عبدالرحمن الأحمد الزكري ">
احترت في المقدمة التي سأكتبها كمدخل لهذه المقالة ولا أدري أأبدأ بالأرقام أم بالحقائق و بالمآسي أو بصرخات الأمهات وعبرات الأبناء والبنات.
كل هذا الخليط المتزاحم يتسابق للخروج من فكري -بل من قلبي- لقلمي والحق أن كلا منها يحتاج إلى تفصيل والمقام لا يسمح لكنها إشارات وحسبك من القلادة ما أحاط بالعُنُق.
بلادنا -حرسها الله- منذ عهد الملك عبدالعزيز وأبناؤه الملوك من بعده -رحمهم الله- حتى عصرنا هذا بقيادة الملك سلمان -سدده الله وأعانه- وهم يسعون لما فيه صلاح الوطن والمواطن والمحافظة على مقدراته في جميع المجالات فلهم منا الشكر والتقدير.
من الموضوعات التي بات علينا لزاماً النظر فيها بجدية وبعيداً عن المجاملات التي ما حلَّت بأي موضوع أو قضية من القضايا إلا نخرته وأضعفته وبالتالي أفشلته. التدخين في بلادنا -حماها الله- بدأ يأخذ منحى خطيرا ومفزعا من خلال الأرقام المعلنة، وما نراه في شوارعنا وحدائقنا العامة والأسواق والمجمعات التجارية وفي بعض الدوائر الحكومية.
كنا قبل أكثر من عشرين عاماً نتحدث عن بدايات ممارسة التدخين لدى الشباب في المرحلة الثانوية، وبعدها بعشر سنين انخفض سن بداية التدخين فكان في المرحلة المتوسطة وفي يومنا هذا نرى أننا نتحدث عن أن هناك مدخنين في المرحلة الابتدائية! والعدد في تزايد للأسف في ظل الضعف التثقيفي والوقائي بل والتشريعي (تطبيقاً)!. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 35% من طلاب المدارس مدخنون، أما الجامعات فللأسف حدث ولا حرج.
سندرك حجم المشكلة إذا علمنا أن في السعودية وحدها أكثر من 8 ملايين مدخن، والأمر لا يقف عند هذا الحد بل بلغ عدد المدخنات 800 ألف والأرقام مرشحة للصعود والزيادة في ظل التسابق المحموم لشركات التدخين العالمية لنقل استثماراتها من بلد المصنِّع نفسه الذي يفرض قوانين وعقوبات صارمة على ممارسة التدخين في الأماكن العامة وأماكن التجمعات، بل وصل الأمر إلى معاقبة من يمارس التدخين بجانب أطفاله وإن كان في بيته! وتبعاً لهذا الخطر الذي استشعرته تلك الدول فقد فرضت رفع قيمة السجائر كخطوة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عنه ما أضعف السوق وحركة الشراء والأرباح لتقرر شركات التبغ البحث عن سوق بديل أكثر إغراءاً وجاذبية لاستثماراتهم لينتقلوا إليها! ونحن نرى السباق المحموم جداً والإغراق الحاصل في سوق التبغ ومشتقاته ومحلات بيع الشيش والمعسلات ومستلزماتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة وانتشارها بين فئة الشباب من الجنسين حيث يبلغ متوسط الإنفاق اليومي على التدخين في السعودية 40 مليون ريال وفي السنة أكثر من 14 مليار ريال!
ما أصاب المدخنين بالأمراض والاعتلالات الصحية بسبب التدخين والآثار الناتجة عنه، والدولة -أيدها الله- تتكبد مبالغ باهظة قد تتجاوز الملايين إلى المليارات من الريالات سنوياً لعلاج الأمراض الناتجة عن التدخين ومنها السرطان عافانا الله وإياكم وكل مريض.. وإن سألتم عن متوسط حجم الإنفاق اليومي على التبغ ومشتقاته في المملكة فيقدر بـ45 مليون ريال، وفي السنة أكثر من 16 مليار ريال!
فلا عجب أن يقتل التدخين في السعودية وحدها أكثر من 35 ألف شخص سنوياً بحسب الإحصاءات المعلنة والرقم في تصاعد إنْ لم تُفعَّل الأنظمة والقوانين الصادرة بحزم حفاظاً على مقدرات بلادنا ودعامته وفي مقدمتهم شباب هذا الوطن فهم أغلى ما نملك وأسمى ما نؤمّل.
أرفع مناشدتي ومناشدة الآباء والأمهات إلى مقام (الأب) الملك سلمان رافع لواء الحزم وراية العزم توجيه المسئولين بسرعة تطبيق منع التدخين في الأماكن العامة وتكثيف الحملات التثقيفية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وفي المدارس والجامعات ودعم برامج الجمعيات ذات الصلة، وذلك للحد من طوفان التدخين الذي يحصد الأرواح ويهدر الاقتصاد.
دمتَ عزيزاً يا وطني.
- عضو جمعية مكافحة التدخين (نقاء)