د. عبدالرحمن الشلاش
العنف ضد المرأة وسلب حقوقها والنظر إليها بأنها كائن بشري ناقص، والتسلط عليها من صغار السن والأطفال ودواعش الداخل والخارج، والجهال ومعدومي الضمير أو من ينظرون لها أنها متاع ممارسات لا علاقة لها بالدين.
الدين حفظ للمرأة حقوقها، وكرمها وأعلى شأنها، فهي ملزمة شرعاً بما ألزم به الرجل، ولها الحق الكامل في الحياة الكريمة، والتعليم والعمل ضمن إطار الدين وما تنص عليه الشريعة كونها إنساناً مكلفاً، وفي المقابل لها حق بالمطالبة بكافة حقوقها .
لذلك كان دور المرأة عظيماً منذ عصر النبوة إلى يومنا هذا . من فقيهة الأمة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما إلى عصرنا الحالي والذي وصلت فيه المرأة إلى مراكز الصدارة، وأتكلم هنا عن بلادنا حين فتحت لها الدولة السعودية المباركة منذ تأسيسها مجالات التعليم والتدريس والتطبيب إلى أن دخلت إلى مجلس الشورى، وقبل ذلك امتهنت العمل في الإعلام وغيره من المجالات.
الذي ركل المرأة ورفسها واعتدى عليها في سوق عام في مدينة الرياض، لم يصدر في هذه التصرفات من تعاليم الدين الحنيف، والتي ذكرت في السطور السابقة عنايته بالمرأة، ولم يدر بوعيه حين أقدم على فعلته أنه لا يرضى أن يفعل بواحدة من نسائه ما فعل واقترف، ولم يستحضر أنّ هذه الإنسانة كائن بشري وأن المرأة جزء هام من المجتمع فلم تهبط من السماء ولم تخرج من الأرض، هي أم وأخت وزوجة وبنت.
مثل تلك العينات القليلة من رجال الهيئة كثيراً ما وضعت هذا الجهاز الحساس في مواقف محرجة أمام المجتمع بتصرفات تنبثق من النظرة التقليدية، والتي أفرزت طريقة التعامل التقليدية لهذه الإنسانة، وهي نظرة متطرفة تراكمت عبر سنين من موروثات وتقاليد وعادات وخطب وعظية، صورت المرأة بأنها كائن ناقص يجب أن يحبس بين أربعة جدران، ولا يغادر هذا المكان أبداً إلا في أضيق الحدود!
صحيح أنّ المجتمع تجاوز هذه المعضلة نسبياً بسبب إصرار الدولة على فرض مدارس البنات ومنح المرأة نصيبها من فرص الابتعاث، ومن فرص التوظيف، ومن المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنّ هناك من يعيش في عصر غير عصرنا الحالي، فأصبح لا يطيق أن يرى المرأة تسير في الشارع ولا في السوق، ولو كانت الأمور بيده لمنعها من دخول أي مكان على وجه الأرض.
أصحاب هذه النظرة ممن يحسبون على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم قلة، أشغلوا أنفسهم وتركوا باقي مهامهم، وكثيراً ما أحرجوا رؤساءهم وتسببوا في إعفاءات داخل الهيئة لقيادات عملت قدر جهدها، لذلك يجب أن يدرب مثل هؤلاء على العمل أو يحولوا لممارسة مهام أخرى بعيداً عن العمل الميداني، والذي يحتاج لأشخاص أكثر هدوءاً وأرقى تعاملاً، حتى وإن ثبت أنّ الفتاة أو الشاب قد أخطأ فيحاسب ضمن القنوات الرسمية مع حفظ كرامته وعدم الاعتداء عليه أمام الناس .
تقليدية التعامل مع المرأة أحدثت كثيراً من اللغط والجدل والتجاذبات، ما يستدعي أن تتغير هذه الصورة النمطية فنحن في زمن آخر .