إن لله ما أخذ، وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجل مسمى. عند سماع نبأ وفاة العم الأستاذ المربي الفاضل؛ أبي منصور، سليمان بن صالح العقيل رحمه الله، أحد رموز أسرتنا الكريمة، جالت بخاطري صفات نبيلة وفريدة اجتمعت في هذا الإنسان الطيب والمحتسب والصابر والتي يندر أن تجدها مجتمعة في شخص واحد خاصةً في وقتنا الحاضر، وأحببت أن أذكرها حتى يستفيد منها هذا الجيل الذي يلهث أكثره خلف عرض هذه الدنيا الزائل.
ولعل أول ما يجدر بنا الوقوف عنده هو إيمانه القوي، ويقينه الصلب بقضاء الله، وثباته اللافت أمام المصائب، فكان عند وقوعها راضياً محتسباً. فمنذ مايزيد عن الـ50 سنة مرت عليه ظروف، الله أعلم بها، تهد الجبال الرواسي، وتذهب بعقل الحليم، ولكنه ظل محتسباً صابراً، وما زادته إلا إيماناً ويقيناً، ولم يشعر بها القريب قبل البعيد، ومبعث هذا يقينه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ} و{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. {وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
ومن صفاته التي تميز بها حتى أصبح علماً فيها بيننا: صفة كظم الغيظ؛ فلمدةٍ تزيد عن الـ40 سنة لم أره غاضبا البتة، متمثلاً قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ومؤمناً بقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم «لا تغضب ولك الجنة» في رده على رجلٍ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني ودلني على عمل يدخلني الجنة.
ومن صفاته رحمه الله طهارة القلب وصفاء النية، حيث إن طيبته لاحدود لها. وهي من الصفات المتأصلة في نفسه، وهذه الطيبة في القلب نعمة منحها الله له، طوال حياته، لم يأبه بظلم أو بهتان، ولم يكن لسوء النية والاستغلال حضورٌ في نفسه طوال حياته فهنيئا له.
في الماضي كانت الطيبة ميزة يتميز بها الرجل، ولكن واقع اليوم ذهب بهذه الميزة، وشوه صورتها في النفوس؛ حيث أصبحت توحي بالسذاجة والضعف لمن يتصف بها، فإلى الله المشتكى.
كان رحمه الله ليّن الحانب، محبوباً من الجميع، متواضعاً، بعيداً عن كل تعالٍ وأنانية واستئثار.
وحريٌّ بمن اجتمعت فيه كل هذه الصفات أن يكون بمعية الله تبارك وتعالى الذي قال في محكم كتابه: (والله معكم ولن يتِرَكُم أعمالكم) أي لن ينقصكم ثواب أعمالكم بل يوفيها لكم الكريم سبحانه.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يجزل له ثواب عمله وأن يجزيه خير الجزاء وأن يجمعنا به في مستقر رحمته ووالدينا والمسلمين.
- محمد بن حمد العقيل