سلمان الخليفة.. الفولاذ الناعم يقتحم الفيفا بشعار (أنا لا أخسر أبدًا ما دامت ثقة العالم تحميني) ">
كتب - سلطان المهوس:
«ليس من المهم هوية الشخص، قارته أو دينه، يتوجب اختيار الشخص المناسب، شخص نشعر أنه سيتم قبوله من الجميع، وأن الناس تثق به، شخص لديه الخبرة والكاريزما لتقول إنه يستحق أن يكون قائدًا، أريد أن أكون هذا الشخص فحسب»..
هكذا أجاب الشيخ سلمان بن إبراهيم الخليفة بعد أن سألته (الماركا) الإسبانية حول دوافعه للترشح لمنصب رئيس الفيفا في الانتخابات القادمة (26 فبراير - شباط المقبل) بمقره بزيورخ السويسرية..
يمكن أن تستلهم من إجابته قوة الطموح العالمي لشخصية لا تتأثر بالانكسارات فعندما خرج خاسرًا المقعد التنفيذي بالفيفا أمام محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي (مايو - أيار 2009) في الانتخابات التي جرت بالعاصمة الماليزية كوالالمبور توارى بصمت يستجمع خطواته دون ضجيج حتى ظهر في (أكتوبر - تشرين الأول 2011) معلنًا أنه سيخوض انتخابات رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لتنطلق حكاية الشيخ البحريني الطموح بسرعة البرق حتى إن الوقت لا يعطيك الفرصة لالتقاط التفاصيل التي جعلت من شخصية خاسرة عام 2009 تصل اليوم إلى مشارف المقعد الأكثر صلابة وقوة ونفوذًا بالعالم الكروي..
شخصية الشيخ سلمان الخليفة تأثرت بدراسته للأدب والتاريخ الإنجليزي في المرحلة الجامعية فأعطته جسدًا من الخيال والكاريزما داخل روح لا تقبل سوى بالانتصار وكأنه يطبق منهج تلك الدراسة بتمايل فصول التحالفات والمناورات واختيار التواقيت واستخدام عنصر المفاجأة والتواري عن الأنظار وقت الحاجة..
عندما استلم قيادة آسيا باكتساح انتخابي تاريخي مطلع (مايو - أيار 2013) في كوالالمبور بحصوله على 33 صوتًا في انتخابات رئاسة الاتحاد القاري مقابل 7 أصوات للتايلندي واراوي ماكودي و6 للإماراتي يوسف السركال من مجموع 46 صوتًا أحدث ارباكًا غير مسبوق لتلك القارة الساكنة إلا من بعض مناوشات فرقاء الخليج العربي فنائب رئيس لجنة الانضباط الدولية هو الآن الزعيم الذي لم يستطع أحدًا سبر أغواره إِذ يجسد المثل الإنجليزي الشهير (Actions Speak Louder Than Words) فعمل على تحقيق الهدوء حتى ذبح الآسيويون له قرابين الرضا والقبول لتتم تزكيته في الكونغرس الآسيوي الذي استضافته العاصمة البحرينة المنامة (30 أبريل - نيسان 2015) رئيسًا حتى العام 2019م.
تلعب الأحداث الدولية المربكة على الساحة الكروية دورًا مؤثرًا في مسارات رحلة الشيخ سلمان فرحلته للمقعد الآسيوي الرفيع أتت بعد إيقاف بن همام وسيره الحثيث واستجابته لمؤيديه وإعلانه رحلة الوصول إلى مقعد زعامة الفيفا انطلقت من تحت ركام سقوط صديقه وحليفه الفرنسي ميشيل بلاتيني في أتون قضية مدفوعات استلمها بقيمة مليوني فرنك سويسري (2.02 مليون دولار) من الفيفا في 2011 دون عقد رسمي بل بكلمة شرف من بلاتر وهي الكلمة التي طيرته هو الآخر ليقضي مع بلاتيني عقوبة الأبعاد لثمانية أعـوام عن النشاط الرياضي لذلك يمكن أن نطلق على الشيخ سلمـان لقب (رجل اللحظة الأخيرة) بكل امتياز ودائمًا ما يكون أولئك هم الخيار الأكثر تفضيلاً لدى الغالبية.
يقول الشيخ سلمان للماركا «أيدت ميشيل بلاتيني في الماضي، ولم يكن لدي أي نية للترشح لهذا المنصب، ولكن بعد كل الأحداث التي وقعت، تحدَّثت إلى الناس من حولي وخصوصًا أصحاب الشأن. كان لي الشرف أن الناس تشجعني للترشح للرئاسة، وعزز ذلك موقف اللجنة التنفيذية بالاتحاد القاري، إضافة إلى أشخاص من خارج المنظومة. أعتقد أن توافر دعم ومساندة من هذا النوع يوفر مقومات النجاح في العملية الانتخابية؛ لذلك قررت الترشح لرئاسة الفيفا».
