عبدالله بن حمد الحقيل ">
منذ أن أشرقت من هذه البلاد أنوار التوحيد وهي تزخر بالخير والعطاء والفضيلة، ولا غرو فهي مهبط الوحي ومهد الرسالة ومنطلق النور وموئل الإشعاع ومقدسات الإسلام ومنبت لغة الضاد وركيزة المفاخر والمآثر ومنبع الهدى والبيان، ولقد مرت بمراحل تقوض فيها صرح تلك المآثر في فترة من الزمن.
ولقد قيّض الله لها من أبنائها المصلحين من رزقهم الله إيمانًا وعزيمة وجلدًا وصبرًا، وهبوها بعد توفيق الله كل تضحية وإصلاح وعمل وصبر وجهاد على مدى التاريخ، ولقد سلك الملك عبدالعزيز -رحمه الله- طريق الدعوة إلى الله ومناصرة الحق والعدل والذب عن العقيدة، واتخذ القرآن منهجًا وسلوكًا وعزة ورفعة، وانطلق يحمل شعار التوحيد ويحكم بالقرآن والسنة، يطبق شريعة الله الخالدة، واستمرت تلك الخطوات الموفقة على قواعد من الإيمان يخفق في سمائها لواء التوحيد، فأسس مملكته الزاهرة وقاد سفينتها نحو الخير والإصلاح والإنشاء والاستقرار ونشر العلم وبث أنوار المعرفة، وحفلت سيرته وحياته بالجهاد والبناء والعطاء. فلقد سخّر جهوده في خدمة الدين والأمة وركّز اهتمامه على قضايا الإصلاح والأمن والوحدة والنهضة والبناء والتعليم ونشر الثقافة وإحياء تراث السلف الصالح بالتحقيق والطبع والتوزيع والاهتمام بالعلم والمعرفة، فقد كان رجل عقيدة فجاءت إصلاحاته مستمدة من عقيدته الإسلامية.
وإن تاريخه لهو تاريخ أمة، وستظل سيرته معينًا ينهل منه الباحثون والمفكرون والمؤرخون أمدًا طويلاً. حيث إنها حافلة بالبطولات والإنجازات وتطبيق الشريعة ورفع شأن الإسلام والمسلمين.
فهو عَلمٌ شامخ ورائد من رواد الحضارة الإسلامية وقائد من قادة التاريخ الإنساني وإن تاريخه من الثراء والتنوع والامتداد، الأمر الذي يتطلب دراسات وافية شاملة، تقف على حقائق تاريخه وتتعرف على خصائص شخصيته، ولعل هذا التاريخ الثري جدير بالدراسة والاهتمام وتأكيد أبعاد شخصية الملك عبدالعزيز والكشف عن حقيقتها. فقد وفق الله الملك عبدالعزيز إلى توحيد هذه المملكة، وجمع شملها، والعناية بتطبيق الشريعة الإسلامية وتحكيمها، والعمل على الوحدة والائتلاف والاعتصام بحبل الله، وقد وفق الله الملك عبدالعزيز إلى السير على هذا النهج فكان التوفيق والنجاح والاستقرار والإصلاح، والحفاظ على راية الإسلام خفاقة وإعلاء كلمة الله والالتزام بشريعته والأخذ بأوامره واجتناب نواهيه، فترسخت بذلك المثل العليا والقيم السامية التي يحث عليها الإسلام وقد جعل الملك عبدالعزيز سيادة الأمن والأمان من بين أوائل اهتماماته، حيث قضى على الفوضى والظلم والشر والعدوان وقطع الطريق، وما زال الأمن - بفضل الله- يشكل سمة مميزة لهذه البلاد.
وما زالت السيرة التاريخية للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- مثار دهشة ومحل إعجاب لعدد كبير من المؤرخين والباحثين والدّارسين.
- أمين عام دارة املك عبدالعزيز السابق