د. خيرية السقاف
من مكارم الأخلاق قول الكلمة الطيبة،
فالكلمة الطيبة كما ورد في القرآن الكريم هي «كالشجرة الطيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء»،
وفي سنة المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسليمًا طيبًا مباركًا فيه أنه قال في القول الطيب: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت»، وكذلك قال:
«رحم الله امرءًا قال خيرًا فغنم، أو سكت فسلم»..
ففي حين يكون القول الطيب من مكارم الأخلاق، يكون الصمت عن البذاءة والشر وخبيث القول
مغنمًا، ومكسبًا.
ولقول لا خير فيه دوافعه في نفس قائله، تلك التي لا ضابط لها إلا أن يكون المرء على خلق متين قوامه الخشية والأدب، يكون معه الصمت خيراً من القول والنفس في جفاء، فخير القول غنم، وسيء القول غرم..!
ومن خير القول أن لا يذكر المرءُ المرءَ في غير ما يرضيه فيزل في حقه، ويتجاوز عن حد نجاته من الوقوع في مهالك الغيبة، أو البهتان، أو النميمة، فكلها من أبغض الأخلاق، ومن أوجب الأسباب للعقوبة الربانية خاتمة، وللعزلة عن الناس ذوي الأخلاق يتجنبون البذيء سيء القول.
إن كل قول منهي عنه، خارج عن عصبة الأخلاق،
فالأخلاق الطيبة تأبى أن يداخلها غش من خبيث القول، وسيء اللفظ،..
حتى السخرية بالكلمة هي ليست من المروءة، ولا من شيم النبل، والعفة، والنقاء، والسمو، والرفعة، والصدق.
ومع أن الناس كل الناس تدرك مغبة القول حين يُلقى على عواهنه، ولا يُقيم له صاحبه ضابطًا، إلا أن كثيرًا من الناس وقد خرجوا إلى الناس قد أباح الكثيرُ منهم لأنفسهم أن يقولوا فلا يقولون طيبًا، ويتفوهوا بما ليس خيرًا، ويشاركوا فيما ليس من الخلق في حق أي من الناس، وإن هم لا يعرفونهم، أو الموضوعات وإن ليسوا ملمين بتفاصيلها، أو القضايا وإن عرفوا عنها لِمامًا،
دوافعهم فتن القول، والتهاون في الكلام، واستسهال الحضور في زمر القائلين..
مع أن القول الطيب غُنمٌ في الأرض، ويوم العرض،
وهو خير يُثمر كالشجرة،
يتجذر كأصلها، ينوف كفرعها..
ثابت بالإيمان..
شغوف لرحمة الرحمن..
حريص على الغنم، والسلام..
إن الناس تحتاج كثيرًا لأن تعود فترشف من معين صاحب الخلق العظيم اللهم صلِّ، وسلم، وبارك عليه.
لتطهر الحياة، ويجمل العيش، ويطيب سلام النفوس، ويغنم القائل، ويسلم السامع، والقارئ،
ولو بالصمت الأخير،
وإن ضابط الإيمان سبيل لذلك.