فهد بن أحمد الصالح ">
لا شك ان نظام ساهر مع ما صاحبه من ردود فعل مؤيدة أو معارضة الا إن نفعه قد عم البلاد والعباد، ولم نعد محتاجين للتوعية التي كان يطلبها الكثير ممن كانوا ضده لأن لا أحد قد سلم من غرامة بسببه سواء داخل المدن أو خارجها، وهذه أصدق توعية لأنها لمست معيشة المواطن، وأصبحنا نهاب الطريق المتخم بالكاميرات التي أضحت تقوم بدور السلطان لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن، فالجميع على ثقة أن السرعة قاتلة، وأنها مخالفة لا تجيزها الانظمة، وأن العلماء قد أصدروا فتوى بتحريم وتجريم قطع الإشارة بل إنها تدخل في القتل شبه العمد، وثقة المجتمع ان ما يمنعه النظام وفيه مصلحة الناس فإن الوقوع فيه من قبل الحرام ويستحق من يقع فيه الجزاء الذي تقرره الدولة وفق النظام، ولا يجب ان نختلف في جلب المصلحة مثلما لا يجب ان نختلف في دفع المضرة عن المجتمع خاصة واننا الدولة الثانية في العالم في عدد الوفيات من الحوادث بعد ليبيا، فالأرقام التي نقرأها عن الوفيات والإصابات والإعاقات تفوق الارقام من مختلف العاهات والامراض والتي تصرف الدولة على الوقاية منها أو علاجها ميزانيات ضخمة إلا ان الحوادث لم تحظ بما تحظى به تلك الاوبئة من العناية على ضخامة اعداد الوفيات والاصابات والتلفيات المادية في الممتلكات، ولعل النظام والعقاب يقوم مقام ما تصرفه الدولة على أمصال تلك الاوبئة لتحقق العلاج منها بالرغم من انه لا يوجد مرض عم البلاد وأخذ من مجتمعها كل عام ما يزيد على 7000 نسمة وإصابات واعاقات تتجاوز عشرة اضعاف هذه العدد بالإضافة الى مليارات الريالات للعلاج والتأهيل وما تسببه تلك الحوادث من زيادة في مستويات الفقر لأنها تفقد عائلها سواء بالوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي الذي تنفق عليه الدولة والمحسنون والجمعيات واللجان الخيرية مبالغ باهظة..
إن هذا المدخل يقودنا الى إعادة ترتيب الاوراق بعد ان قرب انتهاء الفترة الاستثمارية لنظام ساهر وانه سيعود أو عاد لوزارة الداخلية بكامل تجهيزاته وموظفيه وبالتالي بكامل ايراداته، ومع ان التوعية الشخصية والالتزام المروري بحدود السرعة التي حددها النظام لكل شارع أوطريق قد أنجزت. إلا اننا لا زلنا نخالف السير ونقطع الإشارة ونخالف في الدوران ونتجاوز في السرعة ونقف وقوفاً مزدوجاً ونأخذ على ذلك كله غرامات اذا صادفنا رجل المرور أو كميرا المراقبة وكان ساهر لم يمر بنا أو يوعينا بمصلحتنا ومصلحة الآخرين ولم يخلف فينا الرقيب الذاتي الذي قامت به حضارات دول وتقدمت اقتصادياتها، في حين اننا إذا عرفنا ان ثمة دورية للمرور أو رجل مرور راجلا في نفس المكان أو اقتربنا من عيون ساهر فان شيئا من ذلك لا يحدث وكأننا نلتزم بالنظام والتعليمات وحدود السرعة لأجله، وكأن الفائدة له وليست لنا وللآخرين، ونتساءل لماذا عند وجودنا في دول مجاورة لا نخالف ذلك كله حتى إن إحدى الدول الخليجية صرحت مؤخراً ان السائق السعودي هو أكثر السائقين التزاما بالتعليمات المرورية وإشارات السير وضوابط السرعة، أليس الأمر من الأولوية في الالتزام بالنظام في بلدنا والتقيد بشروط السلامة أمر نحن أول من يجني ثماره، وهي ليست دعوة للمخالفة في البلاد الأخرى ولكن الأقربون أولى بالمعروف، وأكثر أهمية بالالتزام بالنظام الذي ما وضع إلا لأجل سلامتنا وسلامة الاجيال، فهذا بلدنا ونبنيه بسواعدنا ونهدمه كذلك، فأين يقع الخلل وعلى من يترتب العلاج اذا تجاوزنا مسؤولياتنا..
ونظراً لمعرفة المجتمع ان عدد السكان يزداد وبالتالي عدد السيارات الذي يمثل الشباب الجزء الاكبر من تلك الزيادة ومع تهور الشباب فإن الحوادث تزداد وبشكل لافت للانتباه وما تسببه تلك الحوادث من ويلات مجتمعية بالوفاة والاصابة والإعاقة وتكاليفه المجتمعية والحكومية فإن المرء يحتاج مزيداً من الشفافية في الطرح خاصة بعد عودة النظام إلى السيادة الحكومية بكامل تجهيزاته، ونحتاج إلى إعادة قراءة المشهد من جديد لأن النظام سيوفر دخلا نجزم ان الدولة اعزها الله تتمنى ان يساهم ايراده في سلامة الوطن والمواطن، وهذا يؤكد علينا الاستعانة بالمتقاعدين في السلك العسكري من صف الضباط ليكونوا عوناً لكاميرات المراقبة خصوصاً وان نظام التقاعد العسكري قد يحيل إلى التقاعد من بلغ 44 سنة تقريباً وهو في عز عطائه، وهذا أمر غير ملزم ولكن لمن لديه الرغبة ليكون عينا ساهرة على سلامة المواطن الراجل أو الراكب ومتواجداً عند اشارات المرور التي ليس بها كاميرات أو في اماكن التجمعات لمنع الوقوف المزدوج أو في الأماكن التي يستلزم ان يكون فيها نظام مروري دقيق وتصرف لهم اثر ذلك مكافآت من ايراد هذا النظام الذي سينفع الله به لأن المواطن العسكري يخسر من راتبه أكثر من النصف عند تقاعده لوجود البدلات التي لا تحتسب في تقاعده، ويكفي ان تغطي المكافأة فرق الراتب التقاعدي عن التعاقدي خاصة وان معدلات التضخم لا تربط بالراتب التقاعدي ويصبح العسكري بعد تقاعده عاجزاً عن تلبية الحد الأدنى من احتياجات اسرته وهذا له عواقب اجتماعية وسلوكية وأمنية.
ختاماً،, إن العناية بأرواح الناس وبأنظمة المرور تعطي المواطن الصادق صورة عن مستقبله ومستقبل أجياله، كما ان العناية بحاجات المتقاعدين وتلمس السبل الكفيلة بعيش كريم لهم يؤكد لهم ان توجيهات القيادة تنفذ في الاهتمام به لأنها جعلته حجر الزاوية في كل خططها التنموية واهتمت بالمتقاعد مثل اهتمامها بمن هو على رأس العمل، خاصة وان الاهتمام به في هذا الشأن واستيعابه في نظام ساهر الحكومي يحقق حفظ الأرواح وتطبيق تعليمات السلامة ويحفظ للدولة مواردها وينمي الوطنية عنده والولاء الذي سيزرعه في الأبناء والأحفاد ليتواتر حب الوطن وتتعاقب الأجيال في حمل رسالتها الوطنية فهي على قناعة من صدق توجيهات ولاة الأمر بالعناية بكل ما يحفظ أرواح المواطنين سالمة معافاة.