تعليقاً على مقال (الإجرام الإلكتروني) للدكتور زيد الرماني والمنشور في عدد الأربعاء 10 فبراير 2016م بصفحة وجهات نظر، وبداية أشكر الكاتب فكثيراً ما نجد أن الجريمة الإلكترونية تنتشر إما بسبب البحث عن الشهرة والرغبة في تسليط الضوء أو الربح المادي غير الشرعي مقابل التجسس والابتزاز، وقد يكون السبب لمجرد الرغبة في الانتقام من أحد بعينه، أضف لهذه الأسباب توفر أداة الجريمة من أجهزة ذات تقنية عالية أضحت في متناول اليد سهلٌ اقتناؤها ما جعل لها الدور الأكبر في ممارسة الجريمة الإلكترونية إذا ما علمنا أن أوقات الفراغ لدى الشباب ظلت ولم تزل في اتساع مستمر، ما يجعل الشباب يبحثون عما يملأ هذا الفراغ دون أن يدركوا خطورة ما يفعلون؛ بسبب فراغ في الوقت يتبعه خواء فكري تعاصره أجهزة ذات تقنية عالية رفيعة تخالطه قيم مضمحلة وأخلاق متدنية وتربية ضعيفة وأسر مكلومة فيما هو حادث لأبنائها وبناتها وليس لها من مقدرة لعمل شيء بسبب الانفلات الذي حدث في عمق المجتمع، ما جعل الكثيرين يستغلون الصفات الإنسانية الطيبة وحسن الظن لدى البعض وأحياناً الغباء المستحكم لدى البعض، وكم من متعلم وهو من ذوي الخبرة في الحياة، وقع في حبائل مجرمي الأسافير الذين يتميزون بقدرات فائقة لنسج شباكهم الناعمة بطريقة سهلة مضمونة، ومنذ وقتٍ مبكر انتبه القائمون على الأمر بالمملكة حيث تم إعداد أدوات مكافحة الجرائم الإلكترونية كنظام مكافحة جرائم المعلوماتية الذي أصبح مطبقاً منذ فترة، حيث أصبحت مثل هذه الجريمة تهدد أمن وسلامة المجتمع، وقد أصدر النظام في ست عشرة مادة تعالج أكثر المشاكل الموجودة في الجرائم الإلكترونية بجميع أنواعها، ومن أبرزها المادة الثالثة: وفي هذه المادة يُعاقب الشخص بالسجن لمدة سنة وبغرامة خمسمائة ألف ريال إذا ارتكب جريمة التنصت والدخول غير المشروع من أجل الابتزاز والتخريب والمساس بالحياة الخاصة، والمادة الرابعة: حيث يعاقب الشخص بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة مليوني ريال إذا ارتكب جريمة الاستيلاء على مال منقول أو على سند والوصول دون مسوغ إلى بيانات بنكية أو ائتمانية، أما المادة الخامسة فقد نصت على معاقبة الشخص بالسجن لمدة أربع سنوات وبغرامة ثلاثة ملايين ريال إذا ارتكب جريمة الدخول غير المشروع لإلغاء أو إتلاف بيانات خاصة وإيقاف الشبكة المعلوماتية عن العمل وإعاقة الوصول إلى الخدمة، وهكذا دواليك توالت مواد هذا النظامفي نسق دقيق، إلا أنّ المهم في هذه المسألة التي ما زالت تؤرق أصحاب الشأن هي أهمية العمل على التدخل بما يمكن عدم وقوع مثل هذه الجريمة أو التقليل عنها، وبالطبع مجرد تشريع الأنظمة وإقامة المحاكم لا يكفيان لمحاربة مثل هذه الجريمة ذات الطابع التقني الدقيق، ذلك أنّ تطبيق النظام وحده لن يحيط بكافة جوانب تضييق الخناق على جريمة مسرحها الفضاءات الشاسعة الواسعة وأداتها أجهزة ذات تقنيات متطورة وهي في تطور متلاحق يوماً بعد يوم، وبالطبع أن الأمر يحتاج لتكريس الكثير من أدوات الدولة ووسائلها وتسخير المجتمع والأسر في تضامن وتعاون مستمرين حتى يتحقق الهدف، ذلك أن الجريمة الإلكترونية أضحت الأكثر خطورة والأكبر ضرراً لما تتميز به من سرعة في إنجازها ووقوعها على مصالح كبيرة وضخمة، ومن هنا توجب على المجتمع والأفراد القيام بدورهم للحد من انتشار مثل هذه الجرائم وعلى الدولة والمؤسسات ذات الصلة العمل على إطلاق برامج التوعية لدى مستخدمي الشبكة عن طريق المؤتمرات واستغلال الدعاية والإعلان في التحذير من الجرائم الإلكترونية وقبل هذا وذاك تكثيف برامج التدريب المستمر للمستخدمين ليتعرفوا على طرق الحماية حتى يسدوا كل الثغرات أمام ممارسي هذه الجريمة، مع نشر ثقافة دفع وحض الذين يتعرضون للجرائم الإلكترونية لأخذ حقوقهم وعدم التقاعس عن متابعتها، حيث إنهم يستطيعون المطالبة بما يقع عليهم من ضرر عن طريق نظام مكافحة جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية فهو قانون رادع كما أنه يؤمّن لكل متضرر أخذ حقه كاملاً والتعويض عن أي ضرر يقع عليه.
نجوى الأحمد - الرياض