د. مها القرني ">
بالأمس قمت بعمل استطلاع آراء على حسابي بتويتر، وكان سؤالي «هل تعتقد أن دورة إعداد المدربين المحترفين في 6 أيَّام كافية لإكسابهم كل المهارات المهمة؟»، وجاءت نتيجة الاستطلاع كالتالي:
85 في المئة أجابوا بالنفي أي أنها غير كافية لاكتساب كل المهارات الضرورية.
15 في المئة أجابوا بنعم. أي أنها كافية لاكتساب المهارات الضرورية لتكون مدرباً محترفاً. مع بعض التعليقات أن ذلك يعتمد على المدرب وما يمتلكه من مهارات وقدرات يستطيع من خلالها توصيل المعلومات للمتدربين بكل احترافية.
حديثي الآن موجه إلى 15 في المئة الذين أجابوا بنعم أن 6 أيَّام كفيلة بإكساب المتدربين مهارات التدريب الاحترافية.
دعونا نستعرض «بعض» وليس كل المهارات المطلوب من المدرب إتقانها قبل أن يكون مدرباً محترفاً.
وأول هذه المهارات ما يلي:
- مهارات الاتصال. وقد لا أبالغ إن قلت إنه لمجرد أن تكتسب مهارات الاتصال الضرورية لا يمكن أن يَتمَّ ذلك في أقل من يومين على الأقل تنظيرا وتطبيقا لأنّها الأساس الذي تبنى علية كل مهارات الأخرى.
- مهارات الإلقاء وبعيد عن التنظير لهذه المهارة فإنَّ التطبيق والتأكد من أن كل متدرب قد أتقن أساسياتها من الأمور التي لا يمكن التغافل عنها أو تجاوزها أبدا في دورات إعداد المدرب «المحترف».
- لغة الجسد. سواء للمدرب وانعكاساتها على المتدرب من جهة أو دراسة لغة جسد المتدرب لاستيضاح العديد من الأمور مثل (مشاعرهم، سلوكياتهم، مدى تقبلهم ورضاهم) من جهة أخرى.
- التعرف على أنماط المتدربين. بربكم كم تستغرق هذه العملية تنظيرا وتطبيقا!! مع تحديث معلومات المتدرب عن طريق تعريفه بأهم النماذج والمقاييس المستخدمة في هذا المجال!
- الكاريزما. كيفية اكتسابها وما مهاراتها وكيفية تنميتها. لأن الكاريزما من المهارات التي من خلالها تتم عملية بناء ثقة المتدرب بالمدرب.
- فنون الإقناع. وتفنيد القناعات مهارة لا غنى للمدرب المحترف عنها وإلا ما فائدة كل ما يقوم به المدرب إن لم يغير اتجاهات المتدربين إيجابا والتأثير فيهم من خلال تغيير قناعاتهم وصورهم الذهنية السابقة؟!!
- الألعاب التدريبية وكيفية توظيفها لخدمة المحور أو المهارة، وكم اشتركت في ألعاب لأعرف ما الهدف منها إلى الآن!!، ولكن على الأقل استمتعت مقابل أن أبقى منصته لمحاضرة مملة لساعات طويلةّ!!
- مهارة بناء السيرة الذاتية للمتدربين والتسويق لأنفسهم كمدربين «محترفين»، وهذا يتغافل عنه الكثير من المدربين غير مدرك لأهميته بالنسبة للمتدرب فليس من السهل أن يبدأ المتدرب بشق طريقه دون مساعدة مدرب قائد.
- «الوجه من الوجه أبيض» هو نهاية العديد من دورات تدريب المدربين، بينما الاحترافية تشدد على موضوع الاستمرارية وبناء العلاقات وتمتينها بين المدرب والمتدرب وتقوية الاتصال بينهم وهو ما يسمى في إدارة الأعمال» خدمة ما بعد البيع» حيث يتم تقديم النقد البناء للمتدربين وزيارتهم في ورشهم التدريبية ومتابعتهم.
أعيد السؤال مرة أخرى للجميع « هل 6 أيَّام كافية لإكساب المتدربين الذين سيصبحون «مدربين محترفين» كل هذه المهارات؟
لو حصل ذلك فنحن أمام مدربين من فلتات العصر، ودهاة الزمان، ومحترفي القرون الحديثة!!
«يا جماعة» التدريب في المملكة يعاني من الكثير من المشكلات ومنها المدربين ذوي الشهادات والألقاب المزورة، الموضوعات المكررة والتي لا تحمل فكر ولا أسلوب المدرب والتي تقل فيها الجودة بنسبة كبيرة جدا. الحقائب التي يقوم المدرب بشرائها والتدرب عليها لكي يدرب عليها!! والأغرب والأعجب أن يَتمَّ إعطاء المتدربين شهادات كنوع من الجذب ليست ذات قيمة أو فائدة لهم في مجال العمل بالإضافة إلى فلاش يحتوي على الكثير من الحقائب التدريبية المنقولة والمجموعة من الإنترنت. ليشقوا بها مسيرتهم التدريبية. ألم أقل لكم مدرب «سريع التحضير»! وكأنها تعلم المتدرب أن التدريب سهل ويتمتع باللا مصداقية «فخذ راحتك»!
أوبعد كل ذلك نقوم بتغذية السوق السعودي بالمدرب سريع التحضير؟!!
ثقوا بأن وبال هذه الدورات لن يجتاح التدريب السعودي ويضرب جودته ومصداقيته وحسب، بل سيصيب أيضاً المدرب سريع التحضير ذاته، لأنه لن يخرج حاله عن ثلاثة أمور مهمة.
1 - إعادة الدورة التدريبية للحصول على المهارات اللازمة بطريقة فيها جودة ودقة.
2 - الانطفاء وعدم الاستمرار في التدريب.
3 - التقليد وعدم الاستقلالية لا في الفكر ولا الأسلوب. فهل نحن بحاجة إلى المزيد من النسخ للمدرب زيد أو عمر؟!
تقع مسؤولية كل ذلك على المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني التي لا يوجد لديها خطة كاملة لاعتماد مثل هذه الدورات بناء على معايير حد أعلى وحد أدنى يلتزم بها المدرب قبل تقديم هذه الدورة المهمة.
وأخيرا المدرب العظيم القائد هو الذي يؤسس فريق مدربين لا يقلون عظمة عنه من خلال صقل مهاراتهم والجودة في تقديم البرنامج لهم والتأثير فيهم من خلال ما يتبناه هو قيم ومهارات.
وقبل الانتهاء سأجيب عن التساؤل الذي دار في عقولكم لماذا أضع علامات تنصيص على كلمة «محترف» ببساطة لأني أتحدث عن المدرب المحترف وليس المدرب «المؤدي أو الفهلوي».
بعد إذنكم سوف احتسي قهوتي سريعة التحضير والذوبان!!
- جامعة الملك سعود