سوق الأسهم السعودي لم يضاه طفرة الاقتصاد الوطني رغم ازدياد عمقه 118% ">
الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
من مستوى 20966 نقطة في فبراير 2006 يقبع مؤشر سوق الأسهم الآن في فبراير 2016م عند مستوى 5660 نقطة.. ورغم أن السوق يبدو أنه خسر ظاهرياً حوالي 1800 مليار ريال من قيمته في فبراير 2006م، إلا إن هذه الخسارة لم تكن حقيقية بقدر ما كانت هواءً وانتفاخا بالونيا نتيجة مضاربات صعدت بالمؤشر لآفاق غير آفاقه الحقيقية أو المالية المرتبطة بشركاته وقطاعاته السوقية.. السؤال الآن الذي يثير نفسه: أين وكيف يسير سوق الأسهم السعودية الآن بعد مرور 10 سنوات على سقوطه الكبير ؟ هل تم تصحيحه ؟ وهل وصل إلى النضوج المنتظر بعد هذه الخسائر الكبرى وبعد السقوط المدوي في فبراير 2006م ؟ وهل فعلا الإصلاحات والتطويرات الكبرى التي لحقت بالسوق أدت إلى إحراز القيمة المضافة ليكون سوقا ماليا ناضجا يليق بالاقتصاد السعودي؟
التحرك من 76 شركة إلى 166 شركة مدرجة في 2016م
أول ما نقيم به سوق الأسهم هو درجة عمقه أو عدد شركاته.. في فبراير 2006م كنا نتحدث عن سوق صغير ضيق عدد شركاته تعادل نطاق الذاكرة لا تزيد عن 76 شركة تنتمي إلى 8 قطاعات سوقية فقط.. ورغم ذلك النطاق الضيق، فقد وصلت قيمة رسملة السوق إلى 3100 مليار ريال ووصل عدد صفقاتها إلى حوالي 96 مليون صفقة، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف عدد الصفقات في 2015م (التي بلغت حوالي 30 مليون صفقة فقط) .. بالطبع إن عام 2005 وحتى فبراير 2006م شهد معدلات دوران ربما تعتبر الأعلى في تاريخ الشرق الأوسط جميعا وليس على مستوى السوق السعودية فقط.
اتساع نطاق وجنسيات المتعاملين بالسوق
في فبراير 2006م وصل عدد المتعاملين في السوق إلى نحو 2.6 مليون متعامل، في مقابل حوالي 4.6 مليون متعامل حتى نهاية عام 2015م .. أي تزايد عدد المتعامل بمقدار يزيد عن 77% خلال فترة عشر سنوات ماضية ..
وفي الوقت الحالي رغم أن عدد الأفراد المستثمرين لا يزيد عن 4.6 مليون مستثمر من الأفراد، إلا إن عدد المحافظ الاستثمارية للأفراد يصل إلى حوالي 9.1 مليون محفظة، بما يؤكد أن الكثير من هؤلاء المستثمرين يمتلكون أكثر من محفظة واحدة بالسوق.
بالطبع السوق في 2016م يختلف كثيرا عنه في 2006م حيث الآن تتنوع المحافظ الاستثمارية وتتنوع هوياتها وجنسياتها بشكل كبير جدا عنها في الماضي، حيث لا يقتصر المستثمرين على السعوديين ولا حتى الخليجيين فقط، ولكن الآن سوق للأجانب والشركات المقيمين وغير المقيمين..
تحسن المؤشرات المالية للسوق
تحسن مكرر ربحية السوق من 15.9 مرة في فبراير 2006م إلى حوالي 11.8 مرة في فبراير 2016م، كذلك الحال لمكرر القيمة الدفترية الذي تراجع من 3.54 مرة إلى 1.36 مرة.. وهذا يدلل على رقابة ومتابعة مشددة منعت حدوث أو تكون أي فقاعات جديدة للسوق.
مؤشرات السوق أقل من المتوقعة.. ولا ترقى إلى المستويات المتوقعة بعد فتح السوق..
