ناصر بن فريوان الشراري
لم أكُن لأسمع عن أسطورة مدينة «الإلدورادو» مدينة الذهب والأحجار الكريمة التي تفوق الوصف كما هي رواية الأسطورة لولا حكاية ذلك الطفل الذي يدعى «ببيرو» الذي ترك أبوه والدته قبل أن يولد، ليبحث والده عن مدينة الذهب تلك كحلم كل الفقراء البؤساء لينعم في هذه الحياة بنعيم المال، وعندما أصبح ذلك الصبي عمره يتجاوز الأعوام العشرة حزم أمره للبحث عن والده الذي لم يعد إليهم، ولكونه في تلك الحكاية التراجيدية محباً للخير مقدماً المساعدة لكل من يحتاجها ممن يصادفه في رحلة البحث عن مدينة «الإلدورادو» التي اختفى بسببها والده، ولأنه كذلك فقد قيَّض الله له «جوبيتير» ذلك الحصان الأبيض القوي الشجاع الذي عادةً ما يشق عباب البحر ليُنجِده في حال وقع في خطر ما، وأيضاً ذلك النسر الذهبي اللامع الذي يحلق عالياً خلفه وما أن يُصبح «ببيرو» في خطر حتى يضع صبينا إصبعيه في فمه فيطلق صافرةً يسمعها ذلك النسر، فينقض مسرعاً على عدوه ليمزقه أو أن «يشتال» الصبي من مكان ذلك المأزق الخطير، وقد استطاع بطلنا الصَّغير التغلب على جميع الأخطار بحصانه الأبيض وبنسره الذهبي حتى وصل مدينة الذهب «الإلدورادو» حيث التقى أباه هناك.. من هنا تعرفت على تلك الأسطورة مُذْ كنت صغيراً عبر ذلك الولد الصَّغير.
فمدينة الإلدورادو كما تناقلتها القصص والروايات تقع في الأمريكتين بينما حُددت من الأغلبية أنها في أمريكا الجنوبية في الجزء السفلي من بحيرة (غواتافيتا) أو عند (بوغوتا) في كلومبيا الحالية، وهناك من قال إنها تختفي في أدغال الأمازون.. قصتنا لم تنتهِ عند هذا الحد فقد سردنا قصة استفهامية عن تلك المدينة المسماة «الإلدورادو» وهي مدينة الذهب والأحجار الكريمة حسب تلك الأسطورة المحكية.
اليوم أمريكا وأوروبا وبواسطة آلتهم الإعلامية العتيدة صنعوا لنا (إلدورادو) جديدة وأصبحت شركاتهم تهرول لاكتشاف واستكشاف (الإلدورادو الإيراني)، حتى أصبحت دول كاستراليا وكوريا الجنوبية لديها هذا النهم من استكشاف مدينة الذهب الجديدة كما سوق لها الإعلام الغربي، فبالأمس كان الإيرانيون شعارهم (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل) واليوم يرحب روحاني بالأمريكيين والأوروبيين للاستثمار في بلاده ويمد جسور الود والتعاون والحب لهم بمعنى لا موت لا لأمريكا ولا لإسرائيل وإنما حب ووئام وود وتخطيط على ضرب العرب، وما تلك العبارة إلا وسيلة لاستمالة واستثارة بعض العرب السذج الأغبياء للنيل من بلاد العرب لتحقيق مخطط يُقسم العالم العربي ما بين (بني صهيون وبني صفيون) تحقيقاً لحلم إسرائيل الكبرى وحلم الأكاسرة ببلاد العرب، والتخطيط يجري بفكر ومال يهودي خالص خلال فترة ما يسمى فرض العقوبات على إيران، وإيران يَتمَّ إمدادها بالمال والفكر والدعم السياسي كي تنفذ هذا المخطط الجهنمي الخطير!
إيران اليوم أُعطيت الضوء الأخضر من أمريكا لتقسيم الوطن العربي من خلال إدارتها لحرب طائفية بغيضة، فبالأمس يصرح قس أمريكي الجنسية ذو أصول إيرانية كان قد تم سجنه لسنوات في إيران وتم الإفراج عنه من قبل السلطات الإيرانية بعد صفقة الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية يقول: كان أكثر ما يحزنني هو مشاهدتي لقوافل مئات السنة الإيرانيين وهم يُقتادون للإعدام وذلك بسبب معتقدهم!
إيران قبل فترة أوعزت لميليشياتها الشيعية التابعة لها في العراق بتهجير وتطهير مدينة «المقدادية» من سكانها ذووا المذهب السني وهذه المدينة تقع على حدود العراق مع إيران، فالذي يقوم بالتخطيط هو واحد أكان في المدن السورية المحاذية للبنان والذي يقوم بتلك المهمة هو حزب اللات الذراع الإيرانية في لبنان لتطهير تلك المدن من سكانها، وفي نفس الخط تقوم مليشيات الحشد الشعبي الشيعي التابعة لإيران في تطهير المقدادية من أهلها الأصليين وهم السنة؛ ما دعا السفير السعودي في العراق إلى أن يقول أهل المدن السنية في العراق أكانت من عرب أو أكراد لا يرغبون في أن يقوم الحشد الشيعي الإيراني الإرهابي بدخول مدنهم ومن ثم تتم فصول من قتلهم وتصفيتهم وتفخيخ منازلهم وسرقة أشيائهم!
إيران بأدواتها الإرهابية في العالم العربي والإسلامي تقتل وتفجر وترهب الآمنين وتنصب المشانق على أراضيها لتقتل على الهوية، وأمريكا قد أعطتها الضوء الأخضر على طول الخط وها هي اليوم أمريكا ودول أوروبا من خلفها يتراكضون خلف الإلدورادو المزعوم!
فأمريكا متماهية تماماً مع الرؤى الإيرانية فها هو كيري يطالب المعارضة السورية ويفرض عليهم قبول الحضور لمؤتمر جنيف بدون شرط أو قيد وأن يتقبلوا بمعارضة صنعتها روسيا وإيران والنظام السوري لتفكيك رؤى المعارضة الحقيقية وتشتيتها عن هدفها، وذلك لإظهارها أمام العالم أجمع وعبر وسائل الإعلام أنها مفككة ومنقسمة على بعضها البعض! فأي معارضة تلك التي تدين بالولاء والتبعية للأسد الذي قتل وشرد الملايين من شعبه وهم يظنون بقرارة أنفسهم أن الشعوب العربية تعيش بفكر القرون الوسطى!!!
كيري هدد المعارضة في حال لم تشارك في المفاوضات من أن أمريكا ستقطع الدعم عنهم وكذلك لافروف هدد في حال لم تشارك المعارضة في المفاوضات سوف يكتفون بمعارضتهم التي صنعوها بأنفسهم، وأنا أجزم لو حزمت المعارضة أمرها ولم تشارك فلن يقطع الأمريكان الدعم عنها وذلك لتستمر الحرب لأنّها حرب استنزاف لقوى دولية عدة!