في زمن (الصحوة المزعومة) الخاطفة للشباب كان نجوم التعاون والرائد يصافحون الملوك على منصات التتويج! ">
سعادة مدير التحرير للشؤون الرياضية الأستاذ محمد بن صالح العبدي.. سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على ما كتبه الزميل العزيز إبراهيم بكري تحت عنوان (التعاون.. صحوة القصيم)، وقد مزج بين ما أسماه الصحوة السعودية وبين ثنائه على ما يقدمه فريق التعاون من مستويات طيبة بالدوري السعودي، معتبراً أن الصحوة السعودية في منطقة القصيم وقفت عائقاً أمام التطور الرياضي طوال السنوات السابقة، حتى دخل فريق التعاون الآن منافساً بقوة معلناً صحوته ضد ذلك..!!
وبودي أن يسمح لي سعادتكم بالرد على ما كتبه الخلوق إبراهيم بكري، الذي خانته معلوماته لتاريخ المنطقة، كونه بعيداً عنها كل البعد، فاستفزع بمقدمه أقرب ما تكون إلى المجوفة الخالية، شوه معها التاريخ وأعمى الرياضة بربط خيالي كان الهدف منه التغني بفريق يستحق مليون مقال أفضل من هذا المقال، لكن الأسلوب والسرد والربط دمر المقال، وجعله في مرمى الزاوية النقدية مفتوح الوجه لتلقي كل أساليب العلاج المعلوماتي.
وبالنسبة لي! كارثة أن يكتب إعلامي عن التاريخ ويربط الدين بالرياضة هكذا، بتهم زائفة بالرغم من أن تاريخ منطقة القصيم الرياضي واضح للعيان ولا يحتاج إلى فلسفة واجتهاد بعيد عن الحقيقة..!!
سأسرد عدداً من النقاط حول الموضوع للإيضاح:
- يكتب الزميل إبراهيم (سنوات طويلة وأندية القصيم «عاجزة» لإنتاج شباب رياضيين موهوبين، شح وفقر في «المواهب» سببها اختطاف رواد «الصحوة» لعقول الشباب وإقناعهم بأن الرياضة ترف لا قيمة لها)..!!
لن أدخل في دوامة ولغط «الصحوة» كمفهوم وأهداف، فهي تحت نظر ومتابعة أهل الاختصاص والبحث من مسؤولين ومفكرين، إلا أنني أتساءل عن «العجز» الذي يقصده الكاتب، وأي استدلال تاريخي مثبت يتحدث عنه، وأي إحصاء يبرهن عليه؟ وتحديداً حينما أُذكِّره أن نجوم الرياضة القصيمية، وبريدة تحديداً، والتعاون والرائد بوجه خاص كانوا يصافحون الملوك على منصات التتويج، في أوج التمدد الصحوي الذي يقصده الزميل، وذلك حينما قابل التعاون فريق النصر على نهائي كأس الملك، بحضور وتشريف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - عام 1410هـ، وحين أعلن الرائد صعوده للدوري الممتاز أكثر من مرة ومثله أندية النجمة والعربي والحزم، فهل فلت هؤلاء من الصحوة أم أنك جانبت الصواب؟ هذا مثال ليعرف الزميل أن «شباب القصيم» أعجز الصحوة ولم تعجزه! وهنا الفرق الذي جهله الزميل.
عليه، أعيد تذكير الزميل أن الكتابة عبر الربط الديني الرياضي ليست هذراً وأحاجياً بل دليل وبرهان وأرقام، يجب على الكاتب إيرادها، بدلاً من الاستعراض المخجل والربط الخالي من أبجديات المقالة الصحيحة، فأصغر متابع للشأن الرياضي بمنطقة القصيم يعرف أنها منطقة تمثل موقع الجماهيرية الرابعة وأحياناً الخامسة بالكرة السعودية، ولا أعتقد أن في ذلك نقاش. والسؤال: من أين أتت تلك الجماهيرية؟ أليست من كون الرياضة محل الاهتمام الشبابي؟
منذ أكثر من خمسين عاماً نشأت الكرة بمنطقة القصيم، ومن هذه الحقبة الزمنية الموغلة في التاريخ خرج أجمل أنديتها - الرائد والتعاون - الذي تعنيه بمقالك - من مدينة بريدة العاصمة القصيمية بإمكانات بدائية جداً مقارنة بغيرها، لم تقف عثرة أمام سيل النجومية وكمية النجوم بالمنطقة فـ (سليمان الرشودي صاحب الهدف العالمي بمرمى اسكتلندا والذي مهد الطريق لاحتضان السعودية كأس العالم للناشئين - صالح المبارك (رحمه الله) أحد أعمدة منتخبنا للشباب والأول - حماد الحماد كبير الهدافين السعوديين بدوري 1416- منصور الموسى لاعب نادي النجمة والنصر والمنتخب الأول وممن ساهموا بأول تأهل للسعودية لبطولات كأس العالم بهدفه أمام إيران في المباراة التاريخية - الهداف التاريخي لدوري الأولى لخمس مواسم خالد المنصور لاعب نادي العربي.. كل تلك الأسماء وغيرها الكثير لم تشفع للكاتب بأن يصحح من مغزى وهدف مقالته، ليكون شباب القصيم من خيرة ممثلي الوطن في الرياضة.