رغم كل ما يقال عن نشاط السوق وعن تطور مؤشراته.. إلا إن هذا التطور لم يرقى حتى الآن إلى مستوى التوقعات حسب الاصلاحات والتطويرات.. وربما إن جاز لنا التعبير حسب حجم الانفاق السخى الذي أنفقته الحكومة وسهلته الدولة لتطوير وتحسين كفاءة سوقها المالي الرئيسي.. فالسعوديون وحدهم أنفقوا واستثمروا 3100 مليار ريال في سوقهم المالي وكانوا على استعداد لاستثمار قيم مماثلة فيه إن استمر على المنوال المتوقع في تحقيق أرباح مناسبة أو لنقل عالية تضاهي الطفرات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الوطني .. الاقتصاد الوطني مر بطفرات في الثمانينيات واكبت تطور سوق الأسهم في بداياته الأولى .. إلا أننا ينبغي أن نعترف أن الاقتصاد الوطني تطور ومر بطفرة اقتصادية كبرى خلال الفترة من 2007م وحتى 2012م وهي الفترة التي تطور فيها حجم الناتج المحلي الإجمالي من 1559 مليار ريال في 2007م إلى حوالي 2752 مليار ريال في عام 2012م بالأسعار الجارية .. هذه الطفرة تجلت في كل شيء ومثلت انطلاقة جديدة لكل المؤشرات المالية والاقتصادية بالاقتصاد السعودي .. ولكنها لم تتضح بالشكل المتوقع في سوق الأسهم.. الذي فتح أبوابه لكل المستثمرين من كل الدول وأعطى كل التسهيلات غير المتوقعة.. ما هي النتيجة ؟
إنها قيمة متداولة لم تتجاوز 1.7 تريليون ريال في نهاية عام 2015م في ضوء الانفتاح الكامل للسوق، بعد أن كانت هذه القيمة تصل إلى 5.3 تريليونات ريال للسعوديين وحدهم في 2006م.. ورغم اتفاقنا أن هذه التداولات كانت تنطوي على مضاربات ودوران عال للأسهم المتداولة، إلا إن قيمة 1.7 تريليون ريال في عام 2015م وحدها محل انتقاد وتحفظ لأنها لم ترقى بالسوق وتداولاته للمستويات المرتقبة في ضوء تسهيلاته الكبرى.
أما النقطة الأخرى الهامة، فهي أن مجمل تعاملات الأجانب بكافة أشكالهم لم تتجاوز نسبة 3.1% من إجمالي قيمة التداولات مؤخرا حسب احصاءات فبراير 2016م .. أما الأهم، فهو أن إجمالي قيمة تملك الأجانب لم تسجل قيمة تزيد عن 63.2 مليار ريال من إجمالي 1365 مليار ريال قيمة رسملة السوق في هذا التاريخ.. أي أن نسبة تملك الأجانب لم تتجاوز نسبة 4.6%، بجانب نسبة 2.4% للخليجيين، أي أن مجمل تملك كل الأجانب والخليجيين لم يزد عن 7.0% تقريبا.. وهو ما يعد مخالفاً لكل التوقعات حول السوق بعد إصلاحاته الكبرى.
إن المزيد من المجهودات لا تزال محل ترقب للنظر في كيفية وسبل انعاش هذه التداولات لسوق مالي واعد وكبير والكثير من المراقبين يعلم أن هذه المؤشرات الحالية لا تمثل حقيقية وقدرات السيولة في السوق السعودي .. كلنا نعلم أن المستثمرين السعوديين هم الأعلى نشاطا في الاسواق المالية العربية والدولية .. ولابد أن نبحث هل سوق الاسهم السعودي الآن أصبحت جاذبة أم طاردة للمستثمرين السعوديين الذين هم أساس السوق والاستثمارات فيه .. بل لابد من الإجابة على السؤال الأهم: هل السوق السعودية الآن جاذبة للاستثمارات الأجنبية بالشكل المطلوب ؟ ولماذا هذه القيم المتدنية للتملك في السوق حتى الآن؟.