جنبلاط لم يُخفِ دعمه لترشيح سليمان فرنجية للرئاسة.. وهو منحاز إلى الثورة السورية منذ اندلاعها ">
بيروت - منير الحافي:
ما سُمي «مبادرة» من الرئيس سعد الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية، تلاقت أيضاً مع ترشيح النائب جنبلاط له، في إطار تسوية تعيد ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية إلى الواجهة. هذا الموضوع الذي يشغل لبنان حالياً، من المنتظر أن يتبلور جدياً بعد الأعياد نجاحاً أو إخفاقاً. الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة جنبلاط يرى في ترشيح فرنجية أنه «حرّك المياه الراكدة في الملف الرئاسي منذ أكثر من عام ونصف وأعادت خلط الأوراق على المستوى الداخلي».
«الجزيرة» وقفت عند رأي مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس في مبادرة الحريري، وموقف جنبلاط منها. كما توقفت عند مجريات الوضعين السوري والعربي، خصوصاً مبادرة القيادة السعودية الأخيرة بإنشاء تحالف إسلامي ضد الإرهاب، وقد رأى الريس «أن معالجة قضايا العالم العربي والإسلامي يجب أن تنطلق أولاً من داخله وهذا يصب في إطار المبادرة السعودية بإطلاق التحالف الإسلامي الذي يضم دولاً وازنة ولها ثقلها الكبير على المستوى الإقليمي».. وفيما يلي نص المقابلة كاملة.
لقد جرت محاولة مؤخراً وصفت بالحراك باتجاه إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، هي ترشيح النائب سليمان فرنجية، من قبل الرئيس سعد الحريري، (وإن لم يرشحه رسمياً) ولم تأخذ الخطوة منحاها النهائي بعد. كيف ترون كحزب تقدمي هذه «المبادرة». هل من أمل لنجاحها برأيكم بعد فترة الأعياد؟ ما المطلوب لذلك؟
- لا شك أن مبادرة الرئيس سعد الحريري ومعه النائب وليد جنبلاط لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى حرّكت المياه الراكدة في الملف الرئاسي منذ أكثر من عام ونصف العام، وأعادت خلط الأوراق على المستوى الداخلي لناحية ضرورة الخروج من حالة التأزم المؤسساتي والتعثر الدستوري الذي يطال مختلف المؤسسات في لبنان وينعكس على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وصولاً إلى حد التدهور بشكل غير مسبوق.
الحزب التقدمي الاشتراكي واكب هذه المبادرة بكل جدية وحرك النائب وليد جنبلاط شبكة اتصالاته السياسية مع مختلف الفرقاء لتلقف هذه الفرصة والخروج من حالة الشغور الرئاسي المتمادي منذ أكثر من عام ونصف العام.
لا شك أن هناك بعض العقبات التي لا تزال تعترض هذه التسوية المقترحة أبرزها من الثنائي ميشال عون - سمير جعجع وخلفهما حزب الله الذي لا يزال متردداً في دعم هذا الترشيح على حساب حليفه الأول العماد ميشال عون. ولكن لا بد من القول إننا سنواصل الجهود في هذا الاتجاه لأننا قلقون من أن إسقاط هذه المبادرة قد يعيد الأمور إلى المربع الأول وإلى نقطة الصفر في الملف الرئاسي ويصبح بعدئذ من الصعب إيجاد الحل لهذا الملف.
رحب النائب وليد جنبلاط بكلام لسليمان فرنجية قاله في مقابلة تلفزيونية مؤخراً. وقلت للتو إن جنبلاط هو من أول العاملين على إنجاح فرنجية رئيساً. هل أعلن جنبلاط علناً تأييده لفرنجية أم أنه بانتظار تبلور الأمور والاتصالات أكثر؟
- النائب وليد جنبلاط لم يُخف دعمه لترشيح النائب سليمان فرنجية وأعلن أنه كان من السباقين في طرح تسميته إلى الرئاسة الأولى، وهو توقف ملياً عند المواقف العقلانية والهادئة التي أطلقها النائب سليمان خلال لقائه الإعلامي التلفزيوني الأخير، حيث عبّر بجدية عن حرصه على أن يكون هناك تسوية وطنية وأن يكون ثمة التقاء بين مختلف الأطراف اللبنانية في منتصف الطريق، إذا صح التعبير.
