوق تنتهك في السعودية، بيّن الأستاذ خالد أن المملكة تنفّذ قوانينها على ضوء الكتاب والسنة، وتطبق هذه القوانين بالمساواة على الجميع. وهذه القوانين كفلت للمواطنين حقوقهم، وطبقت العدل بينهم. مشيراً إلى أن بعض الجهات الغربية تحاول بهذا الاتهام أن تشكك في بعض الأحكام التي صدرت لبعض الناشطين الذين صدّروا افتراءهم للإعلام الغربي؛ ليكون عامل عداء لأنظمة المملكة. مؤكداً أن المملكة لا تنظر لمثل هذه الإثارات، التي الهدف منها إبطال حكم قضائي ضد شخص مذنب. مستغرباً أن مثل هذه الأحكام سبق أن نُفذت على العديد من الناس، ولم تنتفض تلك الجهات الغربية كموقفها الآن؛ ما يدل على أن هذا التحرُّك هو مخطط له بغرض رفع الحكم عن ذلك الفرد فقط، وهذا ما يصعبحقيقه؛ فالقانون بالمملكة يطبَّق على الجميع، ولا يُستثنى من تنفيذه أحدٌ. وحول ادعاء من أحد الدبلوماسيين الألمان أن مناهج المملكة المدرسية تغذي العنف، وتدعو للإرهاب، أكد رئيس التحرير أنه هو وجميع السعوديين هنا درسوا وتعلموا من تلك المناهج، ولم يصبحوا إرهابيين كما يزعم السائل، بل خرج منهم العالِم والدبلوماسي والمفكّر وغيرهم، وأن مجتمعنا متنوِّع كبقية المجتمعات؛ ما يدحر مثل هذا الاتهام الذي ليس له أساس من الصحة. ومن ناحية أخرى، فإن تلك المنظمات الإرهابية زاخرة بأعداد كبيرة من الغربيين الذين تلقنوا في بلدانهم مناهج علمانية بحتة، ومع ذلك انضموا لتلك التيارات المتطرفة. وأكد الأستاذ المالك أن تلك الجماعات تستقطب إليها غالبية كبيرة من المغرر بهم من جميع أنحاء العالم عن طريق مختلف التقنيات وأكثرها شيوعاً (وسائل التواصل الاجتماعي)؛ لذا سارعت المملكة مبكراً إلى محاربتهم من خلال شبكة الإنترنت بصد شبهاتهم، وبيان ضلالهم؛ ما ساهم في تراجع الكثير من الناس عن هذا الفكر التكفيري وتجريمه.