جاسر عبدالعزيز الجاسر
نبدأ اليوم عاماً ميلادياً جديداً بعد أن ودعنا عام 2015 بكل ما حفل من تغيرات، بعضها إيجابية وأخرى سلبية إلا أن عجلة الحياة مستمرة والتاريخ يسطر قصصاً ستظل مؤشراً على كيفية التعامل مع ما يعترضنا من صعاب وكيفية مواجهتها.
وإذا كان هناك عنوان رئيس والتغير الأهم الذي شهدته منطقتنا العربية في العام المنصرم فهو إسقاط الأسطورة المزيفة للقوة الفارسية المبنية على العنجهية العنصرية والمعتمدة على توظيف الأدوات الطائفية.
عام 2015 الميلادي وبالتحديد في شهر مارس تهاوت أسطورة الفرس التي بنيت على أوهام وتكاسل ممن استهدفتهم العنصرية الفارسية وغذتها الانتماءات الطائفية المقيتة، وإذ شجعت القوى الدولية الطامعة غطرسة الفرس وساعدته في تمدد نفوذه إلى الأراضي العربية، مما دفع غرور الغطرسة ملالي إيران إلى التمادي كثيراً والاقتراب كثيراً من الحياض العربية.. فبعد التغلغل إلى مناطق في منطقة الخليج العربي ببسط النفوذ على بلد عربي كبير كالعراق الذي أصبح مسرحاً لمليشيات الفرس العنصرية وعصاباته الطائفية وبعد السيطرة على سوريا ولبنان اللذين أصبحا مستعمرتين فارسيتين يداران من قبل عملاء يتلقون أوامرهم من طهران.
طمع أحفاد الفرس بوضع يدهم على الجزيرة العربية، فكان الهدف السيطرة على اليمن ليكون البوابة التي يبدؤون زحفهم المقيت إلى أرض العرب؛ متصورين أنهم سيستولون على بوابة العرب الجنوبية بعد أن سهل لهم الأمريكيون والبريطانيون السيطرة على البوابة الشرقية.
طمع الفرس بالاستيلاء على بوابة العرب الجنوبية لم يكن يتوقف على بسط الهيمنة على العرب.. فالأهداف عديدة منها الاستيلاء على باب المندب لمحاصرة مصر والعبور إلى إفريقيا لتعزيز توسعها العنصري والمذهبي لخنق العرب جميعاً من الخليج العربي حتى المحيط.
هكذا كان مخطط ملالي إيران الذين كانوا يسعون إلى إعادة إمبراطورية الفرس والذهاب بعيداً إلى وسط إفريقيا وإلى أطراف أوروبا، ولكن بأيدٍ وبدماء من فضلوا الانسياق وراء الدعوات الطائفية، وتخلوا عن شرف الدفاع عن الوطن، ومثلما وجدوا مبتغاهم في العراق وسوريا ولبنان وحتى في البحرين؛ حصلوا على ضالتهم في اليمن على فئة طائفية منسية تعيش على أوهام فوقية؛ وجَدَ فيها الفرس مدخلاً لتوظيفها لصالح مخططهم التوسعي.. فالحوثيون الذين يعتقدون أن الإمامة مخصصة لهم، وأنهم الحكام الشرعيون لليمن، لم يمانعوا من أن يكونوا أدوات طيعة، يوظفهم الفرس لتحقيق أطماعهم.. وهكذا استدعي فصل مهمل من تاريخ اليمن في عهد حكم الإمامة وتفعيله لدفع هؤلاء المنسيين إلى واجهة الأحداث في اليمن وبدلاً من أن يكونوا بناة لوطنهم اليمن ارتضوا أن يعملوا أداة هدم بيد الفرس، وفي بلد يحتاج إلى الدواء والمدارس والمستشفيات والغذاء، جلبوا السلاح والصواريخ والمدافع للاعتداء على جيرانهم.. تصوروا أنهم يمكنهم العبث باليمن وبأمن واستقرار جيران اليمن مثلما صورهم أسيادهم في طهران، وكانوا يعتقدون أنهم سيفرضون إرادتهم كما فرض عملاء فارس ذلك في العراق وسوريا ولبنان، ولم يكونوا يتصورون أن أبناء الجزيرة العربية موئل العرب وحاملو مشعل الرسالة المحمدية الذين أوصلوا إشعاعاتها النيرة إلى كل صقاعِ الدنيا.
هؤلاء ورثة الصحابة لا يمكن أن يسمحوا للعنصريين والطائفين أن يدنسوا الأرض التي انبثقت منها خير رسالة بعثت للإنسانية، وفي الوقت الذي كان فيه عملاء ملالي إيران سائرين في غيهم وينفذون خططهم ومراحل السيطرة والاستيلاء على اليمن وتحويله منطلقاً لاجتياح الجزيرة العربية، فاجأهم العملاق العربي في نهاية مارس في العام المنصرم على شكل هبة شجاعة تمثلت في انطلاق عاصفة الحزم التي ستكون عنواناً للقضاء على غطرسة الفرس وإنهاء وجود عملائهم ليس في اليمن فحسب، بل في المنطقة العربية بأكملها.