«الفل والكادي والريحان والبعيثران والشيح» هدية الزوار ">
الجنادرية - علي بلال / تصوير - إبراهيم الدوخي:
الفل والكادي والريحان والبعيثران والشيح تجذبك من دون علمك إلى جناح منطقة جازان المتربع على الجهة الغربية في أرض الجنادرية.
ما أن دلفنا من البوابة الغربية للمهرجان الوطني للتراث الثقافة أخذنا نتساءل من أين نبدأ جولتنا، رائحة الوجبات الشعبية تغطي المكان والعرضة الجيزانية الشهيرة تنقلك إلى أرض المعركة، منازلة المشيدة بالطراز القديم الذي يحاكي بيئات المنطقة المتعددة لا يكاد تبعد ناظريك عنها، تحفة ربانية تمثلت في الورد الطبيعي وهبة الله لإنسان هذه البلاد تم إعادة تصميمه ليكون متنفسا لجميع الزوار والزائرات.
وكانت بداية الجولة في «المطعم الشعبي» حيث استقبلنا الفريق العامل في المطعم بقيادة المشرف وضاح الغزي الذي قال يوجد لدينا جميع الأكلات الشعبية الجيزانية التي يتميز بها الجناح عن بقية الأجنحة المشاركة في المهرجان، الأكلات الشعبية هي «مغش اللحم» وهو مصنوع من الحجر ويوضع في داخله اللحم والطماطم والبامية والبطاطس والثوم والفلفل الحار والملح والبهارات ثم يوضع علية قليل من الماء ثم يغطى بقصدير ثم يوضع في الميفا.
«المرسة» وتتكون من دقيق أبيض يفرم بعد طهيه في الميفا يوضع في صحن ثم يخلط بالموز ويوضع عليه السمن البلدي والعسل.
«الحيسية» مصنوعة من الحجر يوضع فيها الخمير أو لحوح ويرش بمرق اللحم يضاف عليه الحلبة والبصل المحروق الفلفل والسمن ثم يوضع اللحم على أعلى الحيسية، كما يوجد اللحم الحنيذ المعمول في الميفا، إضافة إلى وجود أكلات شعبية تضاف على المائدة وهي اللحوح، والسمك، والقوار، والدجر.
وأوضح الغزي أن المطعم يعمل فيه 33 عاملا يرتدون الزي الشعبي وهو عبارة عن «مصنف، وقميص، وغترة على شكل عصابة توضع على الرأس» مؤكدا أن جميع المنتجات التي تستخدم في المطعم طازجة ومن منطقة جازان بإشراف إبراهيم الحازمي، مشيرا إلى وجود إقبال كبير من الزوار والزائرات على الأكلات الشعبية لأنها تقدم ساخنة وفي أواني حجرية تراثية إضافة أنها تأتي في زمن ومكان محدد.
ركن الزلابية:
ثم انقلنا إلى ركن «الزلابية» والتقينا بالمعلم يحيى أحمد عبدالله وأوضح بأن الركن «الزلابية» يحتوي «اللقيمات» وتتكون الدقيق الخميرة، كذلك «الخمير» ويتكون من الحبوب الأحمر ودقيق ويضاف عليه البهارات والفلفل وكمون، أيضا والمصقص ويتكون من الدقيق الحليب، كما يوجد «القرمش» ويتكون من الدقيق، مشيرا أنه يضاف على جميع هذه المأكولات «الحمر» المخلوط بماء ويضاف عليه الثوم والكمون والفلفل ويقدم في أكواب صغيرة.
أركان الروائح العطرية: انتشرت أماكن الروائح العطرية الفواحة من «فل وكادي وشيح ومخاظر وبعيثران ونرجس» غطت رائحتها أرجاء الجناح حيث التقينا العم محمد عبدالله عقيلي فقال جميع الروائح العطرية يأتي يوميا من جيزان الفل منه ما هو نثر أو معمول في خيوط على شكل عقد أو كباشة يضاف له الورد ويعمل بطريقة خاصة، مشيرا أن «الفل» حاليا أسعاره مرتفعة حيث تتراوح الأسعار من 10 ريال للعقد الصغير إلى 150 ريالا للكبش، إلا أن من زار جناح منطقة جازان سواء نساء أو رجال يشترون من جميع أنواع الروائح العطرية وخاصة الفل، وواصل العم عقيلي حديثه تستخدم جميع الروائح العطرية في منطقة جيزان في الأعراس وأفراح الختان، حيث يقمن النساء بوضع كمية من الخطور والبعيثران على رأسها ثم يوضع عليه الكاذي ويضاف عليه الفل يغطي جميع الرأس، كما يعمل الفل على شكل عقود يوضع في الرقبة ليعطي رائحة فواحة، أما الرجال فيقومون بعمل عصائب من الروائح العطرية توضع على الرأس.
