سعد الدوسري
الحالة التي يمر بها الاتحاد السعودي لكرة القدم، ليست حالة خاصة. وأنا هنا لا أتحدث عن الرياضة، بل عن الجو المهني في المشهد الإداري بشكل عام. في هذا الجو، نحن نعيش مأزقاً كبيراً، وربما ليس بسبب أحدٍ بعينه، بل بسبب النمط التقليدي الذي فرض نفسه على حياتنا الإدارية، منذ الستينات وحتى اليوم، والذي وَسمَ الموظف الحكومي بسِمات الخمول وضيق الأفق والاتكالية وعدم الخلق والإبداع. ويؤكد التصاق هذه السِمات بالموظف الحكومي، أنه إذا غادر الوظيفة الحكومية إلى قطاع آخر، غادرتْه كلُّ الصفات المقترنة بها. ولهذا، فإن الحل الوحيد لمثل هذا الواقع المخيب للآمال، هو تحويل القطاع الحكومي إلى قطاع خاص، بكل المزايا المتاحة للقطاع الأخير.
لنتخيل، ولو لبرهة، أن العاملين في الاتحاد السعودي لكرة القدم، توفرت لهم مناخات إحدى شركات الاتصالات، أو أحد البنوك. هل كان أداؤهم سيكون مثل أدائهم في جهة حكوميةٍ، لا تراقبُ الأداء ولا تمنح المزايا ولا تحفّز ولا تطوّر، ولا همَّ لها سوى توقيع الدخول والخروج، وعدم توسيخ المكاتب ببقايا الفطور أو الغداء أو بأعقاب السجائر؟! من المؤكد أن المنتَج سيغدو مختلفاً بالمرّة، إذ ستكون هناك فرصٌ للإبداع والابتكار ومجالاتٌ للتحدي والمنافسة وآفاقٌ للمثابرة وتحقيق الذات، وهو ما نفتقده في الوظيفة الحكومية.
أظن أن تجربتنا الوطنية أعطت للوظيفة الحكومية كلَّ المدى الممكن، لكنها أثبتتْ فشلَها. ومع الوقت صار هذا الفشل يتراكم أكثر، إلى أن تحول إلى معوِّق كبير للتنمية.