عثمان بن حمد أباالخيل ">
لَمْ يعدْ مقص الرقيب يخيف الكثير من الأدباء والفنانين والكُتَّاب والمثقفين من الجنسين، فهناك مُتنفس وهي مواقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك والتويتر» كسرت مقص الرقيب التقليدي إلى الأبد. يا له من مفهوم قصير المدى ماذا عن الرقيب الذاتي؟ ماذا عن القيم الإسلامية؟ ماذا عن القيم الشخصية والاجتماعية هل تبخرت. أصاب بالدهشة حين يتحدث البعض عن كسر قلم الرقيب، فهل كسرت رقيبك الذاتي وأصبحت بلا رقيب ولا حسيب. إنّ وجود قلم ومقص الرقيب الرسمي معناه إنك خرجت عن المألوف ورميت نفسك في أحضان الشيطان الذي يوسوس لك.
وللأسف هناك من يقول أستطيع القول إنني في هذه المواقع أمتلك حرية أوسع في نشر ما أكتبه، لماذا تتهرب عن الطريق الصحيح وتختار الطريق الوعر الذي ربما يأخذك إلى نظرة المجتمع الدونية، هل صحيح مقص الرقيب يهدد الرواية السعودية؟ وهل صحيح مقص الرقيب منع الرواية السعودية من الانتشار العربي والعالمي، يا لها من نظرة لا تدل على رؤية واضحة، حقاً إنها رؤية ضبابية. هل كتابة الرواية أو القصة التي تحمل روح التابو (التابو كلمة بولينيزية) تطلق على (المحظور في نظر المجتمع) أو بمعني آخر الثالوث المحرم (الدين الجنس السياسة)، للأسف هناك أيضاً بعض القنوات الفضائية التي أصبح مقص الرقيب كسولاً فلم يعد يجتاح الأعمال وأصبح يتغاضى عن الكثير من التشديدات والألفاظ والمناظر التي تخدش الحياء العام. العمل المميز لا يحتاج إلى القفز على وتر الثالوث المحرم ولا يحتاج إلى مقص الرقيب أو الحذف.
إن نظرة المجتمع في أحيان كثيرة تكون نظرة صحيحة، نظرة واقعية مبنية على التقاليد والقيم المستمدة من ديننا الإسلامي السمح، فهي لا تحكم على الآخرين بمجرد السطحية، فالنقد صحيح والواقعية هدفها وليس هدفها التجريح والتشهير، ومن يخرج بعيداً فهو المسئول عن نفسه وفي أي اتجاه ينتهي.
كم هو مؤلم أنْ نرى بعض الإنتاج الأدبي الذي تهّرب عن مقص الرقيب الرسمي والرقيب الذاتي بهدف الشهرة الوهمية ليسقط في تأنيب الضمير الذي لا يرحم، أستغرب ألا يعلم أن كتابه الذي أصدره يبقى طويلاً بعد أمْ يكون تحت الثري، ماذا تنفع الشهرة السلبية بعد الممات. دعوة صادقة ومن إنسان يخاف على الآخرين: اتقوا فيما تكتبون واتقوا الله في أنفسكم قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا .
مقص الرقيب ونظرة المجتمع والتهرب منهما حتماً يوصلان ذلك الإنسان الذي يخفي نفسه وراء الكواليس إلى النظرة الدونية من المجتمع حين يتخطى خطوط المجتمع الحمراء. حين يؤمن ويقتنع ذلك الإنسان الأديب بما يقدّم من أدب فلماذا يخاف مقص الرقيب، وإن تجاوز مقص الرقيب فأين هي الرقابة الذاتية؟ هل أصبحت في مهب الريح في عصر أخذ الإنسان ينظر إلى نفسه بكل فوقية، ولا يهمه ولا يعيره أي اهتمام بما يكتب وينشر.
وفي الختام ليس صحيحاً أن مقص الرقيب يكمم الأفواه والأقلام ويقتل الإبداع، إنه صمام الأمان للمجتمع وسمعه الأديب الذي ينسى ذلك في أحيان كثيرة نفسه في زحمة الأنا. أقتبس «تغطي الشهرة على العيوب، كالشمس غطى نورها على نارها» الشاعر أحمد شوقي. اتق الله بما تكتب، أنت محاسب عن كل كتاباتك ولنْ يفديك ويغنيك تلك الشهرة السلبية الوقتية.