عبدالله بن سعد العمري ">
قد لا يختلف اثنان على أهمية السباق الانتخابي الأمريكي على سلم الرئاسة الذي يكاد أن يطفو فوق سطح كل مجالس النخبة وتحديدا في استشراف مستقبل العالم المرتبط سياسيا وعسكريا واقتصاديا بما ستحمله الإدارة الأمريكية الجديدة من توجهات تجاه الكثير من الملفات العالقة خصوصا في الشرق الأوسط.
هذا السباق الرئاسي تعدى الآن مجالس النخبة إلى مجالس الفاكهة السياسية للشعوب، بل ووصل إلى مطابخ الأمهات وهن يستمعن إلى الأخبار أثناء إعداد الطعام. فلم يعد خافيا أن شعوب المنطقة العربية تحديدا وحكوماتها أصبحوا يتخوفون من تصاعد شعبية مرشح ما مثل دونالد ترامب على حساب آخر. ولم يعد خافيا أيضاً أن قدوم مرشحين لا يحملون الهوية السياسية قد يتجه بدفة السياسة الأمريكية إلى المزيد من الوراء. وأعني بالسياسة الأمريكية، تلك التي كانت تجعل العالم متوازنا في القوة والمال والمناخ العام، فقد بات من الواضح وجود تراخٍ في مواجهة المد الروسي المتنامي في المنطقة، فلطالما خشي العرب والخليج من المد الفارسي وحاربوه ويبدو أنه قد انتهى، ليبدأ بالتشكل الآن الجانّ الروسي الذي لم يجد من يرغمه على البقاء داخل حدوده كما فعلت ذلك كل الإدارات الأمريكية منذ أعقاب الحرب العالمية الثانية.
لقد أثارت كراهية بعض المرشحين الأمريكيين الجمهوريين للمسلمين مثل دونالد ترامب وبن كارسون كلاما امتد إلى طرفي النزاع في نظر مثل هؤلاء المرشحين، فلقد لوحظ في بعض أوساط الشعب الأمريكي تقبلا لمجرد فكرة أنه حتما هناك أذى محتملا قد يصدر من المسلمين. كما لوحظ في الآن ذاته بين أوساط الجالية العربية والإسلامية المقيمة في أمريكا الحيرة من المستقبل القريب في حال بدأت أفكار هذين المرشحين خصوصا دونالد ترامب بالتنامي.
ويؤكد خطورة هذا الوضع ما كشفت عنه قناة الحرة عن أن شعبية ترامب تمثل ما نسبته 41 في المئة من مجمل الناخبين الجمهوريين، في حين أن أقوى المرشحين في المركز الثاني يمثل ما مجموعه 14 في المئة فقط، وذلك حسب الاستفتاء الذي أجرته جامعة مونموث بعد الجولة الخامسة من الانتخابات للمرشحين الجمهوريين.
إذن: نحن لسنا أمام صوت واحد بكراهيته اللا معهودة، بل نحن أمام نسبة متزايدة تؤيد هذا الفكر الذي وللأسف تنعشه مشاكل الشرق الأوسط وقد بات مصدرا للفوضى دون تحديد المسؤولين عنها.
إنه ليس من الجيد للمنطقة أن يعقب هذا التراخي الحالي في الإدارة الأمريكية حول البت في ملف أزمات الشرق الأوسط والشأن الأوكراني وغيره: أن يعقبه نقيض مفاجئ قد يودي بالعالم إلى المجهول، فوجود مرشح مثل دونالد ترامب في سدة الحكم قد يضع أمامنا كحلفاء علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الغطاء السياسي القائم حالياً، وحول الدعم اللوجستي والعسكري وحجمهما بين الولايات المتحدة وحلفائها.
لقد كان إعلان التحالف الإسلامي العسكري في هذه الظروف بالغة التعقيد، يوحي لنا برد مبكر جدا على أية أنباء غير سارة قد تتلقاها المنطقة والخليج تحديدا من أطراف أيا كانت تندرج سواء تحت سياق مؤسساتي كدول ما أو تحت سياق غير معترف به كالمنظمات الإرهابية وغيرها.
وأخيرا فإنَّ مستقبل المنطقة قد يكون رهين توجه الإدارة الأمريكية القادمة، ومن الحكمة قراءة مثل هذه التوجهات القادمة من الآن، ودعم أي منها لا ينوي إحراق المنطقة برمتها، أو تسليمها جملة للمزاج الروسي غير المسبوق.
- الولايات المتحدة