طالعت مقال الكاتب في صحيفة الجزيرة محمد آل الشيخ بتاريخ 5 فبراير 2016م فعلى مستوى العلاقات الإنسانية لا يبدو سيئاً دائماً، إذ هو السبب المباشر في تماسك واستمرار بعض أشكال التجمعات الإنسانية، ولكنه على مستوى الفكر والنقد هو كارثة لا تماثلها كارثة. إذ إن الاستنتاج، كتسلسل منطقي، يعتمد بشكل أساسي على المقدمة. فإذا كانت المقدمة هي «وهم»، كانت الخطوات اللاحقة في البرهان والاستنتاج هي مجرد أوهام وأحلام لا قيمة لها.. لكن الفرد في بعض الأحيان يصر على أن «أوهامه» هي حقيقة، هكذا من دون برهان يناقض برهان مخالفه، ويُصر أيضاً على أن استنتاجه هو الأقرب للحقيقة رغم أنف كل المظاهر المُشَاهدة حوله.
ولا يختلف الإسلاميون عن الليبراليين (أو من يختبئون خلف هذا الشعار) في هذه النقطة، فالأوهام عامل مشترك لهؤلاء وفيما يتعلق بنفس الأفكار والمنهجيات التي يدّعون الوقوف تحت ظلها. إذ فجأة تتحول الإهانات وانتهاك الكرامات عند بعض الليبراليين إلى حرية رأي وتعبير (!!). حسنٌ جداً، فلنجرب إذاً مع هؤلاء أن نهينهم وننتهك كراماتهم، وعلى حسب مفهومهم الذي ينادون به، فليبقوا أفواههم مغلقة ويبتسموا لمن أهانهم أو يصافحوه أو يطبعوا قبلة على خده، وآخر شيء يجب أن نتوقعه منهم أن يفتحوا أفواههم معترضين أو يركضوا إلى محكمة حتى تنصفهم. فلم يفعل من أهانهم وانتهك كرامتهم إلا مجرد ممارسة لحرية التعبير، أليس كذلك؟ وعند التوجهات الإسلامية المذهبية، فالأمر أسوأ وأكثر كارثية، إذ هؤلاء تحت شعار الديموقراطية الذي تعلموه من الغرب (الزنديق الكافر) يريدون أن ينخرطوا في عملية تصفية لمخالفينهم، ثم ليشاركهم بعض العامة ممن اختار أن يهب عقله كاملاً لهم في هذا النشاط الهمجي.
ضمن هذا السياق، سياق إلغاء العقول، رفض البعض فكرة وجود كهنوت في الإسلام. وفشلت كل محاولات التدليل على نقيض هذا حتى في إيجاد أي أرضية مشتركة للحوار. لهؤلاء، أعيد نشر مقالة سابقة لي عن هذا الموضوع، لعل وعسى.
بسام التميمي - الخرج