وبالتالي، النائب وليد جنبلاط استقبل النائب فرنجية في منزله في بيروت، وهو سيواصل الجهود قدر الإمكان لتذليل العقبات أمام هذا الترشيح لالتقاط هذه الفرصة التي من المستحسن عدم تفويتها.
لا شك أن المشكلة اليوم مسيحية - مسيحية في اختيار المرشح لرئاسة الجمهورية المقبول من المسلمين، خصوصاً أن الخلاف مستحكم بين العماد ميشال عون المرشح الدائم للرئاسة، وفرنجية الذي رشح نفسه رسمياً. كيف ترون نهاية للأزمة هذه؟
- لا شك أن غياب التوافق المسيحي - المسيحي يعقد الأمور أكثر في الملف الرئاسي، وسبق للبطريرك الماروني بشارة الراعي أن جمع الأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي للتفاهم على رئيس من بينهم، ولم يوفق في هذا الأمر فكان التفاهم أن يدعم أي من الشخصيات الأربع المرشح من بينهم الذي قد ترتفع حظوظه. وهذا ما حصل، إِذْ ارتفعت حظوظ النائب فرنجية ولكن للأسف باقي الأطراف انقضّت على هذا الاتفاق ورفضت الاعتراف به وتنكرت له.
الآن وصلنا إلى هنا، ووقع الاختيار على أحد الأقطاب الأربعة انطلاقاً من القواعد التي رسمتها بكركي، وحتى لو كان ثمة إجحاف في حق عدد كبير من الشخصيات المسيحية الأخرى خارج هذا اللقاء الرباعي، التي أيضاً تتمتع بالكفاءة والصفات التي تؤهلها لتبوء مركز الرئاسة الأولى، إنما للأسف هذا ما لم يحصل.
بطبيعة الحال، في حال حصل تفاهم مسيحي - مسيحي على الرئاسة فقد يسهل ذلك بعض الإشكاليات، مع العلم أن وجهة نظر الحزب التقدمي الاشتراكي كانت دائماً بأن موقع الرئاسة الأولى هو موقع لجميع اللبنانيين دون استثناء وهو موقع وطني يتطلب التفاهم حوله تأمين أكبر قدر واسع من الاتفاق السياسي من مختلف الشرائح، لأن ذلك أيضاً من شأنه أن يحصن العهد الجديد ويعطيه الفرصة للعمل بأريحية أكبر.
هل من الممكن برأيكم، أن يتراجع حزب الله عن دعمه النهائي لعون، في صالح فرنجية؟ أم أن الأمر سيتحول إلى مرشح وسطي يتبناه الموارنة الأربعة أنفسهم (عون، جعجع، فرنجية، أمين الجميل)؟
- هذا السؤال يوجه إلى حزب الله. وهو أدرى بأن يعبر عن رأيه ما إذا كان ممكناً أن يتراجع عن دعم العماد ميشال عون مع العلم بأن العماد عون والدكتور جعجع وهما المرشحان القويان، إذا صح التعبير، في إطار المجتمع المسيحي، قدما ترشيحهما منذ أكثر من سنة ونصف ولم يحظ هذان الترشيحان بقدر من التأييد السياسي والبرلماني الكافي لانتخاب أي منهما، وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل ولذلك تم طرح النائب سليمان فرنجية.
أما السؤال عن توافق الأربعة على مرشح وسطي، فحبذا لو يتم هذا الأمر، ولو أنه صعب جداً لأن بعض المرشحين من هؤلاء الأربعة يعملون على قاعدة «أنا أو لا أحد» إِذْ إنهم لم يتوانوا عن إجهاض أي فكرة لترشيح أي شخصية غيرهم وهذا ما يعطل الاستحقاق حتى الآن، وقد تم التعبير عنه من خلال مقاطعة جلسات مجلس النواب وقد ناهز عددها العشرين جلسة.