وفي ركن آخر للروائح العطرية قابلنا أحمد محرم وقال هذا الركن مخصوص للعصائب والأطواق المعمولة من الفل والخطور الكاذي والشيح والنرجس وأسعارها تتراوح ما بين 15 إلى 20 ريالا.
«ركن معصرة زيت السمسم» حيث التقينا عيسى راجح صاحب المعصرة وقال صناعة زيت السمسم يوضع 30 كيلو داخل حوض المعصرة الخشبي ثم تبدأ عملية عصر حبات السمسم، مشيرا أن «المعصرة» تتكون من عدة قطع خشبية وحوض خشبي وقوس وركبة تحمل الحوض ثم الجمل الذي يقوم بتدوير المعصرة وتستمر العملية لمدة 4 ساعات.
وقال راجح يستعمل زيت السمسم كغذاء يطبخ به الأطعمة أو يضاف إلى بعضها، ويستخدم كدواء يعالج به الحكة والبلغم والربو، وتتراوح أسعار زيت السمسم من 40 إلى 100 ريال، مؤكدا أن هذه المهنة متوارثة أبا عن جد.
ركن العروض الشعبية
على رائحة الفل والكاذي تستمع لقرع الطبور والزير لعدد من الرقصات الشعبية وقال محمد حسين أحد المشاركين في الفرقة الشعبية تبدأ الفرقة بتحمية الطبول والزير على النار ثم يقومون بدقة الدمة من مكان تحمية الطبول إلى المكان المخصص للرقصات والدمة رقصة جماعية غنائية يشكل الراقصون صف واحد وهي رقصة سريعة.
وأوضح حسين عندما تصل الفرقة للمكان المخصص تقوم الفرقة بعرض عدد من الرقصات وهي رقصة السيف وتبدأ بقرع الطبول ويدار الرقص ثنائيا ويمسك الراقصان المتقابلان بسيف أو عصى ويتم الرقص برفع إحدى الرجلين وخفض الأخرى بالتناوب مع ارتفاع الجسم وانخفاضه في حركة شيقة ويلوح كل رقاص بعصاه يمنة ويسره أثناء الرقص.
كذلك تؤدي الفرقة رقصة العرضة: حيث تقرع الطبول وفي مقدمتها صوت الزير ويشكل المتفرجون شكلا خاصا شبه دائري توضع الطبول في قاعدته فيما يشكل الراقصون صفا واحدا أو صفين ممسكين السيوف أو العصي أو بدونها ويبدأ الراقصون العرضة بالرقص الهادئ مع نقل الأقدام والسير إلى الأمام في مسيرة نظامية مثل حركة الاستعراض ويتقدمهم أمهر الراقصين ويؤدي حركات معينة.
وقال حسين من الرقصات التي تؤديها الفرقة رقصة العزاوي والزامل والمعشى وهذه الرقصات تحاكي الواقع الثقافي لأهالي منطقة جازان، وقد تفاعل الجمهور مع الرقصات التي قام بتأديتها مجموعة من شباب منطقة جازان.
ركن العسل:
بجوار الركن المخصص للعروض الشعبية يقف العم علي الغزواني في ركنه الصغير وبلهجته الجيزانية هيا العسل يا أهل العسل وقال لدي عسل السمرة وعسل السلام وعسل القرضة وعسل الطلح وعسل السدر وأسعارها الكيلو بـ 400 ريال أما عسل الخلطة الخاصة بالمتزوجين فالكيلو بـ 900 ريال.
وخلال الجولة زرنا «العشة» والتي تتوسط جناح جيزان والمبنية الخشب والطين وأحد المعالم التراثية في الجنادرية ويوجد بها العقادة التراثية «الكراسي» وتستخدم للجلوس، والمصال «السجاجيد» وتستخدم للصلاة، وبعض الأواني التراثية، حيث اكتظت «العشة» من الداخل بالزوار للتعرف على المعروضات التراثية.
كما زرنا ركن الأواني الفخارية ويحتوي على فناجيل القهوة والجبنة والمغاش والحواسي والمطاحن والمباخر والموافية والتنانير والجرار وجميعها مصنوعة من الفخار.
وقد شهد جناح منطقة جازان كثافة عالية من زوار وزائرات المهرجان الوطني للتراث والثقافة سيتمتعون بمذاق بالأكلات الشعبية وبالروائح العطرية من «فل وكاذي وشيح، وبعيثران، ومخاظر» بالإضافة إلى الاستمتاع ببعض التراث الجيزاني مثل العشة والبيت الجبلي.