فوزي صادق ">
زوجي مغرم بالجوال، ومهووس بالواتساب حتى الثمالة، ونهاية كل شهر إن لم أبالغ يستبدله بآخر موديل، فيدخل علي المطبخ ويفاجئني: أحضرت لك ضرة جديدة! ينظفه ويلمعه ويخاف عليه من الغبار العابر، وإذا أراد الصلاة يضعه قرب موضع السجود! وفي غرفة النوم ينساني وينسى نفسه بالدردشة! ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش حياة لا حول لي ولا قوة، ولكوني معلمة، فكل مشاويري اليومية بالليموزين.
رفعت شكواي لله ثم لصديقتي، فنصحتني أن أكسب حنانه وأغريه، فاستخدمت معه كل السبل، لكن جميع خططي لم تنجح وباءت بالفشل، فاقترب يوم عيد ميلاده، فاقترحت صديقتي أن نتخذ أسلوب وداوها بالتي هي الداءُ، فاشتريت له جوالا جديدا، وقالت لي أدعيه على العشاء واعمليها مفاجأة، فنفذت اقتراحها وذهبنا للمطعم، وطول الطريق وجواله لا يهدأ، كل دقيقة رنة اتصال أو رسالة خبر عاجل أو مباركة من صديق أو عروض التخفيضات.
وصلنا المطعم، مع أني لم أعرف كيف وصلنا وهو مشغول بالجوال! المهم دخلنا إحدى الغرف المغلقة وزوجي لم يشعر، فقط يتبعني! حضر العامل وزوجي لم يشعر! أحضروا المقبلات وزوجي لم يشعر! فاخترت وجبتنا المفضلة وزوجي لم يشعر!
ما زال ممسكاً بالجوال بيده الشمال وقطعة الخبز الصغيرة معلقة بيده اليمين، حتى أصبحت كالبسكويت اليابس من برودة المطعم، أنا ما زلت مخبئة الجوال الجديد في حقيبتي كي أعملها مفاجأة، لكن زدت الطين بلة! فبعد أن قدمته له، أخذه وبدأ يعاكسه وكأنه فتاة ونسي أنه موجودة، حتى برد الأكل واشتعل قلبي، فإذا بي أسمع همسا يخرج من الغرفة المجاورة، إنه زوج يعاكس زوجته: حبيبتي، كل يوم عندي عيد زواج، وكل يوم أنت أجمل هدية من الله، فلا داعي أن تشتري لي جوالا جديدا، أنا من يشتريك من أهلك، والثمن قلبي.
بسرعة خاطفة وبدون شعور مني! سحبت الجوال من يد زوجي، وذهبت به إلى الغرفة المجاورة: تفضلوا! هذه هدية من صاحب المطعم لأجمل عروسين، وهي مفاجأة نعملها كل أسبوع ووقع عليكم الاختيار، فأعطيتهم الجوال، وأخذت حقيبتي، وقلت لزوجي: اشبع بزوجتك الجوال، فرجعت إلى بيتي بالليموزين.