رجاء العتيبي
الذي يتحكم في حركة الإنتاج المحلي والخليجي هي (الشركات المعلنة)، هي صاحبة القرار الأول وليس (نجوم التمثيل) كما يعتقد البعض، المعلن ما زال سيد الموقف، على الأقل لدى قنوات البث الفضائي، فلا يمكن أن ترى عملاً درامياً بدون أن يكون مدعوماً من معلنين، أو أنّ القناة وقعت مع معلنين بصورة نهائية.
النجوم ما زالوا موجودين، والمتابعون في حساباتهم في تويتر ترتفع باستمرار ، ولكنهم خلال السنوات الثلاث الماضية لا أحد من الممثلين والمخرجين يعمل بشكل نشط، بعضهم توقف تماماً، وبعضهم يعمل بشكل متقطع، وبعضهم تنازل عن نصف أجره، وبعضهم بدأ يقبل بأدوار أقل مما كان عليه، ولو كان القرار لنجوم التمثيل أو للقنوات الفضائية لاستمرت عجلة الإنتاج في الدوران، ولكنها توقفت إلى حد ما، لأنّ القرار يعود (للمعلن) الذي لم يعد يرى جدوى في دعمه للأعمال الدرامية، بسبب وعي المشاهد الفني الذي بات يرفض كثيراً من الأعمال الدرامية لضعفها فنياً كالأفكار السطحية والأداء المتكلف، وعزوف المشاهد عن الأعمال الدرامية المحلية، يعني - طردياً - عزوف المعلن عن دعمه للمسلسلات.
المعلن يتخذ قراره بحسب (العملاء) وليس النجوم ، ولديه مؤشرات يعرف من خلالها جدوى (الإعلان)، فالمعلن ليس غبياً لهذه الدرجة حتى يدفع (ريالاته) هنا وهناك، فإذا كان قيمة الإعلان لا تأتي له بعائد إضافي يتوقف فوراً، وهذا ما حصل فعلاً مع دعمه للأعمال الدرامية ، وجد بعد 3 سنوات تقريباً من ثورة الأعمال الدرامية أنها غير مجدية فتوقف، وهدأت العاصفة، وكل ممثل ذهب لمنزله، هذا كل ما في الأمر.
هذا الكساد الدرامي الذي نعيشه هذا العام بكل وضوح، ربما يكون حركة تصحيحية، تعيد للدراما وهجها وقوّتها وتأثيرها، وربما تفرز لنا الغث من السمين، فيظهر الممثل الحقيقي والمخرج المبدع والمنتج الجاد، في الزمن (الصحيح)، يخرج في وقته، بعد سنوات من (الطبخ ) غير الناضج سوى من أعمال تعد على الأصابع.
ونظراً لغياب النقد الفني، لا أحد يمكن أن يتنبأ - فعلياً - بما سيحدث مستقبلاً، لا أحد يمكن أن يعرف مستقبل الدراما المحلية والخليجية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، ووعي المشاهد ونضجه، وانتشار أعمال قنوات التواصل الاجتماعي بصورة بدأت تنافس فيه قنوات البث الفضائي، بصورة حل فيه (الجهاز الذكي) بدلاً من (الريموت كنترول).