سمر المقرن
منطقي جداً ذلك القلق الذي أبداه مجلس الشورى السعودي مطلع الأسبوع الحالي، إزاء هجرة نحو مليون سعودي للإقامة خارج المملكة، يمثّلون 5 في المئة من إجمالي السعوديين، إذ حذّر المجلس خلال الجلسة من تفاقم هذه الظاهرة، معتبراً أنها تمثّل تهديداً اجتماعاً، وداعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة التصدّي لها والحدّ منها، واتخاذ السياسات المناسبة التي تضمن المصلحة الوطنية وكذلك مصلحة أولئك المهاجرين.
إن مصدر القلق الذي تحدّث عنه المجلس وأؤيده فيه، يكمن في عدم توافر معلومات كافية عن السعوديين المهاجرين وعن حياتهم وظروفهم المعيشية، إضافة إلى عدم وضوح أسباب اتخاذهم قرار الهجرة، فالهجرة عن بلد يختص بعدد من المزايا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، والاتجاه إلى بلدان تقلّ عن المملكة في كثير من الجوانب مثل مصر والمغرب ولبنان -بحسب ما أظهرت بيانات المهاجرين السعوديين- يعدّ مثاراً للتساؤل والتعجّب، لذا كان التأكيد على ضرورة التعرّف على ظروفهم ومدى تمتّعهم بحقوقهم لكونهم مواطنين سعوديين حتى وإن كانوا خارج حدود الوطن.
أعتقد أن وزارة الخارجية -ممثّلة بالسفارات السعودية- بوصفها المعنية بشؤون الرعايا السعوديين تتحمّل مسؤولية هذا الملف بشكلٍ كامل، فالبحث عن السعوديين المقيمين في عدد من دول العالم سواء المتقدّمة أو النامية، وبحث أسباب تواجدهم فيها والتحقّق من كونهم يحظون بالرعاية المناسبة، تشكّل ضرورة قصوى على الوزارة أن توليها الاهتمام اللازم، كما أشاطر هنا ما أوصى به مجلس الشورى في جلسته بأهمية العمل على «دراسة الظاهرة بشكل تفصيلي ودقيق بهدف رعاية مصالح السعوديين المهاجرين وحفظ حقوقهم، وتسهيل تواصلهم مع بلدهم الأصلي، والحيلولة دون أن يشكّل وجودهم خارج الوطن خطراً على الأمن القومي للبلاد، ودون تعرّضهم لمشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية».
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فإن قضيّة الهجرة خارج الوطن تقودنا كذلك إلى السعوديين المنقطعين في الخارج، الذين كانوا ضحيّة آبائهم ممن ارتبطوا بسيدات من جنسيات مختلفة وأنجبوا أبناءهم وتركوهم يواجهون مصيرهم منفردين، في صورة تتناقض مع مفاهيم الإنسانية، فبالنظر إلى أحدث إحصائية أظهرتها الجمعية السعودية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «اواصر»، نجد أنها تقوم برعاية 2283 أسرة، وعدد أفرادها 8013 فرداً موزعين على 31 دولة حول العالم، بمعنى أن هناك 8 آلاف سعودي وسعودية خارج حدود الوطن قسراً، وذلك لكونهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية، وآباء الكثير منهم لا يريدون الاعتراف بهم، فوجدوا أنفسهم هدفاً لرعاية جمعية خيرية تقدّم لهم مساعدات مادية وعينية بين وقت وآخر.
إن تكثيف الاهتمام بالمواطن السعودي في الخارج وتوفير حقوقه كافة، أمرٌ باتت أهميته اليوم تفوق -بأضعاف- ما كانت عليه بالأمس، خصوصاً في ظل استهداف بعض المنظمات والدول لأبنائنا وسعيهم المتواصل إلى شقّ الصف وبثّ التفرقة، لذا يجبّ التنبّه والحذر، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها حمايتهم وحفظهم من أي تهديد وخطر!.