رشيد عبدالرحمن الرشيد ">
من أحياها فقد أحيا الناس جميعًا.. تلك هي النفس البشرية لتبقى على قيد الحياة تعطي وتبذل وتعمر الأرض.. كم هي غالية هذه الروح.. ورحمة الله واسعة حتى على الحيوان.. فقد غفر الله لامرأة بغيًا رأت كلبًا في يوم حار كاد يقتله العطش فنزعت خفها وسقته.. فكيف بمن يسهم في إنقاذ بني آدم!! وفي كل كبد رطبة أجرًا.
وإن الرحمة التي تمتد إلى إنقاذ حياة إنسان في هذه الحياة لهي رحمة متميزة وتسمو إلى المعالي.. فالطبيب يده تقدم العون وتحمل بركة الشفاء بمشيئة الله مقابل عوض مادي لكن يبقى نجاحه موضع الثناء والتقدير.. فكيف الحال وهناك فئة من المجتمع تطوعوا بالمساهمة في إنقاذ التائهين بالصحاري والفيافي والبحث عنهم راجية الأجر والثواب.
إن المنقذ يتفاعل مع تلك الأسرة المكومة والأم الحزينة والأولاد المفجوعين والإخوة الحائرين وزوجة أعياها التعب والتفكير وأب يناجي الرحمن الرحيم.. أيامهم بعمر السنين.. أحدقت عيونهم في هواتفهم لعل أملاً قريبً وفرجًا مفرحًا وخبرًا سعيدًا عن غاليهم الغائب.
جهود حكومية مشكورة تبذل هنا وهناك.. طائرات حوامة وسيارات جوالة ورجال يمسحون الأرض ويقصون الأثر.. ويبحثون في الحجر وقرب الشجر يسارعون الخطى لعلهم يصلون إلى ذلك الإنسان الذي ضل الطريق.. وربما أعياه التعب والظمأ.. أو حبسته رمال الصحراء وشلت حركة مركبته.. أو أخفته مياه عميقة وبئر سحيقة.
تلك الصحراء الفاتنة والرمال الذهبية.. ربما تصبح مهلكة لمن لا يعرف التعامل معها ويقرأ أسرارها.. ويسبر أغوارها.. لذا نلحظ جميع المنقذين في سباق مع عقارب الساعة للوصول إلى الهدف المنشود (التائه) حتى اللحاق به في رمقه الأخير ليتم إنقاذه وزرع الحياة فيه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وإلا العثور على (الجسد) الميت قبل أن يتحلل وتكريمه بدفنه وهم حريصون أن تنتهي قصة الغموض وحكاية الانتظار ويتوقف قلق الأسرة.
إن رجال الدفاع المدني مشكورين ليسوا وحدهم في ميدان الإنقاذ وساحة البحث عن التائهين والمفقودين في صحارينا ورمالنا وجبالنا لكن هناك فئات متطوعة من مجموعات مختلفة تتنافس في عمل الخير وتقديم الخدمة الإنسانية (بالمجان) وهذا ليس غريبًا على أبناء هذه البلاد الطاهرة.
وإن فريق عون للإنقاذ هو أحد هذه المجموعات التطوعية التي تقدم خدمات الإنقاذ والبحث عن التائهين والمفقودين على مستوى المملكة العربية السعودية ولديها إدارة تقوم بعمليات التنسيق والمتابعة.. امتدادًا للجهود الرسمية ومبدأهم الله في عون العبد ما دام عون أخيه.
انطلق صوت عون منذ سنوات ليقول نحن جاهزون لكل نداء إنساني بقدر ما نستطيع.. ليس هذا وحسب بل ما يدعو للإعجاب هو ذلك الترابط الأخوي الحميم بين أعضاء الفريق في مناطق الوطن الغالي.. ومن خلال موقعهم في تويتر يطلع المتابع على مواقفهم ومساهماتهم ومشاركاتهم الإنسانية التي تذكر فتشكر وقد نالوا الثناء والتقدير من جهات أمنية وحكومية نظير جهودهم.
وختامًا أمل أن يجد هذا الفريق التطوعي جهة حاضنة ومظلة حكومية وإن وزارة الشؤون الاجتماعية هي خير من يرعاهم ويجدوا منها كل التسهيلات والتشجيع والدعم المعنوي والمادي إلى جانب مديرية الدفاع المدني التي عليها تزويدهم بالخبرات والدوريات والمعدات.. ليشعروا بالأمان والاستقرار كما تدعوا إلى تكريم جهودهم والفرق الأخرى التطوعية المماثلة.. لنسهم ونحيي الحراك التطوعي وثقافة المساعدة والفزعة المنظمة بما ينفع البلاد والعباد والله من وراء القصد.. وإلى اللقاء.
- محافظة الرس