أسئلة كثيرة كان المفترض أن يضعها الزميل أمامه قبل أن يشرع بكتابة مقاله:
- هل يعلم عن تاريخ نشأة الرياضة بالمنطقة وجماهيريتها والقوة الحماسية؟
- هل سأل المطبوعات الإعلامية في ذلك الحين (صحوة زميلنا) كيف كانت ردود الفعل؟
- هل شاهد المباريات وعدد الجماهير الحاضرة؟
كنت أتمنى أن يكتب الزميل بكري مقدمة استعراضية أخرى يتحدث فيها عن أندية المنطقة العزيزة التي عاش هو فيها، ويذكر الأسباب التي لم تجعل من أنديتها ورياضييها يحققون المنجزات الكبرى، فلربما في جعبته صحوة أخرى منعت من البروز الرياضي؟ لأن الربط لابد أن يكون عاماً لكل منطقة لم تحقق إنجازات رياضية، وليست القصيم فقط.. هذا هو العدل..!!!
وبالمنطق الذي يكتب فيه زميلنا بكري فإن نتائج نادي الرائد التي لا تسر جماهيره الآن هي من تأثير الصحوة المزعومة! والله إنه أمر مخجل للغاية أيها الخلوق!
في عهد الصحوة الذي تزعمه كان في كل حي ملعب للحواري بالمنطقة والأندية تعج بمرتاديها، رغم شح الوضع، واليوم لا حواري ولا ارتياد للأندية، بل لا حضور جيداً للمباريات، فهل الصحوة اختطفتهم؟
نعم، لقد خلطت يا عزيزي الأمور وأصبحت كحاطب ليل، فلم تقرأ جيداً أو تتهيأ للكتابة - على غير عادتك - فانطلق عقلك الباطن؛ ليطلق أحكاماً جائرة على منطقة القصيم وشبابها ورياضتها، ورميهم بشبهة قد لا تقصدها، دون تثبت حقيقي، ليقودك ذلك – بغير قصد طبعاً - إلى تشويه حقبة تاريخية بغير شواهد.
هل تعلم يا زميلي أننا نشكو اليوم من انعدام المواهب بالمنطقة وليس في زمن الصحوة الذي تزعمه؟ ففي ذلك الزمن كان أبناء المنطقة يتزاحمون للعب، واليوم وبعد أن باتت كرة القدم والرياضة وتميل الأندية لا يعترف بمناطق أو مدن شح الحضور، وتقلصت المواهب.
ختاماً: آمل منك أيها الزميل العزيز الابتعاد - مستقبلاً - عن ربط الدين في الرياضة، فبالفكرة التي تتحدث عنها، كان من المنطقي أن تكون الدول أو المجتمعات المتسامحة والمتحررة من قيود التشدد والوصاية متسيدة لكرة القدم! ولغزتْ البلادُ الأكثر انفتاحاً العالمَ الكروي! لكنها الإمكانات والدعم الذي افتقدته أندية بريدة، وجعلت من أكبر ناديين جماهيريين يعيشان أكثر من خمسين عاماً بمباني متواضعة وبإمكانات لا تليق، ولولا الدعم من رجالاتهما لأغلق الناديان منذ زمن طويل جداً، لكن حب الرياضة تاريخي بوجدان رجالات بريدة، وتجاهلك لهذا التاريخ خطأ لا يمكن أن يغتفر إلا باعتذار منك، وتراجع عن اتهامك «ولمزك» الخالي من أي دليل وبرهان..
تقبل نقدي أيها الزميل العزيز، وأجزم أن من كتب بغير فنه جاء بالعجائب، وكوني أحد أبناء المنطقة ومدينة بريدة، سأكون أقرب وأفهم وأعرف كما هو الحال لك في منطقتك الغالية.
سلطان بن إبراهيم المهوس - بريدة