بندر عبد الله السنيدي ">
التفجيرات الأخيرة التي حصلت في وطننا المملكة العربية السعودية لاشك شيء محزن ومثير للغرابة. الحزن يكمن في أننا شعب مسلم ننتمي لوطن معطاء يحتضن أغلى البقاع الطاهرة على وجه المعمورة مكة وطيبة الطيبة. أما وجه الغرابة فيكمن في كيف لشباب في مقتبل العمر أن يقوموا بتلك الأعمال الإجرامية. أعمال تستهدف أغلى مكان للعبادة وهي المساجد. كيف غرر بهم وسلحوا لمثل هذه الأعمال المشينة للأسف.
من وجهة نظري الأسرة لها دور كبير في الموضوع يتمثل في البعد عن الابن. أي البعد العاطفي والاحتواء والسيطرة على الابن والقربة منه ومعرفة ما يحتاج إليه.
قد يتصور الكثير أن الاحتياج يقتصر على أمور مادية فقط، وهو خطأ جسيم وخلل كبير في تفكير البعض.. أنا هنا أعني بذلك الاحتياج العاطفي للأبناء، ولنعلم يقيناً أن العاطفة رياح تحرك النفوس، ولها دور كبير ومهم في تكوين السلوك لأبنائنا، سواء داخل المنزل أو خارجه.
الهمس بالحب واللمسات الحانية من الوالدين للأبناء مقروناً بقبلات الدفء لاشك لها الدور الأهم في التربية، إلا أنه كما ذكرت يغفل عنها الكثيرون.
ولتأكيد كلامي أسرد هنا قصة حصلت لي شخصياً.. كنت أتواصل مع ابني عبدالله ذي الإحدى عشرة سنة عبر النقال، وما بين كلمة وأخرى لا بد أن أسمعه كلاماً يلتمس فيه الحنية من أبيه؛ على سبيل المثال لا الحصر «سمّ، وحبيبي، وأبشر، ولا يهمّك، طال عمرك»، وقد اعتدت قولها لابني وبناتي كذلك صبا وغسن، كل هذا هادفاً لاحتواء أبنائي بدلاً من أن يجدوا من يسيطر عليهم بتلك الكلمات الدافئة الحانية.
ما أثار استهجاني في الواقع هو وجود زميل لي، كان على قدر كاف من القرب مني بحيث، يستطيع أن يسمع حواري مع ابني.. بعد الانتهاء من حواري مع ابني قال لي، وبكلمات يعتريها أسلوب الغرابة، لماذا تعلم ابنك الصغير مثل هذه الكلمات؟!.. بادرته بسؤال وما وجه الغرابة في ذلك؟ فقال إنها كلمات قد تعلمه السلوك الغلط! بلا تردد أو استشعار قلت له أنت الغلط! وأوقفت الحوار معه من باب «كل ينام على الجانب الذي يريحه».
جاء الأقرع بن حابس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرآه يقبّل الحسن بن علي، فقال الأقرع: أتقبّلون صبيانكم؟! فقال رسول الله: «نعم»، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبّلتُ واحدًا منهم قط، فقال له رسول الله: «من لا يَرحم لا يُرْحم» متفق عليه.
الحب بيننا موجود لا محالة ولكننا نعيش في بيئة قد تفتقر إلى التعبير عن محتواها، خصوصاً داخل الأسرة بين الأبناء والوالدين وبين الأبناء أيضاً قد يحدث ذلك.
من هذا المنطلق يجب علينا كأولياء أمور أن نهتم بأبنائنا ونحتويهم، ونحتضنهم، ونقبلهم حتى وقت نومهم، فالكثير منا للأسف لا يدرك تلك المشاعر ووصولها لأبنائنا ومدى تأثيرها عليهم عاطفياً، لنحميهم من وحوش خارجية قد تلتهمهم من هذا الباب.