د. سلطان بن راشد المطيري ">
الكويت هي الشقيقة والحبيبة والغالية لنا وهي الدولة الخليجية التي لايزايد على مواقفها أحد رغم صغر حجمها إلا أنها ملأت الدنيا حضوراً، وبذلاً، مواقف حقيقية، الكويت بأهلها وبمواقفها أكبر من حجمها بكثير، حتى استحق أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقب قائد العمل الإنساني.
تعرضت كما تعرضت غيرها من الدول الخليجية لأنواع من التهديدات والفتن والقلائل والإرهصات، بل والفتن الطائفية، لكنها تخرج من ذلك كله فتية أبية عصية عزيزة. وأخطر وأكبر تهديد هو ما تعرضت له إبان الاحتلال العراقي عام 1990م تاريخاً لا ينسى، ويوماً أسود عبوساً قمطريراً.
وقف العالم معها أجمع حتى تمكن أهلنا في الكويت من استعادة كامل التراب الكويتي في مدة لم تتجاوز أشهر.
وقد أبهر العالم هذا الاصطفاف غير المسبوق مع الكويت وقيام تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لأجل تحرير الكويت.
الموقف السعودي كان في تلك الأيام على قدر المسؤولية، وبحجم التحديات بتوجيهات المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز والذي فتح قلبه وبلاده وسخر إمكانيات البلاد ومقدراته لإخوانه الكويتيين، وقال كلمته المشهورة المدوية: (إما أن تعود الكويت أو تذهب السعودية معها).. وكان لهذه الوقفة وقعها الكبير في العالم وكان لها التأثير الطيب لعلاج تلك الجراحات التي أصابت أهلنا في الكويت.
والحقيقة إن تلك المواقف لايذكرها السعوديون، بل يتعمدون تجاهلها لأنهم يرونها من الواجب الذي يحتمه الدين والأخوة، والدم، والمصير المشترك، فلا خير فينا إن لم نقم بها هكذا كان يقول السعوديون. وهكذا المعروف رحم بين أهله وهو دين تاريخي حان وفاؤه يقول الأمير الشاعر الكبير خالد الفيصل سلمه الله:
مايغط الحق رجال بخيت
مانسينا يالكويت السابقات
يوم عز بدارنا حلو المبيت
استضفتونا زمان النايبات
لين أبوتركي ظهر من فوق هيت
واصطفق من نجد لجبال السراة
أما أنا فلا أدري فحبي للكويت يختلج عظامي ويجري مني مجرى الدم ليصب في قلبي حباً وتيها وحياة، أحبها حد النخاع هم أهلنا وقبيلتنا وعزوتنا وامتدادنا الكويت كبيرة، كبيرة بحكامها، بأهلها بشعبها ببرها بجوها بهوائها فحفظها الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
تلك الأيام لاتنسى كان الكويتيون والفضل لله ثم لحكومة الشيخ جابر الأحمد الصباح يوم ذاك تصرف مرتباتهم في كل مكان ولم يشعر يومها أي من المواطنين الكويتيين بأن بلاده محتلة أو أنه يعيش حياة اللاجئين بل كانت الإذاعة البريطانية تسمي أهلنا في الكويت (اللاجئين المترفين).
وحق لهم ذلك بفضل الله أولاً ثم حكومتهم الرشيدة ثم تلك الأيادي البيضاء في كل العالم أينما يممت في إفريقيا وشرق آسيا تجد أيادي أهل الكويت تسابق الريح إعانة ومساعدة للفقراء، والمعوزين واليتامى، بناء المساجد، والملاجئ والبيوت والمستشفيات ومراكز الدعوة، وحفر الآبار، وطباعة المصحف.. نشراً للدعوة الوسطية السمحاء، جمعيات النفع العام تقود العالم الإسلامي وأهل الخير من أهلنا في الكويت يعطون عطاء من لا يخشى الفقر حتى سمعت من أهل العلم والدين والفضل من يقول عن أهل الكويت: (الكويتيون يستوردون كل شئ ولايصدرون إلا الخير).. ولاشك أن هذا هو السر في عودة الكويت من المحتل في تلك المدة الوجيزة.
صفحة مظلمة يجرحني قلبي
عندما أذكرها لكنه التاريخ!!
وعموما ربما صحة الأجساد بالعلل، وسيذكر التاريخ بمزيد من الإكبار والإجلال التفاف الراعي والرعية، في مؤتمر جدة، للتأكيد على الشرعية الكويتية. وكذا وقف أهل الكويت في الداخل أيام الاحتلال مع الشرعية الكويتية رغم التنكيل والتهديد والقتل أياماً أثبت الكويتيون أنهم على قدر المسؤولية وعلى قدر الحدث.
