غدير عبدالله الطيار ">
لا شك بأن القراءة تعتبر وسيلة اتصال رئيسيّة للتعلم والتعرّف على الثقافات والعلوم الأخرى الموجودة، حيث تعتبر القراءة المصدر الرئيسي للنمو اللغوي للفرد، ومصدر لنمو شخصيّتهُ. وهي من أهم الأمور لتقوية شخصية الإنسان وزيادة المعرفة والكل منا يعرف بأن أول كلمة خاطب بها جبريل (عليه السلام) سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي كلمة: (اقرأ)، في قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} العلق: 1-5.
وهذا له دلالة كبيرة وعميقة في اكتشاف أهمية القراءة للعلم والمعرفة. وإذا تأملنا بعض مواقف السيرة النبوية نجد اهتمامًا كبيرًا جدًا بقضية القراءة، منها: موقف فداء الأسرى في بدر؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة!!، وفي هذه الحادثة دلالة واضحة وهامة على أهمية القراءة والكتابة، لأنها احتياجات ضرورية لأي أمة تريد النهوض والتقدم.
والمتأمل في حال المسلمين أيام بدر وجدناهم في حاجة إلى الأموال وفي حاجة إلى الاحتفاظ بالأسرى للضغط على قريش، أو الاحتفاظ بهم لتبادل الأسرى إذا أسر مسلم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يفكر بما هو أهم من ذلك كله، وهو أن يعلم المسلمين القراءة... كانت هذه نقطة هامة في فكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني أمة الإسلام بناءً متكاملاً. حتى أن الصحابي الذي يستطيع القراءة كان يُقدَّم على أصحابه. انظر إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي قُدم على كثير من الصحابة، وصار ملاصقاً للرسول صلى الله عليه وسلم بصفة شبه دائمة لأنه يُتقن القراءة والكتابة. فصار كاتبًا للوحي، وكاتبًا للرسائل ومترجما للسريانية والعبرية. وكان مبلغه من العمر ثلاثة عشر عامًا! .نعم بالفعل لهذه المواقف - ولغيرها - غُرس حب القراءة في قلوب المسلمين، وكانت المكتبات الإسلامية في التاريخ الإسلامي من أعظم مكتبات العالم، بل أعظمها على الإطلاق ولقرون طويلة: لذا تعتبر القراءة من أهم الأمور الأساسية لبناء الحضارات وتطوّرها في المجالات، حقيقة يجب أن نعرفها أن الشخص الذي يريد أن يبدع في مجال معيّن عليه بالقراءة والتركيز على المجال الذي يريد أن يبدع فيه ويزيد من خبراته عن طريق القراءة وتطبيق ما يقرأهُ على أرض الواقع ، فنحن في قرن الواحد العشرين ثورة التكنولوجيا والإنترنت فأصبحت فكرة التعلّم سهلة جداً لا تحتاج إلى تعب فقط هي تحتاج إلى أشخاص يريدون التعلّم وكسب الخبرات وزيادة الفرصة المتاحة لهم باستثمارها بما ينفعهم في العلم الذين يريدون أن يبدعوا فيه ولقد تغنى الشعراء بالكتاب ورفقته وأنه خير رفيق حيث قال أحد الشعراء:
تلهو به إن خانك الأصحاب
نعم المحدث والرفيق كتاب
وينال منه حكمة وصواب
لا مفشياً للسر إن أودعته
لذا يجب علينا جمعيا أفراد وجماعات ومؤسسات تشجيع طلابنا وطالباتنا على العناية بالقراءة لما للقراءة من إثر في التربية المعاصرة وتعمل على توثيق الصلة بين التلميذ والكتاب، وتجعله يقبل عليه برغبة، وتهيئ الفرص المناسبة له كي يكتسب الخبرات المتنوعة، وتكسبه أيضاً ثروة من الكلمات والجمل والعبارات.
ووسيلة لاستثمار الوقت، فالمرء محاسب على وقته ومسؤول عنه، وسيسأل يوم القيامة عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه. ووسيلة لتوسيع المدارك والقدرات؛ مما يؤدي الى توسيع العقول وهنا يجب أن ألفت النظر إلى مبادرة محمد بن راشد يطلق «تحدي القراءة العربي» والتي تعتبر أكبر مبادرة عربية لتشجيع القراءة حيث تستهدف قراءة خمسين مليون كتاب خلال العام الدراسي على مستوى الوطن العربي.
وهدفت المبادرة «تحدى القراءة العربي» إلى تشجيع القراءة بشكل مستدام، ومنتظم عبر نظام متكامل من المتابعة للطلاب طيلة العام الأكاديمي بالإضافة لمجموعة كبيرة من الحوافز المالية والتشجيعية للمدارس والطلاب والأُسر والمشرفين المشاركين من كافة أنحاء العالم العربي، وكان للمملكة العربية السعودية مشاركة لهذه المبادرة وحرصها ممثلة بوزير التعليم على العناية بالطلاب والطالبات وحثهم على المشاركة الفاعلة لهذه المبادرة إيمانا من الوزارة بأهمية القراءة في تنمية شخصية الطلاب فيصبح الطالب قادرا على الحديث بالمجالس والقدرة على نقاش الآخرين في كل مجالات الحياة. ورغبة في غرس لأسس التقدم والتفوق لهذا البلد المعطاء الذي عشنا على ترابه وأكلنا من خيراته نعم لنقرأ ولنستمتع بالقراءة حيث قيل إنّ القراءة غذاء الروح ومتعة العقل، ولنحقق بالقراءة الرفعة وعلو الشأن كما قال الله تعالى في كتابه العزيز «ويرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات « نعم للقراءة حتى نصل لرفعة وعزة هذا الوطن وأكرر دائما (دمت يا وطني شامخا)