بالانتقال إلى الوضع العربي، يعبّر رئيس الحزب عن مواقفه من الأزمة السورية بين فترة وأخرى عبر «تويتر». ما هو رأي النائب جنبلاط في التطورات السورية الأخيرة؟
- النائب وليد جنبلاط اتخذ موقفاً واضحاً ومنحازاً إلى الثورة السورية منذ اندلاعها وهو مقتنع بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ولو أنه يدرك تماماً خفايا لعبة الأمم التي من الممكن لها أن تعيد بشكل أو بآخر تعويم النظام السوري وإطالة أمد بقائه، لكن للأسف هذا يحصل فقط على جثث السوريين ودمار سوريا.
القرار الأخير الذي صدر عن مجلس الأمن هو قرار مبهم ولا سيما لناحية العقدة الإشكالية الكبرى التي طرحت نفسها منذ مؤتمر جنيف الأول وهي مصير الرئيس السوري الذي دمر بلاده ودفعه إلى الخراب وإلى تهجير أكثر من سبعة ملايين مواطن في أزمة غير مسبوقة على المستوى العالمي.
وبالتالي، لا بد من القول ان الأزمة السورية للأسف قد تكون مستمرة وطويلة الأمد ولا سيما أن التوازن السلبي الذي يحصل في المعارك الميدانية السورية بين القوى المتصارعة أدَّى إلى عدم قدرة أي من هذه الأطراف على حسم الصراع لمصلحتها ولحسابها وهو مرشح إلى الاستمرار خصوصاً مع ازدحام الطائرات في سماء سوريا من كل الاتجاهات.
هل ترون خلافاً ما بين الإيرانيين والروس كما نقلت الأخبار من هناك مؤخراً؟ وكيف يكون الحل في رأيكم للوضع السوري؟ ماذا عن القوى المتقاتلة في سوريا؟ وماذا عن حزب الله هناك؟
- يمكن القول ان العلاقة الروسية - الإيرانية قد لا تكون في أفضل أحوالها، حتى أن بعض المحللين يذهبون إلى القول ان أحد أسباب التدخل الروسي في سوريا هو الحد من النفوذ الإيراني لأن سوريا تكاد تتحول من وجهة نظر البعض إلى مستعمرة إيرانية، وهو ما لا يتلاءم مع روسيا بشكل أو بآخر.
طبعاً، الناحية الأخرى هي أن هناك إنهاكاً أيضاً لإيران وحلفائها ولا سيما حزب الله والفصائل المقاتلة الأخرى في هذه الحرب السورية، لكن هذا لا يعني أن تباشير حل الأزمة السورية باتت قريبة. ولنكن واضحين ما لم يكن هناك تفاهم حول مصير الرئيس السوري وتحديد سبل التخلص منه فإنَّ الأزمة السورية مرشحة للاستمرار، وأي محاولات للقول ان مقاتلة «داعش» والفصائل المتطرفة الأخرى هي الأولوية وليس مقاتلة النظام هو بمثابة ذر الرماد في العيون. فحتى لو نجح النظام السوري والبعض من حلفائه في إقناع المجتمع الدولي بهذه النظرية، فإنَّ أرض الواقع ليست على هذا الشكل لأن النظام السوري والمجموعات الإرهابية هما وجهان لعملة واحدة.
جرت مؤخراً مبادرة سعودية تمثلت في إعلان التحالف الإسلامي ضد الإرهاب. ما هو رأيكم في الخطوة؟ وما هو رأيكم بالإجراءات السعودية المضادة للإرهاب والتطرف؟
- لا شك أن معالجة قضايا العالم العربي والإسلامي يجب أن تنطلق أولاً من داخله وهذا يصب في إطار المبادرة السعودية بإطلاق التحالف الإسلامي الذي يضم دولاً وازنة ولها ثقلها الكبير على المستوى الإقليمي. وبانتظار أن تتبلور بصورة أوضح مفاعيل ومضامين هذا التحالف، فإنَّ لبنان سجل ترحيباً مبدئياً من خلال موقف رئيس الوزراء تمام سلام على أن يُناقش في المؤسسات الدستورية اللبنانية.