المثنى حمزة محمد حجي ">
تبدو تركيا مرشحة لدور متزايد في منطقة الشرق الأوسط في الأعوام القادمة بحكم التحول الاستراتيجي في سياستها باتجاه استعادة هويتها الإسلامية بعد عقود من الوقوف على الباب الأوروبي لتكتشف المعروف وهو أن أوروبا ناد مسيحي لن يقبل داخله بعضوية دولة غير مسيحية، وأن الحديث عن أوروبا المتعددة المتسامحة هو ضرب من الفولكلور الخطابي السياسي ليس أكثر مما دعا الأتراك إلى استعادة هويتهم الشرقية والإسلامية الحقيقية من ناحية وضرورات الموقف الجيواستراتيجي الخطير في المنطقة من ناحية أخرى، حيث ترى تركيا نفسها تتعرض لحصار روسي إيراني عراقي سوري من الجنوب مع محاولات تحجيم المصالح التركية في هذه الدول ونقل الصراع إلى داخل تركيا عبر تحريك المليشيات الكردية ومحاولة تحريك الطائفة العلوية سياسيا داخل تركيا بالإضافة إلى التطور الأخير والخطير الذي حدث بعد إسقاط تركيا لقاذفة سو24 روسية اقتحمت الأجواء التركية مما دفع موسكو لتنفيذ سلسلة قرارات اقتصادية ضد تركيا وأخرى عسكرية على الحدود وفي العمق السوري ضد مجموعات عسكرية تدعمها تركيا وتعتبرها مرتكزاً لنفوذها المستقبلي وذلك لمصلحة نظام بشار الذي يعتبر امتداداً للإمبراطورية الصفوية التي تنافس تركيا منذ مئات السنين.
مجهود تركيا لحماية كيانها دخل مرحة جديدة في الأيام الأخيرة بمشاركتها في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب أولا ثم بالمجلس الاستراتيجي السعودي التركي من ناحية أخرى، هذا المجلس الذي يتوقع له خلق شراكة إستراتيجية كبرى بين اكبر بلدين في العالم الإسلامي ويمتلكان معاً قدرات اقتصادية وعسكرية وسياسية وروحية هائلة قادرة علي تغيير موازين القوى في المنطقة والعالم.
أهم ما يمثله هذا التحالف هو التنسيق بين سياسات البلدين في عدد من القضايا الخطيرة على رأسها محاربة الإرهاب بشقيه وليس على الطريقة الغربية بالتركيز علي الجماعات السُنية فقط في المنطقة ومعركة سوريا التي يتوقف عليها مصير المشرق العربي وكذلك اليمن وليبيا، أما أكثر القضايا أولوية هو التحدي الذي يمثله التوسع الصفوي الإيراني في المنطقة بشكل مباشر أو من خلال أذرعتها الطائفية والمليشياوية في كل المشرق العربي الذي حول المنطقة إلى ركام مع حدوث تغيير ديموغرافي متعمد ذي طابع طائفي ينذر بضياع دائم لهوية هذه الدول واستتباعها بشكل كامل لإيران ما يعني تحقق الإمبراطورية الصفوية فعليا على الأرض ما يمثل تهديدا خطيراً للبلدين.