د. يوسف خالد جنينه ">
على الرغم من المعاناة الكبيرة التي يمر بها الشعب الفلسطيني اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل التضييق عليه في ممتلكاته، وهو الشعب المحتل المنهوبة أراضيه ومقدراته أصلاً، فإن أملنا كبير في الله، ثم في جهود الأشقاء العرب الذين لم يخذلونا يوماً، على الرغم من صعوبة الظرف العالمي، وانشغال الدبلوماسية العربية بقضايا كثيرة ملحة تتعلّق بالمصالح العليا للدول العربية الشقيقة، لكننا أبداً لم نشعر يوماً بأن قضيتنا تراجعت على قائمة أولويات الأشقاء، ولم نشعر بأن إيمانهم بعدالة قضيتنا اهتز قيد أنملة، فضلاً عن الترحاب الذي يلقوننا به، في مشهد يعرب عن روح أخوة عربية حقيقية يراهم عليها شعبنا الفلسطيني كثيراً.
ومع تقديرنا الكبير لمواقف كثير من دول العالم التي تعاطفت مع قضيتنا من الجانب الغربي، وبدأت تلقي بالحجر في بركة الماء الراكدة وتكسر الصمت الدولي عن اعتداءات دولة الاحتلال على حقوق شعبنا ومقدراته ووجوده بأسره، إلا أن وقفات أشقائنا العرب تبقى حصننا المنيع، وسندنا بعد الله في خوض معركتنا العادلة، فغضبة أخيك من أجلك لا تعدلها غضبة مهما كانت قوتها، ووقفته إلى جانبك لا تعدلها وقفة مهما كانت أهميتها، فقضيتنا هي قضية أشقائنا، هذا ما نجده منهم دائماً ونستشعره من مواقفهم التي لا تُنسى، فذاكرتنا الوطنية تحتفظ بسجل تاريخي من العطاء والدعم والمساندة والمناصرة لقضيتنا، تاريخ يجسد أخوّتنا التي لن تنفصم عراها بحول الله، لأنها أخوّة في الله، يعزّزها أصلنا الواحد وتاريخنا المشترك، وقبل هذا وجودنا في كنف ثالث الحرمين وأولى القبلتين، ما يجعل قضيتنا جزءاً لا يتجرأ من معتقد أمتنا في حتمية تحرير القدس والأقصى وعودتهما إلى حضن الأمة الإسلامية وإن طال الزمن، وهذا هو الأمل الذي عليه تعيش أجيالنا، والحلم الذي من أجله يسقط شهداء وراء شهداء حتى يضمنوا بقاءه واستمراره ووجوده القوي الفاعل في مواجهة محاولات التهويد التي سيكتب لها الفشل إن شاء الله، لأن الله غالب على أمره، ولأنه لا دولة الاحتلال ولا العالم بأسره بوسعه أن يطفئ نور الله أو يتحدى سنته ووعده الذي يرونه بعيداً ونراه قريباً.