إجابته تعزز من الثقة التي يحملها فهو لم يتبرأ من حليفه بلاتيني وهو يرى سقوطه بل يعلن تأييده له خلافًا لسياسة (الكرت المحروق) التي غالبًا ما يتمتع بها مرشحو الانتخابات بكل مكان وهذا النوع من الأدبيات يمكن أن يكشف جانبًا مهمًا لشخصية سلمان المتخمة بالشفافية والاحترام للآخرين والقدرة على عدم خداع الناس والتأثير عليهم بالتضليل..!!
العصر الذهبي..
لا ينسى الرياضيون بالبحرين أبدًا فترة قيادة رئاسة الشيخ سلمان لاتحاد الكرة.. كانت الفترة الذهبية التي حققت من خلالها البحرين أكبر سطوع بتاريخها بعد أن قهرت المستحيل لتصل إلى مشارف كأس العالم بألمانيا 2006 وبجنوب إفريقيا 2010 بعد أن استطاع المنتخب البحريني أن ينتزع بطاقة التأهل للملحق الآسيوي (نصف مقعد) فقابل في الطريق لألمانيا منتخب ترينيداد وتوباغو في ملحق آسيا - الكونكاكاف بعد أقصائه منتخب اوزبكستان وأفلح بالتعدل على أرضه إيجابًا بهدف قبل أن يخسر إيابًا بهدف وحيد ليعود الحلم مرة أخرى بعد أن استطاع الأحمر البحريني اغتيال أمل السعودية بالوصول للمرة الخامسة لكأس العالم 2010 ليقص بها من التصفيات مواجهًا منتخب نيوزلندا في الطريق لجنوب إفريقيا وعلى الرغم من التعادل على الأرض سلبيًا إلا أن هدف روري فالون في الدقيقة 45 كان كافيًا لتلاشي الحلم البحريني الكبير.
هيبة القرار
منذ العام 2009 لم يخسر سلمان معركة أبدًا فقد وصل لسدة الرئاسة الآسيوية باكتساح وأعقبها تعديل مركب المناصب التنفيذية الدولية ليقتع الجمعية العمومية (الاثنين 9 يونيو - حزيران 2014) في مدينة ساوباولو البرازيلية في الاجتماع غير العادي بدمج منصبي الرئيس مع نائب رئيس الفيفا (الآسيوي) معلنًا الإطاحة بالأمير علي بن الحسين الذي شغل المنصب منذ (6 يناير 2011) بعد فوزه بالانتخابات التي أقيمت بالدوحة أمام الكوري تشونج وهو الأمر الذي عجز عن تحقيقه أي رئيس اتحاد آسيوي لدوافع انتخابية أو لخلق توازنات جغرافية لكن سلمان فعلها ليقينه أن المركب لا بد أن يتعدل الآن.
استطاع سلمان أن يجسد شعار الانتخابي (آسيا موحدة) فخفت الأصوات ورجعت الاتحادات لأعمالها وساد الرضا على أجندة المستقبل لتزدهر القارة الآسيوية مرة أخرى دون ضجيج وتحولت مسابقات الاتحاد إلى أحد أهم الاستثمارات المالية للفرق الآسيوية بعد أن أصبح سلمان أول رئيس آسيوي يوقع على مضاعفة قيمة الجائزة المالية لبطل دوري أبطال آسيا من 1.5 مليون دولار إلى 3 ملايين دولار، في حين ارتفعت قيمة جائزة بطل كأس الاتحاد الآسيوي من 350 ألف دولار هذا العام إلى مليون دولار عام 2016. كما أنه عهد سلمان شهد ولادة النجومية لاتحادات قارية لم تذق وهج المنصات من قبل في حفل التكريم السنوي الماضي بالهند.
حراك مثير للانتباه..
هذا الحراك الآسيوي المثير للانتباه أعطى مفعولا هائلاً لحياة القارة الكروية بالتزامن مع عدة قرارات كانت تقوم على صنع إستراتيجيات تطوير متكاملة لكل اتحادات القارة وليست الاتحادات القوية فقط لذلك كان مطبخ اللاعبين الكبار بالساحة الدولية يتنبىء جيدًا للواقع وهم يعرفون حجم ما يتفوهون به وبالثقة التي يولونها الآخرين فكان خيارهم المفضل هو الشيخ سلمان آل خليفة الأوفر حظًا الآن برئاسة امبراطورية الفيفا.