علاقة الصين بالجزيرة العربية تمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة وارتبطت بطرق التجارة وطريق الحرير ">
أكَّد نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، المشرف العام على مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، الدكتور علي الغبان، أن اتفاقية التعاون التي وقعتها المملكة العربية السعودية ممثلة بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وجمهورية الصين الشعبية ممثلة بإدارة التراث الوطني تشمل مجالات مهمة من أبرزها استفادة المملكة من الخبرات الصينية في مجال الآثار الغارقة والرسوم الصخرية، منوهًا بالحدث الأبرز المتمثل في تنظيم معرض (طرق التجارة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية) في المتحف الوطني الصيني في بكين في أواخر عام 2016م حيث يعد أول معرض في آسيا وسينتقل إلى دول أخرى في آسيا.
وقال في حديثه لـ(الجزيرة): «الصين تتطلع إلى التعريف بحضارتها والمملكة منبر مهم جدًا في هذا المجال، والعلاقة بين الصين والجزيرة العربية قامت على طرق التجارة وطريق الحرير الجنوبي أو الطريق البحري الذي ينطلق من الصين ويمر بسواحل الجزيرة العربية بالخليج والبحر الأحمر، وكان يحمل الكثير من البضائع الصينية للعالم عبر الجزيرة العربية، وفي هذا المعرض «معرض طرق التجارة العربية» توجد العديد من المنتجات الصينية التي كانت تستورد من الصين قبل الإسلام وفي صدر الإسلام والعصرين الأموي والعباسي وتم اكتشافها في التنقيبات الأثرية في مناطق المملكة، كما كانت هناك بضائع مهمة تصدر من بلاد الشرق الإسلامي إلى الصين، وهناك علاقات تاريخية بين أراضي المملكة العربية السعودية والصين، وسوف نستقبل أيضًا معرضًا من الصين ينظم في المتحف الوطني بالرياض».
وبين أن جمهورية الصين الشعبية من الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا لتراثها الحضاري وتتوفر فيها آلاف المواقع المهمة وحضارتها عريقة تمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة وإنتاجها الحضاري ومشاركتها في التاريخ الإنساني متميزة جدًا، منوهًا بتقدم العلاقات بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وأفاد الغبان أن المملكة تعمل على الاستفادة من الخبرات العالمية في مجال الآثار والتراث الثقافي، ويوجد العديد من البعثات والمدارس العلمية التي تعمل معنا في فرق طرق مشتركة في مواقع الآثار والتراث.
وقال: «من هذا المنطلق نتوجه شرقًا ونستفيد من الخبرات العالمية المميزة في الصين خاصة في مجالات الرسوم الصخرية، حيث يوجد في المملكة مواقع مهمة للرسوم الصخرية كذلك في الصين، وأيضًا بالآثار الغارقة حيث لديهم خبرة كبيرة في مجال الآثار الغارقة ونحن لدينا العديد من مواقع الآثار الغارقة في البحر الأحمر والخليج العربي، إضافة إلى مجال التدريب وتأهيل المواقع، فالصين تتطور الآن بشكل سريع في مجال تأهيل المواقع الأثرية ومباني التراث العمراني، والاستفادة منها في التنمية والاستثمار السياحي، ويهمنا كثيرًا أن نستفيد من خبرة الصين في هذه المجالات».
وأضاف: «وفي مجال الحرف اليدوية تعد الصين الدولة الأولى في العالم في حجم إنتاج الحرف والصناعات اليدوية، ونحن نستهلك في بلادنا كثيرًا من المنتجات الحرفية الصينية، والهيئة تعمل أيضًا من خلال البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع) على تطوير هذا القطاع، والاستفادة من الخبرات العالمية الحرف بالتالي أحد مجالات التعاون التي نتطلع فيها إلى عقد برامج تعاون مفيد ومثمر للمملكة».
وأبان الدكتور علي الغبان أن المملكة تعمل كذلك على الاستفادة من تجربة الصين في مجال ترميم المباني التراثية والأثرية وترميم القطع الأثرية وعمل النماذج، مشيرًا إلى أن المشروعات التي تعمل عليها الهيئة الآن في مجال المتاحف بحاجة إلى تطوير قدرات وإمكانات الشباب السعودي الذي سيعمل ويشغل هذه المواقع والمتاحف.
يذكر أن معرض (طرق التجارة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية) قد أقيم منذ انطلاقته في عام 2010 في عشر مدن أوروبية وأمريكية، حيث أقيم أول معرض لروائع آثار المملكة في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس في 13 يوليو2010، ثم أقيم في مؤسسة «كاشيا» ببرشلونة، ثم في متحف الإرميتاج بروسيا، ثم في متحف البرجامون ببرلين، ثم في متحف ساكلر بواشنطن، ثم في متحف «كارنيجي» ببيتسبرغ بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم في متحف «الفنون الجميلة» بمدينة هيوستن، ثم في متحف «نيلسون-أتكينز للفنون» بمدينة كانساس، ثم في متحف «الفن الآسيوي» بمدينة سان فرانسيسكو.
وكانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، قد وقعت مؤخرًا اتفاقية مع إدارة التراث الثقافي في جمهورية الصين الشعبية لإقامة معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة عبر العصور» أواخر العام الحالي 2016م في الصين، وذلك في إطار مذكرة التفاهم بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، وإدارة التراث الثقافي في جمهورية الصين الشعبية للتعاون والتبادل المعرفي في مجال التراث الثقافي، التي أقرها مجلس الوزراء.
وقد أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على اللقاء في التأسيس لمجالات مهمة من التعاون بين المملكة والصين في مجالات الآثار وفي مقدمتها إقامة معرض «روائع آثار المملكة عبر العصور» لتكون منطلقًا لجولة المعرض في شرق آسيا، منوهًا سموه بما حظي به المعرض من اهتمام من دول منطقة شرق آسيا بعد النجاح الكبير الذي حققه في محطاته السابقة في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار سموه في تصريح صحفي عقب توقيع الاتفاقية إلى المكانة التاريخية والثقافية التي تحظى بها الصين وعلاقاتها التاريخية مع المملكة، مبينًا حرص الهيئة على الاستفادة من الخبرات الصينية في مجالات البحث والتنقيب الأثري في المملكة، وكذلك الاستفادة من تجربتها الواسعة والمتقدمة في مجال الحرف اليدوية.
وقال: «نحن سعداء بتوقيع هذه الاتفاقية مع دولة صديقة تربطها علاقات قوية بالمملكة، ودولة لها تاريخها الأصيل وحضاراتها العريقة، وأيضًا لها حضورها المهم في الساحة الدولية وخصوصًا في المجال الثقافي، وعلاقة الصين بالجزيرة العربية تمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة وارتبطت بطرق التجارة وطريق الحرير، والمنتجات الصينية كانت تصل إلى الجزيرة العربية في طريقها إلى دول أخرى».