في يوم الخميس 23 صفر 1427هـ، الموافق 23 مارس 2006م، نشرت صحيفة «الجزيرة» العريقة أول مقال أكتبه في الشأن الرياضي تحت عنوان (الهلال أمام التحديات)، وطالبتُ حينها سمو رئيس الهلال الأسبق الأمير محمد بن فيصل بسرعة البتّ في تحديد مصير المدرب البرازيلي كاندينيو إثر التخبطات التي ارتكبها مع الفريق آنذاك. الطريف في الموضوع أنه بحلول عصر ذلك اليوم أصدرت إدارة الهلال قراراً بإقالته. وبالتأكيد لم يكن السبب مقالي. إن قَدَر الهلال هو العيش الدائم تحت الضغط، وأمام التحديات، بسبب جماهيريته الطاغية محلياً وخليجياً؛ فكل شيء يحدث في هذا النادي العظيم يتم رصده من قِبل عشاقه. وهذا الأمر - دون شك - ليس بالشيء الغريب أو الجديد، ويبقى موضوع مديونية الهلال (التاريخية) حديث الساعة، وهو الهاجس الأكثر توجساً لدى كثير من الهلاليين الذين عبّروا عن ذلك صراحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً في تويتر. والجميع يشعر بمدى المسؤولية التاريخية الكبيرة الملقاة على عاتق سمو رئيس النادي في كيفية التعاطي مع تلك الديون، وخصوصاً الديون المستحقة للاعبين الأجانب السابقين؛ إذ إن التأخير في دفع مستحقاتهم قد يفضي إلى ما لا تُحمد عقباه. وفي الوقت ذاته يتملّك جمهور الهلال الاستغراب، ويبلغ بهم العجب مداه مما تم تداوله سابقاً عن المداخيل التي سيحصل عليها النادي من خلال الاستثمار مع بعض الشركات، التي قيل إنها ستصل لمبلغ 100 مليون ريال، وإنه في المستقبل ربما لن يكون النادي بحاجة لدعم أعضاء الشرف.. وتمر الأيام ليُصدم الجميع صدمة مدوية بحجم المديونية، وعلى كل حال، أياً كانت الأسباب، أظن أن إعادة تقييم أداء النادي في المجال الاستثماري باتت ضرورية، وأنا هنا لست متخصصاً في الاستثمار، لكنني أبدي رأيي المتواضع في جزئية مهمة، كانت من وحي زيارة سمو رئيس الهلال لمعالي وزير التجارة لبحث كيفية حماية حقوق النادي. هذه الجزئية تتلخص في التركيز على استخدام شعار النادي في مجالات عدة بحيث لا يقف عن حدود منتجات متجر النادي الذي لا يزال دون مستوى تطلعات الجماهير، وخصوصاً أن الهلال له تاريخ مشرف في الاستثمار الرياضي. فقبل 3 عقود عندما استضاف بطولة مجلس التعاون لأبطال الدوري في الرياض عام 1986م وقّع رئيس النادي حينها الأمير الرمز عبدالله بن سعد - رحمه الله - مع شركة ألبان لصنع منتج (لبن الهلال) بقيمة 8 ملايين ريال سعودي، وهو مبلغ ضخم جاً في ذلك الوقت، ولكن لأن القوة الشرائية لجمهور الهلال مغرية تمت تلك الصفقة، وأكاد أجزم لو تم إعادة هذا المنتج مرة أخرى، وأُضيف عليه مشتقات الألبان الأخرى من أجبان وزبادي وخلافها، سيحصل الهلال على مبلغ مجزٍ ومصدر دخل كبير، يغطي جزءاً ليس باليسير من ميزانية النادي.كما سينعم الجمهور أيضاً بالتحول إلى خيار صحي في الغذاء، وسيسهل حتى على الآباء والأمهات الهلاليين والهلاليات ترغيب أبنائهم وبناتهم الصغار في تناول الألبان؛ لأنه مرتبط بفريقهم الذي يحبونه. ومن صور استغلال شعار الهلال استخدامه في المجال المدرسي، والدخول إلى سوق الأدوات المدرسية عموماً، كالأقلام والمساطر وخلافها، وكذلك القمصان والحقائب، وأنا على ثقة بأن نسبة الإقبال عليها ستكون مذهلة، وربما سيُدهش الجميع من شهادة المعلمين والمعلمات حول عدد الطلبة والطالبات الذين سيفضلون اقتناء منتجات الهلال، وفي هذا السياق أدعو إدارة النادي إلى إقامة ورش عمل مع بعض المختصين في الاستثمار (بشرط ألا يكونوا حديثي عهد بالهلال)؛ وذلك لبحث سبل استغلال شعار النادي وتسويقه بما يتناسب مع شعبيته الجارفة داخل المملكة وخارجها. وفي الختام أتوجه لسمو الأمير نواف بن سعد مؤكداً له أن قدر الرجال العظام أن يوضعوا في المواقف الصعبة وخلال الأشهر القليلة الماضية من فترة رئاسة سموه ثبت للمدرج الهلالي الكبير أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، وبدا ذلك جلياً وواضحاً بزهده الكبير في الظهور الإعلامي، والعمل الدؤوب بصمت، والحضور اليومي للنادي، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة ليس للفريق الأول لكرة القدم فحسب، بل حتى الألعاب المختلفة بمختلف فئاتها السنية، فلم يضيعوا مع زحمة جدول سموه اليومي- وفقه الله- وسدد على دروب الخير والبطولات خطاه. والله ولي التوفيق.
- محمد السالم