عبدالعزيز صالح الصالح ">
عندما يتناول المرء هذا المجال فإنه يهدف من خلاله التفاعل مع الواقع المتجدد لإثبات الهدف والمقصد وتحقيق توجهات الفنان في ظل هدفه الذي يسعى له من خلال تلك الرسوم، فصور المقاصد والأهداف والآراء متغيرة لأنّها تتعامل مع متغيرات الحياة، وقد ابتلي المرء بالتفاعل مع ظروف الحياة المتغيرة فقد يرى بعض القراء أن تلك رسوم الكاريكاتير تبعث على النفس البشرية اليأس، والواقع أننا في عصر تجاوز ثقافة اليأس أو التيئيس من الحل ولكن بطريقة واضحة تتجلى في السير المنهجي والموضوعي.
ففنان الكاريكاتير في أي وسيلة إعلامية كانت يبذل جهوداً جبارة من أجل نسج إبداعاته من رسومات تشكلت من أكثر من هدف وغاية، يعيد صياغتها بثقافة واعية مع إبراز الجانب السلبي والجانب الإيجابي عن طريق العمل الفني بكل جدارة وبناء فني متكامل، ينتقي عناصرها من كل ما تقع عليه عينه وتختاره ذائقته ويعدها عبر صور ورسومات في إطار لا تمله العين، ويحرص كل الحرص على أن يجتمع في هذا العمل الفكرة والهدف والغاية، حيث إنه يتعامل مع الرسوم بحيوية من خلال الخطوط التي يطوعها من خلال توضيح العناصر وتداخل الخطوط دون أن تتعارض الأهداف والآراء.
حيث انها تحظى بالإعجاب والمتابعة من قبل القراء الكرام وذلك من خلال ما يعرض عبر الصحافة اليومية، لان هذه الرسومات تتحدث عن موضوعات ومجالات وقطاعات تهم المجتمع بكامله بطريقة ناقدة ومعبرة ولاذعة ينكشف من خلالها ردود أفعال المجتمع عبر وسائل الإعلام المتعددة من مقروءة ومرئية تعبر عن هموم المجتمع، فهؤلاء الفنانون المبدعون في هذا المجال قد تفوقوا على أقرانهم بالقدرة الفائقة على انتزاع الابتسامة والإعجاب من تلك الرسوم التي تحتوي على معان هادفة ومعبرة ومؤثرة عن واقع المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك العديد والعديد من تلك النماذج التي خرجت على السطح عبر وسائل الإعلام المتعددة من محلية وعربية وإسلامية وأجنبية كلها تحظى بهذا العمل الفني الراقي الذي لا ينتهي، لكنها في الحقيقة تدل دلالة واضحة على تفوق هؤلاء الفنانين الذي استطاعوا بكل جدارة واستحقاق على نقل القارئ والمشاهد عبر عناصر الزوايا إلى الأهداف والآراء والغايات بأسهل الطرق، فمثلاً فنان الكاريكاتير رسم مواطناً عربياً يشاهد من خلف أسوار السجن تتصف ملامح محياه بالحزن والألم كتب على نافذة السجن... حكم مؤبد.
ومثال آخر - رسم أحد فناني أمريكا حينما أسقط تمثال الرئيس العراقي السابق صدام حسين وكان التمثال يشير بيده اليمنى فكتب الفنان كلمة {تاكسي}، الفنان نقل مشهداً لنصب تذكاري لكنه أضاف كلمة ساخرة وهابطة وذلك من أجل التعبير عن وضع الرئيس العراقي السابق في تلك الفترة وهو يحاول الفرار من الجحيم. - ومثال آخر - حكم عربي اعتلى كرسي الرئاسة لفترة قصيرة ثم كتب تحت اسمه.. حكم مؤبد.
والأمثلة كثيرة ومتعددة الأهداف والمقاصد في هذا المجال الذي لا ينتهي، لكنها بالجملة تدل دلالة واضحة على تفوق فنان الكاريكاتير الذي استطاع على انتقاء القارئ الكريم والمشاهد إلى عناصر الزاوية التي ينبغي التركيز عليها وذلك من أجل الوصول إلى الهدف والغاية بأسهل الطرق. ومن هنا يتضح أن الإبداع والتفوق عنصران مهمان في حياة أي فنان يخوض مجال الكاريكاتير، حيث تمر كل لوحاته ورسوماته بمراحل متعددة تتمثل في عدة نقاط مهمة.
أولها - اختيار الموضوع وهذا يعتمد - بعد الله - على أهمية الحدث الذي تتصدره الصحيفة الإعلامية.
ثانياً - تحديد رأي الرسام من حيث الحدث فهناك تختلف النظرة بحسب ميول وآراء الفنان تجاه تلك الحدث وذلك وفق معتقداته وثقافاته من خلال تلك الأمور.. إذاً يتحول الفنان إلى آلة تفتقد إلى الإحساس مسلوبة الإرادة تفتقر إلى المصداقية التامة.
ثالثاً - اختيار المشهد. وهذا يُعدُّ في حد ذاته أصعب مهمة يعاني منها فنان الكاريكاتير عن بقية الفنانين فهو لا يحاكي الواقع بل أنه يقتبس منه الأصل كصورة طائر أو إِنسان أو حيوان... ثم يحاول أن يحرف الشكل ويخرجه عن شكله الطبيعي بخطوط يبالغ فيها فيجعل الأنف ضخما والرأس كبيراً مقارنة بالجسم، ويحاول بقدر الإمكان أن يحافظ على العلامات البارزة في وجه المرء حيث تستطيع أن تعرفه من أول وهلة.
رابعاً - تحديد العناصر وزاوية المشهد - فيجب على الفنان أن يختار المشهد وتحديد زاوية العناصر بالقدر المطلوب من خلال ما ذكر آنفاً نستطيع بقدر الإمكان.
ان فنان الكاريكاتير هو مجرد رسام فقط؟
هل يمكن أن يواصل مشواره الفني دون إبداع؟
فالأمر بعيد عن ذلك - فالإبداع هو رئة المرء الذي يتنفس من خلالها فنان الكاريكاتير؟!!
- الرياض