د. محمد خيري ال مرشد ">
أضحى واضحا اليوم أن تعلم لغة أجنبية وخاصة لغة العصر والعلوم والتكنولوجيا اللغة الإنكليزية إلى جانب اللغة الأم ضرورة حتمية من ضرورات هذا العصر لكي يستطيع المرء متابعة ومواكبة التقدم العلمي السريع والذي أصبح يحصل بالدقيقة.. لهذا اتجهت رغبة الجميع من مفكرين وباحثين و سياسيين وإعلاميين وإداريين واصحاب الاستثماروالاقتصاد وغيرهم، بالإضافة إلى أولياء الأمور إلى الرغبة الشديدة لتعلم لغة ما تساعدهم على التقدم العلمي والتواصل الأنسب والأسهل فاهتموا بهذا الجانب ويحثون أبناءهم على ضرورة وأهمية تعلم اللغات وخاصة كما سبق أن ذكرنا اللغة الإنكليزية.
وبلا أدنى شك أن تعلم لغة العصر والعلم اليوم هو أمر ملح و ضروري للغاية ومحبب، ومطلوب جدا، بل تشجيع تعلم لغة إضافية هو أمر غاية في الاهمية، حيث إن الضرورة فرضتها علينا عوامل كثيرة منها نقل العلوم والتكنولوجيا والدراسة والعمل والتنقل والسياحة ..الخ وهو يعود على الفرد والمجتمع بفوائد كثيرة فعلى مستوى الفرد يساعد على تنشيط بعض أجزاء الدماغ وينشط التعليم والذكاء ويرفع مستوى قدرات التفكيرللاعلى بل يساعد على الإبداع، ناهيك أنها تفتح له بابا إضافيا وفتح أفق جديدة للولوج في معارف الآخر، فيتعلم الإنسان إلى جانب اللغة جغرافية وتاريخ وثقافة و عادات ويفتح له أبواب فرص عمل أفضل ومتابعة تحصيل علمي أسهل.. و..و..ويعود على المجتمع كحصيلة فائدة أفراده بالإضافة للفوائد الاقتصادية والسياسية وغيرها.. كما أنها تساعد جدا على فهم الآخر أو تفهيمه بشكل أفضل وهكذا تكون العلاقات بين الناس أسهل وأجمل وهو ما نلاحظه اليوم من تغيرات في مواقف الأفراد والشعوب من قضايانا تحديدا..
ولكن السؤال هل نتخذ من ذلك أسلوب حياة؟ وما هو سبب هوسنا بكل ما هو أجنبي وقدحنا بأجمل ما لدينا ألا وهو لغتنا العربية؟ هذه اللغة الجميلة التي يتذوقها كل من يفقه باللغة وكل من يفهم معنى الحروف ويحس بعزفها وطربها ناهيك عن قوتها ورصانتها ومتانتها وتعبيرها الذي لا يضاهى والتي يعترف بجماليتها كل علماء اللسانيات، لكن عاداها الجهلاء بها وحتى بعض ناطقيها الجيدين لأنهم أذناب لخارج الحدود. وإن الإحساس في أهمية اللغة الأم من قبل أفرادها الناطقين بها هو ما يعطيها القيمة الحقيقية وأن شعورهم بأهميتها واعتزازهم بها هو ما يدفعهم للحفاظ عليها..فنظرة الفرد والمجتمع لأهمية لغتهم مهم للغاية كما كتب الباحث فيرهفن.. ولكن المهم هنا ما أهمية اللغة الأم في التحصيل العلمي؟ وانه وحسب رأي التربويين والعلماء والباحثين ومنهم الأخصائي النفسي اشرف العريان الذي يؤكد على ضرورة الاهتمام باللغة الأم، ويؤكد أيضا أنه لا تطور للطفل دون توافره على رصيد معرفي لغوي من لغته الأم. وهذا له ما يتبعه لاحقا في المراحل الدراسية التابعة..والدليل أيضا أن حضارات قامت من الركام ولا زالت تنافس في الصف الأول والريادي في كل شيء وبلغتهم الأم, مثال ذلك الألمان، اليابانيون وغيرهم.. فأينما اتجهت شرقا أو غربا يتعلم الناس بلغتهم لأنه الأفضل في إنتاج حصيلة علمية وعملية للفرد وبذلك المجتمع.. فلم يترك اليابانيون والألمان الذين استسلموا في الحرب العالمية الثانية ودمرت بلادهم تماما ونهبت إلا أنهم لم يتخلوا عن لغاتهم لصالح لغة المنتصر، هل ترك السويديون لغتهم لأن عددهم صغير لأن لغة العصر هي اللغة الإنكليزية؟ يتمتع السويديون في بلدهم بأرفع درجات الرقي والحضارة محافظين ومعتمدين بل فخورين بلغتهم ومثلهم الكثيرين في أصقاع الأرض لا يرضون بديلا للغاتهم الأم في نقل العلوم والتكنولوجيا، ناهيك عن العمل ومتطلبات الحياة اليومية..
فالتعليم باللغة الأهم أهمية بالغة جدا من الناحية النفسية والتحصيل والحصيلة العلمية النهائية ولكن اللغة الثانية تبقى سندا مهما للأفراد والمجتمعات ايضا فاتقانها مفيد.. ونستطيع الاهتمام بالترجمة كما باقي شعوب الأرض بتحويلها إلى بوابة فكرية هامة ومدخلا حضاريا واسعا نستطيع الدخول منه على فكر العالم.. جميل احترامي..!