حلم ">
مستلقياً على السرير الجلدي المائل إلى أعلى من جهة الرأس, ينظر إلى السقف، لمح شقاً في الديكور بدأ من فتحة المصباح المعلق وتعرج حتى استسلم. غترة معلقة مجاورة لغترة الطبيب الذي أخذ يهمس بحنان: رائع رائع يا عماد, هناك تطور ملحوظ!
تأفف منه ورد ويداه قد عقدتا على كرشه الفاخر. أي تطور يا دكتور إنه ذاك الحلم المزعج. لا يتركني ملتصق بي كبقعة في الملابس تعاند أعتى المنظفات!!
زم الطبيب شفتاه ثم قال: لكن هذا جيد يا عماد كنت تعاني من أرق شديد. صف لي هذا الحلم؟
وعيناه تتبعان الشق قال: أحلم أنني أمشي على أرض موحلة، حاملاً طاولة كبيرة على ظهري أنوء به, ظهري يكاد ينشطر والألم يمزق جسدي. عندما استيقظ أشعر بالإنهاك والتعب على عكس ما يشعر به المرء بعد النوم، أليس من الطبيعي أن يستيقظ المرء مرتاحاً؟ أليس النوم ساعة الراحة؟
ليس دائما! نهض ثم اتجه إليه فكتب طلاسم على وريقة وناوله إياها قائلاً: هذا الدواء سيمنحك ليالي هانئة.
بعد أسبوع، على نفس السرير، بنفس الوضع، عماد وعيناه تلاحقان الشق متذمراً: لا فائدة يا دكتور، الدواء نفع ليومين ثم عاد ذاك الحلم المزعج مرة أخرى!
نفس الحلم؟
بل أسوأ، هذا المرة أمشي حافيا, ارتدي سروالا وقميصا وقد غاصت قدماي في الوحل حتى الساق!!
راجعت عينا الدكتور ما كتبت يداه الأسبوع الفائت وقال: قلت في تلك المرة إنك تحمل طاولة؟
تأفف قال: هذه المرة، أحمل طاولة وكرسيا ومئات الأوراق! أشعر بالديدان تعض ساقي!! إنني تعب يا دكتور!!
رد قائلاً: حالتك تسوء! نهض ثم اتجه إليه فكتب كلمات على وريقة وناوله إياها قائلاً: هذا دواء آخر ذو مفعول أقوى, سيفيدك مؤكداً بعد شهر, على نفس السرير بنفس الوضع قال عماد وعيناه تلاحقان الشق الذي يزداد طولاً: لا فائدة يا دكتور، الدواء نفع لأسبوع ثم عادت تلك الأحلام المزعجة!!
نفس الحلم؟.. بل أسوأ, هذا المرة أمشي عاريا وقد غصت في الوحل حتى الخصر والوحل الساخن يلطخ وجهي وينحشر في أنفي وعيني, استيقظ مفزوعا وأغسل وجهي عشرات المرات ولا زلت أشعر بالوحل في عيناي وأنفي وفمي وحلقي.
راجعت عينا الدكتور ما كتبت يداه الأسبوع الفائت وقال: قلت في تلك المرة أنك تحمل طاولة وكرسيا ومئات الأوراق؟
صاح غاضبا: هذه المرة أحمل فوق الكرسي رجلا بدينا يرتدي بشتا ونظارة سوداء!
جمع الطبيب قبضته متسائلاً: ما هي طبيعية عملك؟ أقصد مالذي تفعله كل يوم؟ ومع من تتعامل؟
التفت إليه عماد شزراً وقد صعر خده واجحظت عيناه ولم يُر الطبيب بعد ذاك اليوم.
- علي محمد الماجد