قالت ودمع العين ينثال
كل الكويتيون أبطال
واليوم ها هو نجل الراحل جابر الأحمد الصباح الحاكم التقي النقي الصالح نحسبه كذلك ولانزكي على الله أحد، الذي أحبه الكويتيون وخرجت في وفاته الكويت عن بكرة أبيها لتودع وتدعو لجابر الخير، أميرها المحبوب، عليه شآبيب الرحمة والمغفرة وفي جنات النعيم أبو مبارك.
هذا نجله سمو الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح سفير الكويت لدى المملكة من تربى في مدرسة جابر الأحمد وتخرج من دبلوماسية عمه سمو الشخ صباح الأحمد الأمير الحالي للكويت رائد العمل الدبلوماسي وقائد العمل الإنساني بامتياز وبشهادة أهل الأرض ممثلاً بالأمم المتحدة.
سفيرالكويت في المملكة.. وهل تحتاج الكويت سفيراً لها في المملكة!!
فنحن شعب واحد، أهل وبيت وأرحام، لكنها البروتوكولات يقيم حفلاً رائعاً يجسد من خلاله عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين من خلال حفل استقبال وتبرع للدم في قصر طويق يوم الأربعاء القادم 24-2-2016م مساندة للجنود البواسل على الحد الجنوبي، وقد شرفني بدعوة شخصية هي محل تقديري واعتزازي، شرف رفيع، ووسام أتشرف بحمله.
شهادتنا في أهلنا في الكويت مجروحة وسمو الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح (أبو جابر) أكبر من كل الشهادات، شخصية رائعة حضور مفعم ،وكبير بحجم الأسماء التي تحتفي به، دبلوماسية براقة، أدب رفيع جم، حقيقة الرجل المناسب في المكان المناسب.
تواصل مع المواطنين والمسؤولين في المملكة، ووقوف مع أهل الكويت فيما يعترض لهم من مشاكل أو معضلات والسعي الحثيث في حلها، ما يختص بالمرضى وعلاجهم، والحوادث المرورية -لا قدر الله- أبو جابر أول المتابعين والمتصلين والمواسين، بل أبعد من ذلك متابعة ما يكتب في الصحافة السعودية والتواصل مع الكتّاب شكراً وتحليلاً.
ومتى يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
شكراً أبو جابر من القلب شكراً لدرة الخليج ودانتها الكويت وشكراً لقائد العمل الإنساني الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وشكراً لأهل الكويت.
وقفة سيذكرها التاريخ بإكبار ونثمنها نحن إخوانكم السعوديين كذلك، وليست غريبة بين الأشقاء، وليل سينجلي، وتاريخ يبقى، ويعود خليجنا لبهجته التي عهدها وتطوره المنشود بقيادة الأبطال الذين يحبون شعوبهم وتحبهم شعوبهم وصدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: جاء في صحيح الإمام مسلم عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ فَقَالَ لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».
فالحمد لله هذا واقعنا وهؤلاء أئمتنا نحبهم ويحبوننا وندعو لهم ويدعون لنا، ونحن معم نسير بإذن الله إلى بر الأمان شعوبا وحكاما في لوحة جميلة تجسد علاقتنا نحن الشعوب الخليجية بأبهى صورها.
قلت بهذه المناسبة للكويت الغالية:
دره دره يابلادي
بين حضر وبوادي
غاية القلب ومرادي
انتي انتي ياكويت
سالمه يسلم بوجابر
ثامر اللي به نفاخر
في المحافل في المنابر
عاليه تبقى الكويت
نتبرع بالدماء
الكويت أرض العطاء
الوفاء لأهل الوفاء
انتي انتي ياكويت
شكرا أبو جابر مرة أخرى موقف مشرف ودبلوماسية رائعة، وشعور وطني راق وإحساس بالمسؤولية عظيم، والكبير يبقى كبيراً والمواقف للكبار، وكأن المتنبي يعنيك أبا جابر في بعض أبياته:
كل يوم لك احتمال جديد
وسير للمجد فيه مقام
وإذا كانت النفوس كبار
تعبت في مرادها الأجسام
نحمد الله على نعمه ودامت أفراح الكويت الغالية، ونسأله أن يحفظ علينا أمننا وأماننا ويحفظ قادتنا وشعوبنا ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وشكراً ثم شكراً ثم أخرى ثامر الجابر الصباح.
- الرياض