تمارا سمير البغدادي ">
ذكر مصطلح «حقوق الإنسان» عدة مرات في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة، وللوهلة الأولى يظن القراء لمبادئ وتوجهات المنظمة أن هدفها حماية حقوق الإنسان من خلال صكوكها القانونية وأنشطتها الميدانية؛ أشعر بالإهانة كلما سمعت بحلول وقرارات الأمم المتحدة؛ فهم يستخفون بعقولنا، لتوضيح استيائي سأستعرض وإياكم ثلاثة محاور ألا وهي الحقيقة، العدالة، السلام....
*الحقيقة؛ إن هناك العديد من المعاهدات الدولية التي تعتبر كمصدر للقانون الدولي لحقوق الإنسان، صادقت عليها الغالبية العظمى من دول العالم، ومع ذلك، فإن المقدرة المفترضة لممارسة «الحقوق الإنسانية» هي شبه مستحيلة، وللأسف أصبحت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هي المعيار على كوكبنا؛ السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يعقل ذلك في حين أن جميع البشر يرغبون في عيش حياة كريمة؟ إننا نخضع أنفسنا لطغيان حكم القلة على حساب الأكثرية، بسبب انقسامنا والسماح لهم بالتلاعب بنا و»الحقيقة» هي أننا لا نستطيع سوى لوم أنفسنا.
*العدالة؛ لا يمكننا تحقيق حلم عالم تُحترم فيه حقوق الإنسان لواقع إلا بإرادة الشعوب، إذا أردنا السلام فينبغي علينا المطالبة بالعدالة أولاً، عندئذٍ فقط نحقق سلام. إنها لمن السخرية أن تختصر الأمم المتحدة الطريق الصحيح لتحقيق السلام في جملة واحدة. «حيث إن الاعتراف بالكرامة المتأصلة والحقوق المتساوية الثابتة لجميع البشر هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم،...»-افتتاحية، البيان العالمي لحقوق الإنسان...
*السلام؛ إن قضية حقوق الإنسان والسلام هما وجهان لعملة واحدة، أعتقد أنه قد حان الوقت للاعتراف بهذه الحقيقة والتصرف بشكل جدي بناءً على ذلك. «أن نعيش معاً في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي، وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة، وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب،...»- افتتاحية، ميثاق الأمم المتحدة.
«للتوضيح فإن استشهادي بهذه الوثائق ليس تأييداً للأمم المتحدة، استخدمتها فقط لتسليط الضوء على الضرورة المطلقة للاحترام العالمي لحقوق الإنسان؛ بكل صراحة ومع احترامي للجميع، فأنا لا آبه بالأمم المتحدة...»
لا يمكنني تجاهل أن الأمم المتحدة تلعب دوراً رئيسياً ومحورياً في هذا الشأن، فهي ليست سوى امتداد للقوى المفروضة علينا، نظام الدول الخمس دائمة العضوية وحقهم بالنقض هو مدعاة للسخرية من نفس فكرة ‹الأمم المتحدة»، فمن البديهي أنها غير منصفة، فهي تستخدم سلطتها لحماية المفسدين في الأرض، بل هي في الواقع بؤرة الفاسد بعينها؛ مع نهاية الحرب العالمية الثانية طالبت شعوب العالم بوسيلة لحسم الصراعات دون اللجوء للحروب، وقتها تم الاحتيال عليهم وأنشئت الأمم المتحدة لتلبية هذا المطلب، ولكن بالفكر الأورولين «أي الأفعال تناقض الأقوال؛ وهو ما يقوم به السياسيون بالعادة»، فالأمم المتحدة غضّت البصر ولم تحرك ساكناً وهي تشهد أكثر العقود دموية في تاريخ البشرية جمعاء، فكانت وما زالت توفر التغطية المستمرة على الجرائم الإسرائيلية، الأمريكية والبريطانية والروسية ضد الإنسانية، كغزو وتدمير فلسطين وأفغانستان والعراق وليبيا وأخيراً وليس آخراً بالطبع «سوريا»، من الواضح أنها عنصر أساسي في أجندة «النظام العالمي الجديد» لتركيز السلطة وفرض «حكومة عالمية واحدة» على الشعوب، حتى أعمى البصر والبصيرة يستطيع رؤية ذلك.
إنه مدعاة للسخرية ما تصدره الأمم المتحدة من الوثائق المنمقة الكتابة والتي تمجد فيها فضائل حقوق الإنسان، ومن الناحية العملية تدوس على هذه الحقوق باستمرار، الحرب الدائمة هو واقع عالمنا والأمم المتحدة تبصم بالعشرة وتوافق على هذا الجنون بطريقة أو بأخرى، يجب تدمير منظومة الأمم المتحدة كلياً أو سيطرة إرادة الشعوب عليها لتوجهها في كل خطوة حتى لا تحيد عن الدرب، وحتى يتسنى للأمم المتحدة أن تعتبر عضواً فعّالاً في المجتمع فيجب التخلص فوراً من حق الفيتو الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية، عليها أيضاً تغيير مقرها من «أمريكا» التي تعتبر دولة إجرامية إلى دولة ذات ديمقراطية حقيقية، وأنا هنا أقترح فنزويلا، فمن هنا تصنع البدايات.